كلمة الاتحاد
شارون واشتراطاته الممجوجة

بعد يوم واحد على مهاتفة الرئيس الأمريكي جورج بوش للرئيس الفلسطيني المنتخب حديثًا، محمود عباس، جاءت مهاتفة ثانية، أمس، وكان على طرفها الآخر أريئيل شارون.
في الحالتين، كان مجرد المهاتفة خبرًا يحتل مكانة بين العناوين. ولكن الحاجة يجب أن تظل شديدة الالحاح، في قراءة متبحّرة لما يقع تحت هذا النوع من العناوين بالذات.
فرئيس حكومة "الوحدة" الاسرائيلية الجديدة، كرر مواقف الأمس حين عاد على اسطوانة "الأولوية هي محاربة الارهاب، وهي سابقة على المفاوضات".

فمن الواضح أن النضوج الفلسطيني المتمثل بالخطوات الهامة لترتيب البيت الداخلي بعد رحيل الزعيم التاريخي ياسر عرفات، تضيء "مصباحًا أحمر" في أروقة شارون. فما كان حجته الدائمة لرفض التفاوض، لم يعد ملائمًا كمادة للتسويق والتذرّع.
ورغم ذلك نراه يكرر مقولات ممجوجة من إرشيفه العنيف. مفردات الارهاب لا تزال سلاحه (فعلا ومجازًا!).
من هنا، يجب التنبّه والتنبيه، منذ الآن، الى أن مجرد اطلاق مبادرات شكلية لاستعراض النوايا "الحسنة"، لا يجب أن ينطلي على أحد. فليست المهاتفة هي الهامة، بل ما تضمنته - هذه الاشتراطات الجديدة/القديمة.
اعتمادًا على التجربة المريرة، فإننا نتوقّع أن يحاول شارون في المرحلة القريبة تمييع التطورات الأخيرة، وهو ما قد يتخلله افتعال أزمات جديدة و "حياكة" ملفات اتهامية للقيادة الفلسطينية المنتخبة. فهدف شارون كان على الدوام إبعاد ساعة الحسم عنه، خاصة أنه صاحب نظرية التسويات المجزأة الممتدة على "ما شاء الله" من سنين، دون تحديد.
من هنا، فالمطلوب هو سحب البساط من تحت قدمي الجنرال العنيف شارون، وهو ما يمكن أن يتم في مسارين:
الأول: تطبيق الطرح العقلاني الفلسطيني القائل بتنظيم فوضى السلاح، وتحديد هدف وأساليب المقاومة بحيث تتجمع خيوطها في مركز المصلحة الوطنية الموحدة العليا. هذا يجعل العديد من القوى في موضع المساءلة، ويلزمها بالالتزام بالأجندة الوطنية وليس بتلك الفصائلية  أو الفئوية.
في المسار الثاني – وبموازاة ما سلف - فإن "هجمة سلام" فلسطينية حازمة مبرمجة ومدعومة بالتأييد الشعبي الواسع للقيادة المنتخبة، سيكون بمقدورها تسليط الضوء، دوليا، على ممارسات شارون (التي لا نتوقع أن يغيرها بشكل جوهري دخول حكومته حلفاء اليوم/الأمس، من "العمل").
فالمطلب الفلسطيني الشرعي صاحب قوة الحق، يجب أن يتسلح الآن بالذات بأقصى حدود الحنكة. فكميات الكلام المعسول التي يتوقع أن تُسكب من دهاليز شارون وبوش، تستدعي الحذر المضاعف – والحنكة المضاعفة، بالتالي.

الاتحاد


الأربعاء 12/1/2005


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع