اللد والرملة – تاريخ، عراقة.. وتمييز عنصري

*قبل التطرق الى معالم واطلال مدينتي اللد والرملة التاريخية والعمرانية والدينية يجب التوضيح ان حياة السكان في الاحياء القديمة يرثى لها ولكن الناس طيبون، فحين رأونا في الشارع او الزقاق او قرب جامع او كنيسة سألونا من اين انتم؟ فأجبناهم: نحن من الجليل وحيفا. وكنا نرى السعادة والترحاب على وجوههم. ولكن في قلوبهم يعتصر الالم والاحتجاج على اوضاعهم الاجتماعية والسكنية والتمييز الواقع من قبل السلطات*

انضممت يوم السبت الماضي الى جولة في مدينتي اللد والرملة نظمتها "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" حيث صادف (11-12) الذكرى الـ (56) لصدور القرار الدولي (194) الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى ديارهم التي هجّروا منها في عام (1948).


كان اليوم مشمسا، ودافئا مما سهل في انجاح هذه الجولة كما ان الشوارع والازقة شهدت حركة سير قليلة والسكان في بيوتهم يستريحون يوم السبت من عناء الاسبوع. زودتنا الجمعية بمواد حول هاتين المدينتين العريقتين وقدم الشرح الوافي الاستاذ جميل عرفات، والاستاذ فريد الحاج يجيى والسيد عبد الله زقوت – ابو نجم من مواطني مدينة الرملة.
بودي التوضيح قبل التطرق الى معالم واطلال مدينتي اللد والرملة التاريخية والعمرانية والدينية بان حياة السكان في الاحياء القديمة يرثى لها ولكن الناس طيبون، فحين رأونا في الشارع او الزقاق او قرب جامع او كنيسة سألونا من اين انتم؟ فأجبناهم: نحن من الجليل وحيفا. وكنا نرى السعادة والترحاب على وجوههم. ولكن في قلوبهم يعتصر الالم والاحتجاج على اوضاعهم الاجتماعية والسكنية والتمييز الواقع من قبل السلطات. فيلفت نظرك المباني الحديثة والجميلة تعلو الى جانب  الاحياء العربية القديمة، العريقة وكأن لسان حالها يقول: "نحن فوق وانتم تحت".


مع انه تقرر ان تقتصر الجولة على زيارة معالم واطلال اللد والرملة الا اننا لا يمكن ان نغض الطرف ونضع رؤوسنا في الرمل كما تفعل النعامة. فالاحياء العربية القديمة، ازقتها وشوارعها مهملة والمباني متصدعة بحاجة الى ترميم، والاحياء متناثرة مهملة. فما يجعل الزائر او السائح يدخلها، هو المعالم الدينية والتاريخية وكأن الواقع يقول "نزور الحجر ونهمل البشر!"، مع ان البشر هم الذين صنعوا التاريخ وعمروا المسكونة. فالاحياء العربية تصرخ وتنادي لماذا هذا التمييز العنصري من قبل السلطات؟ فمن يتجول في احياء اللد والرملة القديمة يتبادر الى ذهنه "العالم الثالث" مع اننا في دولة تعتبر نفسها متقدمة علميا، وتكنولوجيا ونسير في ركب الدول الغربية!
نحن نسمع في نشرات الاخبار "مقتل شاب في اللد او الرملة على خلفية جنائية او ضبطت الشرطة تاجر مخدرات او اعتقلت عصابة سرقة سيارات الخ..."، هذه الاخبار السيئة والمسيئة، هي كل ما يعرفه المواطن في اسرائيل ويسمعه عن هاتين المدينتين وكأن الاوضاع المزرية والاهمال لا علاقة لها.
ونترك الجواب لدى القارىء ولدى السلطات وممثلي الجمهور العرب من اعضاء كنيست وغيرهم حتى يعيدوا النظر فيها!

الاحياء العربية في مدينة اللد

بقي في اللد بعد العام (1948) حوالي (1000) انسان عربي من اصل (18) الفا، وتحولت الى اغلبية يهودية واقلية عربية في احصاء (1998) أي (18,7%) أي حوالي (17) الف عربي من اصل (70) الفا من مجموع سكانها.
سجلت اللد ثلاث موجات من الهجرة العربية للمدينة، الاولى في الخمسينيات كمهاجرين داخليين كمحصلة لحرب (1948). اما موجة الهجرة الثانية فكانت في نهاية الستينيات لعرب بدو من النقب، اما الموجة الثالثة فكانت لمهاجرين من العملاء بالاساس، وصلوا المدينة في التسعينيات من قطاع غزة. اما الاحياء العربية في المدينة فهي: حي المحطة بجوار حي "بيارة شنير" ويشكلان سوية جزءا من المنطقة الاحصائية رقم (44) يسكنه حوالي (2500) من العرب اذ يشكلون (97%) من السكان في المنطقة حتى عام (1995).


ان جزءا كبيرا من المنطقة السكنية للحيين يعتبر منطقة زراعية حسب خارطة البناء المصدقة للمدينة، والجزء المتبقي مخصص للصناعة والمباني العامة. يتألف حي المحطة من قسمين: الاول "حي المحطة الاصلي" والثاني يشمل مشروع السكن الجديد الذي بادرت اليه بلدية اللد في التسعينيات، وبقي جزء كبير من البيوت السكنية اشبه بالبراكيات. اقيم مشروع السكن الجديد المعروف "واحة السلام" بجوار حي المحطة الاصلي بهدف اخلاء السكان لكنها لم تفلح في اخلاء الجميع وتبدو الشوارع والابنية في الحي مهملة.
في حي "بيارة شنير" وبسبب الحاجة، تمت عملية بناء غير رسمية ولا منظمة، جزء من البناء في الموقع هو بناء فاخر، ولكن بدون بنية تحتية مناسبة اما الطرق فقد شقت في غالبيتها بأيدي السكان وقسم منها يمر عبر مستوطنة نير تسفي المجاورة.
اما في وسط حي المحطة فمن المخطط اقامة ابنية عامة تشمل مدرسة ابتدائية ورياض اطفال ومركزا جماهيريا وعيادة.
* حي نفي ييرك يقع شرق المدينة، وغرب البلدة القديمة. وهي الحي الاول الذي جرى تخطيطه لصالح السكان العرب في السبعينيات.
* حي مركز المدينة – البلدة القديمة- يقع في غرب وجنوب غرب حي "نفي ييرك" ويشكل السكان العرب نسبة (38%) من سكان المنطقة. قسم من البيوت القديمة للسكان العرب في الحي مهدم او مهدم جزئيا.
* حي رمات اشكول شرق البلدة القديمة – جنوب حي نفيه ييرك يشكل السكان العرب (45%) من سكان المنطقة.
* حي السكة  يقع الحي عبر خطة سكة الحديد بجوار نفيه ييرك. غالبية السكان هم من البدو يعيشون غالبيتهم في ظروف سيئة. وتشكل سكة الحديد خطرا على حياتهم.


* الاحياء العربية في الرملة *

تحولت مدينة الرملة مثل المدن المختلطة الخمس بعد الـ (1948) الى مدينة تسكنها اكثرية يهودية واقلية عربية حيث بقي في المدينة بعيد (1948) حوالي (1000) عربي جرى تجميعهم في البلدة القديمة مما اتاح للدولة وضع يدها على الاملاك العربية في المدينة. يبلغ عدد السكان العرب في المدينة القديمة حوالي (3) آلاف نسمة يشكلون نصف سكانها. واضافة الى البلدة القديمة فان السكان العرب يتجمعون في موقعين في حي الجواريش وغان حكال.
استوعبت المدينة في الاحياء العربية عشرات الأسر من العملاء من الضفة والقطاع.
* البلدة القديمة  يقع الحي جنوب المدينة، يعاني من نقص في المباني السكنية للعرب ويعاني  
   السكان من ضائقة اقتصادية، تحولت غالبية الاملاك العربية في الحي الى ملك حكومي.
   جزء كبيرمن الاسر العربية في البلدة القديمة تعيش في مبان قديمة تابعة لشركة عميدار. بجوار    
    مركز المدينة.  يقع "حي المحطة" العربي الذي يقع بين الشارع الرئيسي وخط السكة الذي يشكل خطرا على حياة المواطنين.
* جان حكال  يقع في الجهة الشرقية للمدينة، خارطته التفصيلية مخصصة للصناعة ولا تخصص مساحات اضافية مستقبلية للسكن او للمباني العامة.
* حي الجواريش: يقع في الجهة الجنوبية – الغربية للمدينة اقيم في الخمسينيات.
يشكل العرب نسبة (98%) ويصل عددهم الى حوالي (3) آلاف نسمة يتألف الحي من قسمين  الاول: قرية الجواريش الثاني: قرية البدو. اقامت البلدية جدارا لعزله عن المدينة بدل ايجاد حل للضائقة الاجتماعية.


*مفترق طرق هام تاريخيا*

قبل عام 1948 كانت مدينة الرملة تعتبر مفترق الطرق الرئيسي في وسط البلاد، حيث كانت تربط بين مدينتي يافا والقدس والشارع الداخلي فيها كان يربط بين شمال البلاد وجنوبها. تقع مدينة اللد على مسافة (3) كم شمال مدينة الرملة، اذ كانت هذه المدينة تعتبر مفترق طرق السكك الحديدية الرئيسي قبل (48). هاتان المدينتان كانتا داخل حدود الدولة العربية حسب قرار التقسيم (1947) واهميتهما بالاضافة الى ما ذكر هو قربهما من مدينة يافا التي كانت ضمن المنطقة العربية داخل اراضي الدولة اليهودية. وفي (12) تموز (1948) سقطت مدينتا الرملة واللد على يد القوات الاسرائيلية وتعرضتا لعملية تهجير ونكبتا سكانيا وعمرانيا.
تقع مدينة اللد في السهل الساحلي، يحدها من الجنوب مدينة الرملة ومن الشرق وادي ايلون (وعرف سابقا وادي "شيحة") ومن الغرب صرفند. في عام (1948) كانت رقعة المدينة (3855) دونما وبلغ عدد سكانها عام (1946) اكثر من (18) الف نسمة.
اما مدينة الرملة فقد كانت قضاء يضم (54) قرية عربية اضافة الى اللد وبلغ عدد سكانها (127) الف نسمة وحوالي (4) آلاف بدوي من قبائل السواركة والجرابيع والقلايمة وبئر السبع اضافة الى (26) مستوطنة يهودية. اسس مدينة الرملة سليمان بن عبد الملك (712-717م) حاكم فلسطين الذي تولى الخلافة فيما بعد. الرملة هي المدينة الوحيدة في فلسطين التي بنيت على يد المسلمين في اعقاب الفتوحات خططت لتكون عاصمة ادارية لجند فلسطين بدلا من قيسارية. في الفترة العثمانية تحولت الى مدينة تابعة لمنطقة غزة واصبحت محطة للقادمين من يافا الى القدس وبالعكس عدا عن كونها ملتقى طرق لقوافل الحجاج وللقوافل التجارية القادمة من مصر وسوريا واقيمت فيها سوق كبيرة. وفي عام 1799 اقام نابليون معسكره في الرملة ومنه هاجم مدينة يافا. اما بالنسبة لمدينة اللد وقد ورد ذكرها في العهد القديم باسم "لود". وفي العهد الروماني عرفت باسم "ليدا" نسبة الى الليديين الاغريق. ويقال ان القديس بطرس زارها مبشرا بالمسيحية ويرتبط اسم مدينة اللد  بالقديس جوارجيوس – مار جريس - حيث توجد رفاته في كنيسة على اسمه ويطلق عليها المسلمون كنيسة "الخضر" نسبة الى الخضر وهو القديس جريس.

* معالم الرملة *

سكنت الرملة عائلات عريقة ما قبل (48) منها عائلة خيري، التاجي، بلاسي، الوهاب، امسيس، ضبيط، زعرور، البلوط، الصوصو، النابلسي، مبدا، نحاس، العيسوي، جعفري وغيرهم. انتشرت فيها عدة مدارس وهي: مدرسة الجمعية (اليوم مدرسة عمال) مدرسة الراهبات، مدرسة التيراسانطا، ومدرسة العباسية.
اما جوامعها: الجامع الكبير/ العمري، جامع المغاربة، جامع الشيخ رسلان، جامع النبي صالح، جامع مهدي ابو لبن، جامع ابو العباس، جامع البيين (يسكنه الآن محمد حسنين). احياء الرملة: المحطة، كرم الست، الكافوري، الزحامنة، حارة المغنى، حوش المصري، حارة الجمل لعيد الجمل.
مقابر الرملة: الشرقية، باتجاه القدس قرب سكة الحديد، ومقبرة النبي صالح.
ويذكر ان مساحة الاراضي الزراعية في الرملة بلغت 39 الف دونم من بيارات وكروم الزيتون. يقع في مدخلها جسر "جنداس" بني في عهد الظاهر بيبرس عام 1268، حيث شيد ايضا المجسد الابيض الضخم ويحتوي على مئذنة فخمة وشاهقة، ويعرف هذا الجامع بجامع النبي صالح او البرج يصل ارتفاعه الى 30 مترا وفيه (111) درجة ويحتوي على خزانات مياه جوفية.
ومن اطلال مدينة الرملة "حمام رضوان" او حمام الوزير، وهو حمام تركي اقيم في الفترة العثمانية.
كما يقع في الرملة كنيسة القديس جوارجيوس اقيمت عام 870 م ورممت عام 1935 على يد البطريركية الارثوذكسية الاورشليمية. كما ان دير وكنيسة التيراسانطا ما زالا في الرملة منذ عام 1903 ويعودان للكنيسة الفرنسيسكانية، اقيمت على انقاض نزل من القرن الـ (15) م. ويقول التقليد المسيحي، "ان الرملة سكنها يوسف الراماوي تلميذ المسيح الذي انزله مع نيقوديموس عن الصليب ولفه بالكفن وقبره.
اما بالنسبة لمعالم الرملة الاخرى فهي "عين العتريّة" او "بركة الاقواس"، بنيت في العصر العباسي في فترة هارون الرشيد وتتميز بكونها خزانا للمياه وبنيت الاقواس داخلها، وما زالت حتى يومنا حيث يقوم المتجولون على القوارب بمشاهدة هذا المعلم التاريخي. يفصل بين اللد والرملة "بير زيبق" وما زال حتى يومنا هذا.

* معالم اللد *

اقيمت في مدينة اللد عدة أندية ثقافية ورياضية ابرزها: النادي الرياضي الثقافي ولاسلامي، النادي الارثوذكسي، النادي الاسلامي والسرايا الكشفية. اما مدارسها فكانت: المدرسة الصلاحية للبنين، مدرسة السكة الغربية، مدرسة المحطة، المدرسة البروتستانتية، المدرسة الارثوذكسية التابعة للبطريركية في القدس.
مسجد دهمش: يقع في وسط مدينة اللد القديمة، اقام المسجد خليل دهمش وبنى حوله حوانيت كثيرة اوقفها للمسجد. اغلق المسجد عام 1948 واعيد فتحه بعد ترميمه عام 1996.
الجامع الكبير او المسجد العمري الذي يلتصق جداره بجدار كنيسة القديس جوارجيوس.
كنيسة القديس جوارجيوس حيث توجد رفات مار جريس، تتبع البطريركية الارثوذكسية في القدس ويلاصقها الجامع الكبير او العمري.



تقرير: رزق ساحوري
الأربعاء 15/12/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع