تصريح مزوز يثير جدلا مجددا حول الشعار ''دولة لكل مواطنيها''

تصريح مزوز، المستشار القضائي لحكومة اسرائيل، اثار جدلا واسعا بخصوص المساواة بين العرب واليهود بالنسبة لمناقصات الاراضي المعلنة من قبل ادارة اراضي اسرائيل مما جعله يعدله بحيث ان كل دونم يستأجره عربي تعوض عليه شركة كيرن قييمت لاسرائيل بالمثل دونم بدل دونم، وهذا زاد النقاش حدة وعلى اثر ذلك فقد اعلنت "عدالة "المركز القانوني للدفاع عن حقوق الاقلية العربية بانها ستقاوم ذلك قانونيا لانه يناقض مبدأ المساواة وهي على حق ونشد على ايديها.

اعتراني الانتباه الى مقالين كانا قد نشرا يوم 30/1/2005 في صحيفة "يديعوت احرونوت" بخصوص تصريح مزوز وعليه جاءت فكرة الرد هنا وليس في الصحيفة العبرية لانني كنت قد حاولت مرارا من قبل في حالات اخرى ولم ينشر لي - الظاهر لاني عربي.
بروفسور روت جبزون، المحاضرة في كلية الحقوق في الجامعة العبرية ورئيسة جمعية حقوق المواطن سابقا، كتبت مقالا عن ذلك وتضمن مواضيع اخرى في سياق المساواة وشعار "دولة لكل مواطنيها" وهي تعتبر بان دولة اسرائيل هي دولة يهودية ولكن ليست بدولة التوراة التيئوقراطية وان وجود مؤسسات صهيونية تهتم بالشؤون اليهودية كالكيرن قييمت الاسرائيلية وغيرها لا تناقض بينها وبين الدولة، ترى ان الحل هو الوسط بين تيارين الاول الذي يرى بان كل محاولة تدعو على ابقاء على خصوصية دولة القومية اليهودية هي شكل من اشكال العنصرية والثاني هم الذين يعتبرون بان كل موافقة على التنازل عن السيطرة عن اجزاء من اراضي اسرائيل، والتأكيد علىعدم التمييز تجاه غير اليهود هو هدم للصهيونية ودولة اليهود.
بنظر بروفسور روتجبزون كلا الرأيين خاطئان وخطيران ومن جهتها فهي توافق على المساواة تجاه العرب وايضا على التنازل عن اجزاء من اراضي اسرائيل لان غير ذلك يعني السيطرة على شعب آخر مما يجعل الدولة لا يهودية ولا دمقراطية، كما وانها تعتقد بانه لا يمكن للدولة ان تتخلص من واجبها بعدم التمييز بواسطة نقل صلاحية رسمية من صلاحياتها لمؤسسات تخص الشعب اليهودي.
على ضوء هذا يمكن القول بان بروفسور روت جبزون لا توافق مزوز على تعويض المؤسسة اليهودية كيرن قييمت لااسرائيل بدونم مقابل دونم.
اعتقد ان رأيها ايجابي ويتوافق مع رأي القاضي اهرون براك رئيس محكمة العدل العليا الذي يوافق على شعار "دولة لكل مواطنيها" طالما الامر يتعلق بالمساواة فقط.
هناك مقال آخر نشر بنفس اليوم وبنفس الصحيفة للمحامي يرؤون فيستنغر عضو في اللجنة المركزية لنقابة المحامين والذي كان مرشحا لرئاستها وقد فشل والحمد لله، وقد انكشفت الآن آراؤه المعادية للعرب وان قام بترشيح نفسه من جديد فلا اظنه سينجح لان المحامين العرب يشكلون اليوم نسبة عالية. هذا المحامي ينتقد القاضي اهرون براك الذي كتب في كتابه الجديد "القاضي في المجتمع الدمقراطي" وادلى بتصريحاته الاخيرة في حفل تعيين قضاة جدد بان اسرائيل هي دولة يهودية وكونها كذلك لا يبطل كونها دولة لكل مواطنيها ولكن فقط ان لا يتعدى ذلك المساواة. أي بمعنى آخر انه يقر ويعترف بالمساواة بتأجير اراضي الدولة للعرب، مما جعل مزوز يخاف من اصدار حكم من قبل المحكمة العليا لمشكلة الاراضي ولذا قام بالتعديل المذكور لقراره الذي يعتبر التفافا على موافقته الاصلية.
المحامي فيستنغر علق بمقاله على رأي القاضي براك بقوله بان رأي براك يمثل فئة قليلة مثقفة من الاكاديميين ورجال القانون وانه يصب في الغاء يهودية الدولة ويشكل خطرا واهما لها، وفي هذا الصدد نقتبس شيئا من اقواله كالآتي:
"فكرة دولة لكل مواطنيها، معناها انه على اسرائيل ان تتوقف بان تكون البيت القومي للشعب اليهودي... وبتعبير لرئيس المحكمة العليا السابق موشيه لنداو: "السعي للمساواة حتى الانتحار" ذلك هو التيار المثقف وهو فاعل في الاكاديمية والقانون، هو موجود على هامش السياسة الذي يتنكر للاسس الاساسية لوجودنا هنا والذي يرغب فعلا بابطال وثيقة الاستقلال... ومع كل التعاطف مع النضال العربي من اجل المساواة بجميع الحقوق فليس باستطاعة الدولة ان تزودها بحل هويته القومية الذاتية كعربي فلسطيني مع ما تحمل من المشاكل والمآسي... ان غالبية الشعب ترفض شعار الدولة لكل مواطنيها..." وهنا يستشهد باقوال سابقة للقاضي براك بقراره لمنع عزمي بشارة وحزبه خوض انتخابات الكنيست بقوله عنه: "اسلوبه بان دولة اسرائيل هي دولة لكل مواطنيها تقترب بشكل خطير لامكانية الغاء وجود دولة اسرائيل كدولة يهودية". ويستطرد ويقول بان القاضي براك قد غير وجهة نظره حيث انها اصبحت تشابه وجهة نظر ميرتس المعتدلة اكثر من دولة لكل مواطنيها بطلبها في الكنيست تبني شعار "دولة يهودية ودمقراطية لكل مواطنيها" والتي لم تنجح في القبول في الكنيست بسبب المعارضة الجارفة ولن تنجح في المستقبل على حد تعبيره.
اقوال المحامي فيستنغر المذكورة غير صحيحة بان شعار الدولة لكل مواطنيها لا يلغي ولا يعارض وثيقة استقلال الدولة لان مبدأ المساواة والمعتمد عليه في قرارات كثيرة لمحكمة العدل العليا يستمد قوته من تلك الوثيقة وان رافعي الشعار من العرب قد حجموه وقلصوه وحددوه بحيث انحصر فقط في المطالبة بالمساواة في الحقوق ولا يتعدى هذا الحصر الذي لا يشمل بمعناه الاوسع كالاسرلة، القومية اليهودية، الخدمة في الجيش او الخدمة المدنية او الوطنية وهذا الحصر والتقليص يفرغ مقال حضرة المحامي من مضمونه ولا حاجة له.
 على كل حال، نحن نثمن ونقدر ونشجع نهج القاضي براك وبروفسور روت جبزون وغيرهما واي نهج كان هدفه ترسيخ مبدأ المساواة في الحقوق، ولكن برأينا فمن الصعب تحقيق ذلك في المستقبل القريب حتى وان تحقق السلام في المنطقة كلها وذلك لانه ستبقى فئة قوية ومسؤولة يهودية تخاف على يهودية الدولة وعلى امتيازاتها الخاصة لهذه الفئة منها الاقتصادية والسياسية، لذا ففي واقع الامر فلا قانون ولا قول او تصريح او سابقة قانونية تنص على المساواة لها امل في التطبيق الكامل طالما لم يحدث تغيير جذري واساسي في الفكر والرأي العام الاسرائيلي ولكي يحصل ذلك يحتاج الامر الى التغيير الاساسي في مناهج التعليم والتثقيف على المساواة والدمقراطية وحقوق الانسان كما هو الحال في الدول الاوروبية المتحضرة والنيرة وحتى في الولايات المتحدة. وضروري ايضا التغيير في سياسة الحكومة وحسن النية والانفتاح على الغير والاعتراف بباقي القوميات التي تشكل المجتمع الاسرائيلي. ويتطلب الامر النضال المثابر والطويل وليس الاسترخاء لان الحق يؤخذ ولا يعطى، هكذا الامر حتى بين الفئات والطبقات والشرائح والتنظيمات المهنية في اسرائيل. وحتى نتنفس الصعداء ونقول بانه توجد مساواة كاملة في الحقوق ستبقى مشاكل كثيرة عالقة وبحاجة لحل ومنها مشكلة الاراضي والسكن والتعليم وغير ذلك.
حتى الانفراج التام سيبقى شعار الدولة لكل مواطنيها يثير جدلا من حين لآخر على الاقل بين المثقفين والاكاديميين والجامعات وفي بعض الصحف العبرية.

(ام الفحم)



المحامي رفيق جبارين *
الأثنين 7/2/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع