في الندوة التي عقدتها ''الجبهة'' حول الموضوع:
''الخدمة القوميّة'' – رفض قاطع لجميع الصيغ الرسمية!

*الجبهة تؤكّد أنّ ربط الحقوق بالواجبات هو موقف غير ديمقراطي، ومتخلّف أيضًا * الندوة تعرض تصوّرات وتوجّهات قيّمة في موضوع "الخدمة القوميّة"*

كفرياسيف ـ من رفيق بكري ـ  تحت عنوان "الخدمة القوميّة – المخطّط والتحديات"، عقدت الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة ندوة هامّة، حضرها جمهور غفير من مختلف القرى والمدن العربيّة غصّت بهم "دار الصداقة" في كفر ياسيف.

* الأوساط الرسميّة تحاول فرض "الخدمة القوميّة" بديلا للخدمة العسكريّة *

إفتتح الندوة وتولّى عرافتها المحامي شادي شويري طارحًا عددا من الأسئلة، منها: ما هو موقف الجماهير العربيّة، وموقفنا نحن، من "الخدمة القوميّة"؟ ولماذا وما هي سبل العمل المتاحة أمامنا للرد؟
وأكد شويري أنّ الأوساط الرسميّة تعمل على فرض "الخدمة القوميّة" على جماهيرنا العربيّة كبديلٍ للخدمة العسكريّة، ويجب الانتباه للمخططات التي تحاك ضدّنا كجماهير عربيّة في هذه البلاد؛ وأن نتحاور ونتدارس بشأنها وأن نخرج من دائرة ردّ الفعل الى دائرة الفعل.

*"لجنة لبيد" التي أقرّت "الخدمة القوميّة" ودفنت إيجابيات " لجنة أور"*

وقدّم سكرتير الجبهة عودة بشارات مداخلة معلنا أن هذه الندوة ولأهميّة موضوعها، تبث بشكلٍ مباشر على موقع الجبهة على الإنترنت.
وقال أنّ الجبهة قد ناضلت من أجل أن تقوم"لجنة أور" بفضح أساليب الشرطة والسلطة، فالسلطة هي المسؤولة الرئيسيّة والمباشرة عن مقتل 13 زهرة من شبابنا، وعمدت على توتير الأجواء من أجل تمرير المذبحة.
وأضاف أنّه بعد ثلاثة أشهر من الإعلان عن توصيات لجنة أور أقيمت لجنة لبيد بهدفها المعلن وهو تنفيذ توصيات لجنة أور، ولكنّها أقيمت وعملت على دفن كل ما هو إيجابي في توصيات لجنة أور، وقذف الكرة إلى ملعب الجماهير العربية، خاصة وأنها أقرت إقامة مراكز "الخدمة القوميّة" في قرانا ومدننا العربيّة.

* دولة ديمقراطية حقيقية لا يمكنها الربط بين الحقوق والواجبات*

وقدّمت عايدة توما – سليمان، عضو مكتب الجبهة القطري، مداخلة أكدت من خلالها على حرص الجبهة في طرح هذا الموضوع الشائك وأهميّة الخروج من دائرة الصمت وانتظار ما يفرض علينا، ورفع موضوع الخدمة "القوميّة" أو "المدنيّة" أو "الوطنيّة" إلى لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، من أجل اتخاذ موقف موحّد، خاصّة أن هناك رؤساء سلطات محليّة عربيّة يدعمون ويتواطأون في تمرير المخطّط بشكلٍ طوعيّ، وأنّ جمعيّة عربيّة قد أقيمت هدفها دفع الشباب إلى الانخراط في "الخدمة القوميّة"، مشيرة إلى أنّ هناك محاولات سلطويّة تهدف إلى اقتناص الشباب بشكلٍ فرديّ، لفردنة توجّه وتعامل الجماهير العربيّة مقابل الدولة، وتقوية الموقف القاضي بأن "المواطن في خدمة الدولة" وليس العكس.
وأضافت أنّه كلما اشتدّت مطالبتنا بحقوقنا القوميّة كلما اشرأبّ عنق "الخدمة القوميّة"، وأكّدت أنه في دولة ديمقراطيّة حقيقية لا يمكن الربط بين الحقوق والواجبات، لأنّ المواطن له الحق في الحصول على حقوقه دون شروط مسبقة. واقترحت توما القيام بحملة سياسيّة وشعبيّة من أجل تطبيق توصيات لجنة أور، وإجراء دراسة جديدة للمطالبة بتطوير قرانا ومدننا العربيّة وبناء المؤسسات التربوية والثقافية والرياضة، وعندها يُفتح المجال وبشكل جماعي وبقناعة من قيادة الجماهير العربية لصياغة آلية لخدمة وطنية حقيقيّة.

* مخيّمات العمل التطوّعي في الناصرة كانت أشرف الخدمات الوطنيّة، والسلطة حاربتها بقوّة *

وقدّم د. مروان دويري، المحاضر في كلية عيمق يزراعيل ورئيس إدارة مركز "عدالة"، مداخلة أكّد فيها أن الجماهير العربية قد حدّدت شكل علاقتها مع الدولة. فهي تريد أن تناضل من خلال مواطنتها. وأسهب في شرح سيرورة هذه القناعة، وجعل من عام 67 تاريخًا مفصليًا رأت فيه الجماهير العربية مسألة بقاء اسرائيل أمرًا واقعا، وهو ذات العام وذات المسبّب الذي ازدادت فيه ثقة اسرائيل بنفسها ، مما جعلها أكثر انفتاحًا في التعامل مع الجماهير العربيّة من ذي قبل. وهنا تساءل دويري أمام الحضور: إذا كنّا قد حسمنا مسألة مواطنتنا في الدولة، فماذا نريد أن يتغيّر فيها؟
وأضاف أنّ مخيّمات العمل التطوّعي التي بدأت في الناصرة في السبعينيات، والتي حاربتها السلطة، يجب العمل على إعادتها وتوسيع نطاقها ردًا على "الخدمة القوميّة"؛ واعتبرها أحد الأجوبة المحرجة للسلطة، وأكد على ضرورة الانفتاح لدى الجماهير العربية وتقبّل الآراء المختلفة من خلال نقاشٍ جماعي وموضوعي، وبهذا التفاعل الفكري لا بد أن نصل في نهاية المطاف إلى النتيجة الأسلم.

* يجب طرح مشروع مدني بديل يزجّ السلطة في زاوية محرجة*

وقدّم د. أمل جمّال، المحاضر في قسم العلوم السياسيّة في جامعة تل أبيب، مداخلة أشار فيها إلى أنّ سياسة "الخدمة القوميّة" هي ذات السياسة الاسرائيلية التي كانت متبعة منذ الخمسينات، وتهدف إلى إحراج موقف الجماهير العربيّة، فمعادلة السلطة "أنت لا تخدم في الجيش، إذًا لا يحقّ لك تلقّي خدمات" هي معادلة مبنيّة على تطبيق مشروع مدني ومبرمج، واختطاف أفراد للإنخراط في "الخدمة القوميّة" والعسكرية من أجل كسر شوكة المطالبة بالشراكة في سياسة الدولة.
وأضاف أن مشروع "الخدمة القوميّة" لا يهدف إلى شراكة العرب، وإنّما إلى التأكيد على اختلاف العرب عن اليهود الذين يخدمون في الجيش.
وطرح جمّال السؤال التالي: نحن ندفع الضرائب، فهل نحن شركاء في تقاسم الموارد الضريبيّة؟ وقال: نحن نبني على أرضنا، فهل الدولة تساعدنا في تجهيز البنى التحتيّة، بينما اليهودي المهاجر إلى اسرائيل يحظى بكلّ هذه التسهيلات؟ لذلك، فالمشاركة شيء والشراكة شيء آخر، ونحن نريد كليهما.
واقترح جمّال الشروع بمشروع مدني آخر يزج السلطة في زاوية الإحراج وليس العكس بأن نُزجّ نحن في هذه الزاوية..  وأكّد على ضرورة أن نكون شركاء في اتخاذ القرارات على مستوى تقاسم الموارد الماديّة والرمزيّة والمعنويّة، وإقامة جسم يحدّد واقع وأهداف المجتمع الفلسطيني داخل اسرائيل.
وأسهب جمّال في الحديث عن جريمة فرض الخدمة الإلزاميّة على أبناء الطائفة العربيّة الدرزيّة، وضرورة إعادتهم إلى حضن الهويّة العربيّة.

*إذا لم تكن الوحدة الوطنيّة كفيلة بحماية شعبنا، فسيلجأ البعض للاحتماء بالسلطة*

وقدّم النائب محمد بركة، رئيس مجلس الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة، مداخلة مؤكّدًا على أنّ موضوع "الخدمة القوميّة" يُطرح ليس كمنازلة أكاديميّة، وإنّما في سياق سياسي يهدف إلى توفير الحجّة للسلطة وأذرعها للإبقاء على سياسة التمييز العنصريّة تجاه المواطنين العرب. وأكّد على أنّ الجماهير العربيّة ترفض الخدمة العسكريّة وكلّ بدائلها، وتعتقد أنّ الدولة والمؤسّسة الحاكمة هي المطالَبة بإثبات توجّهها المدني من خلال تحقيق المساواة التامّة بدون أي اشتراطات، فنحن لا نخدم في الجيش لأنّنا لا نريد ولأنّ الدولة لا تريد. وعندما فرضت السلطة الخدمة الاجباريّة على أبناء الطائفة العربيّة الدرزيّة فإنّما أرادت بذلك تفسيخ الأقليّة العربيّة في البلاد وضرب وحدتها.
وأكّد بركة أنّه عندما نطالب بحقوقنا القوميّة والمدنيّة فنحن لا نستجدي هذه الحقوق من الدولة، إنّما نقوم بمعركة ديمقراطيّة وحضاريّة لتثبيت حقوقنا المدنيّة والقوميّة.
وأضاف أنّه من الضروري أن نطرح أسئلة حادّة وملحّة على أنفسنا، وعدم تعليق كلّ شيء على شمّاعة المؤسّسة الحاكمة. فماذا فعلنا لمنع إنشاء ظاهرة تسلّل شباننا وشاباتنا إلى "الخدمة الوطنيّة" والخدمة العسكريّة؟ وأين أخطأ بعضنا لكي تنتشر هذه الظاهرة؟
وأضاف أنّه إذا لم تكن الوحدة الوطنيّة قادرة على حماية أبناء شعبنا فإن بعضهم سيلجأ إلى الاحتماء بالسلطة، لذلك فارتفاع نعرات النزاعات الداخليّة واعتماد الخطاب الطائفي من البعض سيؤدّي إلى اختراقات في مجتمعنا وفي قناعاته، ويجب أن نعيَ إلى جانب ذلك الواقع الطبقي وازدياد الفقر، الأمر الذي قد يؤدّي ببعض الشرائح الضعيفة في مجتمعنا إلى اللهاث وراء رغيف الخبز وإلى انكشاف ظهرها في المعركة مع السلطة، وإلى عدم تكريس اهتمامها بالقضايا الجماعيّة، الوطنيّة السياسيّة والاجتماعيّة.
هذا وشارك الحضور في النقاش وإبداء الآراء. ومن الجدير ذكره أن جميع الخطباء والمشاركين أكدوا أهميّة الندوة وموضوعها، وأهميّة متابعة ذلك على مختلف المستويات.



الثلاثاء 30/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع