كلمة "الاتحاد"
ليثبتوا أنهم شركاء!

يعقد وزير الخارجية الامريكي كولن باول (الذي سيترك وظيفته قريبًا)، اليوم، اجتماعات مع المسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين تحت عناوين عدة أبرزها "الدور الامريكي في انجاح الانتخابات الفلسطينية". ويجب التأكيد على الفور، ان واشنطن بحاجة الى عبور امتحانات عديدة كي تثبت انها تقوم بدور الوسيط، وليس بدور الظهر والغطاء والذراع التي تحمي سياسة الاحتلال الاسرائيلية.

في هذا السياق نورد ما كان صرح به جورج بوش بعد اعادة احتلاله الرئاسة الامريكية حول اقامة دولة فلسطينية "حتى انتهاء ولايته". فمعنى التصريح هو تجاوز بل دوس الخطة المسماة "خارطة طريق" التي ارتبط اسمها باسمه، إذ انها تحدثت عن إقامة دولة فلسطينية في العام المقبل 2005، وبهذا التصريح يرجئ بوش ومن طرف واحد (هو الطرف الاسرائيلي أيضًا) التاريخ بثلاث سنوات أخرى. ولكن هذا التجاوز الفظ لم يبدأ مع تفوهات بوش المذكورة بل بدأ وتفاقم مع توفير الحماية وبشكل متصاعد لكل جرائم الحرب الاسرائيلية، من اغتيالات وتدمير بيوت وفرض جدار الفصل الاستيطاني.
والآن، حين يأتي المسؤولون الأمريكيون تحت عنوان المساهمة في تهدئة حدة النيران، يجب ان يجري وضع تاريخهم (القريب، فالبعيد سيطول!) المنحاز لحكام اسرائيل كملف قائم بذاته. يجب أن يثبتوا أنهم "شركاء" في دفع التفاوض وليس "شركاء" شارون في فرض املاءاته التوسعية.
وفي قضية الانتخابات الفلسطينية، التي قال احد مساعدي باول، وليام بيرنز، امس، انها ستحظى بالدعم الامريكي، يجب التوقّف عند بعض التصريحات الرسمية الاسرائيلية التي تتعامل مهعا واشنطن بعادية مريبة. فقد نقلت وكالة رويترز عن احد المسؤولين امس قوله ان "الجيش الاسرائيلي يمكن ان يبتعد عن الواجهة" خلال الانتخابات. وتابع المسؤول نفسه ان "المهم ليس معرفة كيف سيتم الاقتراع بل ما اذا كان سيؤدي الى تغيير في خيارات الفلسطينيين".
معنى هذا الكلام الخطير هو ان اسرائيل الرسمية تسعى لاجراء عمليات تجميلية واخراج الجيش "من الواجهة" فقط، وفي الوقت نفسه تطلق بلاغات عن طلباتها الخاصة حتى بشأن هوية من قد ينتخب.. فباسم الدمقراطية تقول ان "المهم ليس معرفة كيف سيتم الاقتراع" – وهي بهذا تحاول خلق الوهم ان المشكلة ليست في احتلالها وتواجدها العسكري المباشر في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وذلك بهدف التنصّل من حقيقة ان الاحتلال التوسعي الاستيطاني هو المشكلة والعائق بل حقل الألغام أمام أي تطوّر من شأنه تهدئة الأوضاع، ولو في الحد الأدنى.
ان المطلب الآن هو سحب قوات الاحتلال والقمع الاسرائيلية بحيث تنقلع عن فضاء الفلسطينيين الى ما كانت عليه في ايلول 2000  كأقل تعديل فورًا، وكخطوة أولى ضرورية. وهنا، يتوجب على حكّام اسرائيل تقديم الأدلة على أنهم شركاء، والأمر نفسه ينطبق على "الوسيط" الأمريكي المنحاز.

(الاتحاد)


الأثنين 22/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع