واجب الساعة:
فرض الموقف المسؤول!

بألم وقلق شديدين تابعنا ما شهدته قرية المغار العربية الفلسطينية الباقية بأهلها جميعًا. إن هذه الممارسات العنيفة التي أقدم عليها نفر من الشباب الأزعر بحجة عمل فردي لا أخلاقي، لا يزال من غير المؤكد انه وقع أصلا – كما تقول الشرطة – ووضع الأمور كلها في السلة الطائفية العفنة، هو خطر يهددنا جميعًا، ونار قد تمتد ألسنتها في كل الاتجاهات. وهذا بالضبط ما يلزم العقلاء والشرفاء وأصحاب المسؤولية، من كافة ابناء شعبنا، باقتناص المبادرة الى إخماد هذه النار فورًا، ووضع الحدث في رأس سلم الأولويات أمام جماهيرنا العربية، لمعالجته وتطويقه، وبكل حزم!

نعرف أن بشاعة الحدث تدفع الى التفكير الغاضب وتجعل مشاعر البعض تطغى على أي شيء آخر. مع ذلك، ومن منطلق ان ما جرى ليس "حدثًا محليًا"، بل انه يهمّ كل جماهيرنا من الجليل مرورًا بالمثلث والساحل وحتى النقب، يجعلنا نصرّ على اعتماد الموقف المسؤول والعملي والوطني معًا، لمنع جعل هذا الانحراف قاعدة. يجب أن يطغى الصوت المسؤول على كل صوت. الطائفية عدونا المشترك، ولن نسمح للسانها المسموم أن يطال أهلنا وجماهيرنا ووطننا. هذا لن يمرّ!
نحن نضع الأمور في سياقها. ولا يحقّ لأحد، ولن نسمح لأحد بأن يفرض التقوقع والتشنج والعنف الطائفي على جماهير جرى الحفاظ عليها في وطنها بجهد وعناء ونضال على مدى أكثر من نصف قرن.. إن مأثرة البقاء هزمت مخططات السلطة جميعًا، فهل يمكن أن نسمح لنفر أزعر وآخر طائش وآخر مخدوع بأن يهدم هذا الصرح؟!
كلا وألف كلا!
ونقول هذا مع الإشارة بإصبع اتهام واضحة، حازمة، وقاطعة، الى سلوك شرطة اسرائيل، التي تؤكد كافة الشهادات والدلائل أنها لم تبذل ما بوسعها بذله لمحاصرة هذا الانفلات الأزعر! فقد امتنع أفراد الشرطة على مدى ساعات عن التدخّل الحقيقي، وتواجدوا في المكان بشكل صوري فقط.. ونحن الذين اكتوينا بالسلطة ومخططاتها ومحاولاتها تفتيتنا، لا نرى سلوك الشرطة كـ "خلل" فقط، بل انه سلوك مشبوه نطالب بالتحقيق فيه على أعلى مستوى. وفي الوقت نفسه، فإننا نطالب الشرطة (التي تعرف جيدًا كيف تقتحم قرانا ومدننا العربية في "مناسبات أخرى" بجحافلها!)، بأن تقوم بواجبها وتـُخضع نفسها للقانون الذي يفترض فيها حمايته، كي توقف هذه الزعرنات بشدة وحزم. فحتى الآن لا تزال الشرطة متهمة، ويجب أن تثبت العكس!
إن قيادة الجماهير العربية وأحزابها وأطرها الفاعلة مطالبة بوضع كل وزنها الشعبي والمعنوي لمنع التدهور أكثر. ونحن على ثقة تامة بأن العقلاء وأصحاب المسؤولية في هذه الجماهير بكافة فئاتها، بما في ذلك داخل الطائفة العربية الدرزية، هم الأغلبية، ولهم يجب أن تكون الغلبة. هذا هو واجب الساعة.
وسنظل نهتف ونثقـّف أجيالنا الشابة ونعمل بروح المقولة الخالدة: الدين لله والوطن للجميع!

الاتحاد


الأحد 13/2/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع