على ضريحه

ترقد في عرينك بين التراب المقدس الذي احببته ونذرت عمرك العريض وفكرك الثوري الثاقب له وبين الورد الذي عشقك واستشهد ليضمّك.
هي استراحة المحارب.
يوما او بعض يوم.
يا اسطورة خسرتها الالياذة!!

عين على صخرة حطين وعين على صخرة الاقصى. الاولى تقول لك ثلاثا مثل عادتك: انا ظهرك!! والثانية تنادي: يرونني بعيدة ويراني قريبة.
لا بد ان تقوم كما قام جدك الثائر الفلسطيني الاول وتملأ سماء القدس نورا وطيبا.
نحن على موعد في السبت القادم.. القادم.
تقبض على عنان ناقة ابيك ابن الخطاب وتمشي وتمشي الملايين من شعب الجبارين وراءك تكبّر وتهلّل وتنشد:
ع القدس رايحين
شهداء بالملايين
وصدى الصوت يعبق في اودية الخليل وحواري قصبة نابلس وازقة جباليا.
يا عمار بن ياسر!
يا ابا عمار ياسر!
تقتلك الفئة الباغية
قالها الحبيب قبل اربعة عشر قرنا.
وملوك الطوائف ورؤساء قبائل الردة توافدوا الى قاهرة المعز ليتأكدوا من موتك عسى ان يرتاحوا.
ذرفوا دموع التماسيح امام الكاميرات وصلوا عليك بالعبرية ثم ركبوا ابلهم العصرية وعادوا الى عواصمهم يغسلون ايديهم ويرددون: نحن ابرياء من دم هذا الصديق!
انهض يا فينيقنا كي يتساقطوا صرعى كما كانوا اذلاء في حياتك وحضورك.
انهض ابا عمار كما نهضت من قبل في صحراء العرب. العرب البائدة. والعرب العاربة، والعرب الغاربة!!
تموت يا سيد فلسطين في ارقى بقعة في اوروبا.
ويصلّى عليك في اشهر بقعة في افريقيا.
وتدفن في اطهر بقعة في آسيا.
أهي الاقدار ام عالميتك؟
اسمك في كل مكان. يبكيك الصينيّ والفيتناميّ والكوبيّ والفرنسي والافريقي..
ملأت الدنيا واشغلت الناس في مماتك كما ملأتها واشغلتها في حياتك..
ايها الميت الحيّ
ارعب العدو موتك كما ارعبتهم حياتك.
واخافهم تابوتك كما اخافتهم بندقيتك.
رقص الاعداء الانذال في شوارع القدس وشربوا كؤوس النبيذ فرحا وابتهاجا بموتك فبرهنوا على بهيميتهم من جديد. ورددنا على لسانك قول السيد المسيح: اغفر لهم يا ابتاه انهم ضالون. انهم ضالون. انهم ضالون. ملأ الحقد قلوبهم واجوافهم وفاض على الارض نتانة.
يا سيد الصمود،
من اين لك هذه الاعصاب فوق البشرية؟!
يحاصرونك في غرفة ونصف الغرفة. تقصف الطائرات عرينك، تقذف الدبابات حممها على حصنك.. ويصلون الى مرمى حجر من غرفتك.. فتطل من الشباك مشرعا مسدسك السرمدي، رفيق عمرك وتصرخ.. هبت رياح الجنة.. شهيدا شهيدا شهيدا!!
فيتراجعون..
هبت رياح الجنة وتضوعت في ارجاء المقاطعة بين اكياس الرمل وبين الدمار.
شهيدا شهيدا شهيدا!!
وتزرع الصمود في نفوس الشعب، شعب الجبارين.
في قلوب الرجال.
في نفوس النساء.
في ارواح الاطفال.
اربع سنوات من ابادة البشر والشجر والحجر وما رفع واحد من هذا الشعب الاسطوري خرقة بيضاء.
وهل يستسلم احد ابوه ياسر عرفات؟؟
هم ابناؤك وبناتك.
شيخ من رفح في الثمانين من عمره يبكيك ويبلل الدمع شعر لحيته البيضاء ويقول: ليش تركتنا يا بوي!!؟
وطفل من مخيم عسكر ينتحب بلوعة: وين رايح يابا؟!!
وزوجة اسير تندب: مين لاولادي بعدك؟!!
وانت..
انت يا سيد الصمود، يا سيد الشهداء، ويا ابا الجميع تطل من التابوت المحمول على سواعد الآلاف في ساحة العرين وتقول بهدوء: يا ابنائي.. لقد تركت لكم ارثا ان تمسكتم به فلن تضلوا ابدا.. ان تمسكتم به فلن تضلوا ابدا.. ان تمسكتم به فلن تضلوا ابدا.
لن نضل.
لن نضل.. لن نضل..
وروحك الطاهرة ترف بيننا وحولنا وفوقنا..


محمد علي طه
السبت 20/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع