تعتبر قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إحدى أهم القضايا التي من خلالها تمتحن النوايا الحقيقية لحكومة شارون بخصوص مستقبل العلاقة مع القيادة والشعب الفلسطينيين.

يقبع اليوم في سجون الاحتلال أكثر من 8 آلاف اسير فلسطيني، من بينهم حوالي 400 اسير تم اعتقالهم وفرض احكام عليهم قبل اتفاقيات اوسلو، ومن بينهم ايضا، 21 اسيرا معتقلون منذ اكثر من عشرين عاما، و140 اسيرا معتقلون اكثر منذ اكثر من 15 عاما، وهناك 1200 اسير اداري غالبيتهم تقبع في السجون منذ اشهر طويلة، ومنهم من اكثر من عام وعامين، ومن بين الاسرى 128 اسيرة فلسطينية. ولكن الى جانب هذه المعطيات القاسية، فإن ما يقلق جدا ان من بين مجمل الاسرى هناك 361 اسيرا قاصرا من الفتيان والاطفال.
ومن بين الأسرى قيادات رفيعة للشعب الفلسطيني، مثل النائبين الفلسطينيين مروان البرغوثي وحسام خضر، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عبد الرحيم ملوح، وقيادات وشخصيات أخرى.
والحقيقة المرّة هي إن الحكومة ترفض التعامل بجدية ونوايا طيبة مع هذا الملف، فهي لا تريد دب الفرحة في بيوت الاسرى في كل حي وقرية ومدينة فلسطينية، وتصر على مواصلة التلاعب بمصير الناس، وفسح المجال أمامهم ليكون لهم امل لمستقبل افضل، في مجتمع لم يعرف في السنوات الاخيرة سوى الاضطهاد والقمع والقتل.
وتزعم هذه الحكومة تريد اطلاق سراح 900 أسير، ولكن على دفعتين، 500 اسير وبعد ثلاثة اشهر 400 اسير، اولا هذا رقم هزيل مقارنة باعداد الاسرى الهائلة في السجون، وثانيا فإن غالبيتهم يوشكون انهاء فترات محكوميتهم، ونحن ايضا نتمنى ان لا يبقوا منذ الآن ليوم واحد في السجون، ولكن ماذا عن باقي آلاف الاسرى؟ وعلى الاقل لو كانت الحكومة جادة، لكانت امرت باطلاق سراح 1200 اسير اداري تحتجزهم من دون اي سبب معلن، ومن دون محاكمة، ومن دون اي اجراء قضائي، على الرغم من رفضنا لمحاكمات الاحتلال.
وإذا كانت الحكومة جادة حقا، فلتبدأ على الاقل من 361 اسير من الفتيان والاطفال، الذين يعكس اعتقالهم وحبسهم عقلية الانتقام الوحشية.
لقد حان الوقت لحكومة شارون ان تقدم على اجراءات جدية، امام تحركات القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس من اجل التهدئة.