كلمة الاتحاد
ما بعد القمة!

لم يمنع تكرار كلمة "الأمل" في الكلمات التي أسمعت في قمة شرم الشيخ أمس الثلاثاء، غياب حقيقة أن الأمور لا تزال تدور حاليًا حول مفهوم "الأمن"، مما يفرض مسافة جدية تفصلنا عن الخوض في غمار السياسة بملفاتها الحقيقية.
وحين ننظر الى مجريات ونتائج القمة، نصطدم بسؤال يحمل في طياته التناقض الأساس: هل يمكن لها أن تقود الى انطلاقة سياسية حقيقية، رغم أنها جاءت أصلا محدودة بسقف أمني واطئ، مع العلم أن "الأمن" نتاج للأداء السياسي، وليس مؤديًا له؟
نقول هذا مع الاشارة، بأهمية، الى أن من شأن مجرد عقد القمة أن يخلق شعورًا من الارتياح، رغم الحذر، لدى الشعبين. لكن الواجب يقتضي القول بنفس النـّفـَس إن تعزيز هذا الشعور واستثماره لصنع خطوات ايجابية حقيقية في مصلحة الشعبين، منوطٌ بالتزام اسرائيلي بوقف الخطوات والعمليات العنيفة التي تميّز أي سلطة احتلال. وهذا ينطبق على ما أكده الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أن الخلافات لا تزال جلية حول قضايا المستوطنات والإفراج عن الأسرى والجدار الاستيطاني والمياه وإغلاق مؤسسات القدس، وبالطبع حقوق اللاجئين.
فهذه الملفات الهامة شديدة الحضور، ولن يطول اليوم الذي ستوضع فيه بكامل وزنها على مائدة الصراع التفاوضي. وعلى الرغم مما يقتضيه "حذر البدايات" من دبلوماسية، يجب المبادرة الى إعلان "موقف استباقي" يؤكد على وجوب التعامل مع ما سلف بعيدًا عن تكتيكات التسويف والمماطلة الاسرائيلية التي عهدناها طيلة العقد المنصرم.
فهذه القيادة الفلسطينية تقبض على الصاري وسط مياه عاتية، ومن حقها علينا دعم خطواتها الملتزمة بالإرادة والثوابت الفسطينية، وهي خطوات ستظل محكومة بظروف إقليمية ودولية شديدة الحساسية. والى جانب هذا، فإن نفس الحذر يقتضي التحذير من نهج السياسة الاسرائيلية الرسمية المتمثل بهدم المرجعيات وافتعال "ضجة تفاوضية" حول ما يُفترض أنه في حُكم مسببات الصراع التي يُقتضى إزالتها.
وبعيدًا عن اطلاق البلاغات المتشائمة يجب مواصلة الاحتكام الى الممارسة، وهو ما يجب صياغته كالتالي: هل يسيطر شارون على غريزته السياسية فيمتنع عن تقويض ما يجري بناؤه من أجواء جديدة (على الأقل) بين الشعبين؟
الاجابة والكرة في ملعب شارون، وهو وضع لم يبدأ من قمة "شرم الشيخ" أمس!

الاتحاد 



الأربعاء 9/2/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع