كلمة الإتحاد
من المستفيد؟

بداية، نستنكر جريمة الاغتيال التي جرت أمس، والتي لقي على إثرها رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وعدد من مرافقيه ومواطنون أبرياء مصرعهم في بيروت.
إن هذه الفعلة النكراء، والتي لا يمكن التغاضي عن توقيتها الحرج، لا تخدم المصلحة الحقيقية للشعب اللبناني ولأي من شعوب المنطقة. وفي الوقت ذاته، فإن المسارعة الى توجيه أصابع الإتهام الى سوريا، هي الأخرى لا تخدم المصلحة اللبنانية.
إن الأسئلة التي يملي المنطق السليم طرحها هي التالية: من المستفيد من زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة عموما، وفي الشأن اللبناني-السوري تحديدا؟ من المستفيد من زرع بذور الاحتراب الداخلي اللبناني؟ من المستفيد من تأجيج النزعات الطائفية وغيرها؟ من المستفيد من وضع سوريا في خانة الإتهام في المسألة اللبنانية؟
والإجابة التي نكاد نجزم بها، إستنادا الى التجربة التاريخية، هي ان الخيوط جميعها (في هذه المرحلة على الأقل) تشير الى إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين تشنان هجمة محمومة على سوريا لغرض وصمها بما يسمى بـ"الإرهاب"، لإطباق الهيمنة الأمريكية على المنطقة، وهو ما تقتضيه مصلحة حكومة إسرائيل.
لا يوجد طرف عربي واحد يستفيد حقا من اغتيال الحريري، الذي ثمة ما يقال عن سياسته إبان توليه رئاسة الوزارة. ويشمل هذا سوريا، والتي ثمة ما يقال بخصوص دورها هي ايضا في لبنان.
وهنا، لا بد من الانتباه الى جوقة النشاز التي تقوم عليها غالبية وسائل الإعلام الإسرائيلية، والتي ستنضم إليها في الأيام القريبة جهات سياسية و"أمنية" و"خبراء" لشؤون العرب لا محالة، لتحميل سوريا المسؤولية ومواصلة التحريض المنهجي عليها.
ونشير في هذا السياق، الى المحاولات الإسرائيلية المنهجية لاستدراج سوريا نحو مواجهة عسكرية مباشرة، والى العمليات الاستفزازية التي قام ويقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي ووحدة طيرانه تحديدا، في وفوق الأراضي اللبنانية والسورية، بذرائع واهية ليست إلا قناعا مكشوفا لعدوانية الحكومة الإسرائيلية واستماتتها في خدمة مصالح الإدارة الأمريكية في المنطقة.
لا بد من الجميع الى التريث، وخصوصا القوى اللبنانية المعارضة، والتي تضم قوى وطنية شريفة وحريصة، مؤكدين إن حساسية الموقف وتداعياته السياسية الإقليمية والعالمية لا بد أن تقود الى موقف مسؤول يرتقي الى مستوى التحدي، وعدم اللعب في ملعب بوش وشارون وأعداء الشعوب العربية والشعوب المستضعفة عموما.

("الإتحاد")


الثلاثاء 15/2/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع