ياسر عرفات: الرمز والاسطورة

أخيرا وبعد صراع مع المرض والموت غاب القائد، الرمز والاسطورة ياسر عرفات، فارس المقاومة الفلسطينية ورجل المهمات الصعبة، رجل السلام الثائر وحامل البندقية وغصن الزيتون معا، رجل المبادىء والقيم الثورية الخالدة الذي ارتبط اسمه بالثورة الفلسطينية المظفرة.

كان كبيرا بحجم معاناة وطموح شعبه وبحجم آماله في مستقبل مشرق وغد افضل، كرس حياته من اجل القضية الفلسطينية، فكان مناضلا ومقاتلا فذا من الدرجة الاولى وحارسا امينا للحقوق والثوابت الوطنية وظل طوال اربعين عاما على رأس الحركة الوطنية الفلسطينية حتى اصبح قائد نضال الشعب الفلسطيني وانتفاضته من اجل تحرره واستقلاله وتقدمه.
طاردوه في المنافي وخافوه في حياته ومماته لانه ارعب المتآمرين ووقف عقبة في وجه المؤامرات والمخططات التصفوية التي تستهدف اغتيال وافشال المشروع الوطني الفلسطيني، وحاصروه في بيروت وتونس وغزة هاشم ورام الله فلم يركع او يلن ولم ينكس الراية او يفرط بالثوابت الفلسطينية وبقي صامدا يقاوم بكل ما اوتي من قوة يتحدى القهر والموت والحصار.
تميز ابو عمار بكوفيته الفلسطينية التي كان يرتديها، وبشخصيته الكريزمية وفكره الثاقب ورؤيته العميقة والبعيدة وبنهجه السياسي المستند الى الجماهير والمؤمن بالدمقراطية اعمق الايمان.
وكان بمثابة مؤسسة كاملة يدير شؤونها بنفسه، وامتلك كل صفات القائد التاريخي وعرف كيف يقود السفينة الى بر الامان.
ان ابا عمار انسان ثوري اصيل، لم يعش في القصور والعمارات الشاهقة وبقي بدون شقة او بيت خاص يؤويه وينام فيه، بل عاش حياته في الخنادق والسراديب وفي اتون المعارك وخلف المتاريس.
لقد ترك ابو عمار فراغا هائلا في الساحة السياسية الفلسطينية لن يملأه احد غيره، وغيابه يجب ان يتحول الى زخم جديد للوحدة الوطنية الغلابة وللزحف الجماهيري الثوري الفلسطيني بمقاييس اكبر الى ان تنتصر الارادة الفلسطينية ويتحقق الحلم الفلسطيني.
ان خسارة الشعب الفلسطيني بوفاة ياسر عرفات فادحة وجسيمة لانه رجل المواقف والقرارات في الازمات والصراعات السياسية وبلا شك ان فقدانه هو علامة فارقة في التاريخ الوطني والنضالي الفلسطيني.
حمل ابو عمار دمه على كفه وحين جاءته المنية وفارق الحياة خطرت ببالي القصيدة الخالدة التي فاضت بها روح شاعرنا الكبير معين بسيسو خلال الحصار الذي تعرض له ياسر عرفات في بيروت وعبر فيها عن ولائه لقائد الثورة الفلسطينية الشجاع والتي قال فيها:
هذا الصهيل، وانت باق في فمك.
هذا الرحيل، وانت باق في دمك.
هذا الحصار، وانت باق في دمك.
ويبايعونك، انك الكبش المكحل، ذو الجدائل
 انك الكبش المسربل بالقرنفل والسنابل.
انت المطارد، كل امرأة تخبىء طفلها الآتي ليولد في يدك انت المطارد،
كل هذا الشارع الممتد من قمر الى جحر معك.
وانا وانت هنا، ويشتد الحلك.
ونضيىء شريانا فيرتد الحلك.
ونظل نسكن في الشرايين التي طالت ضفائرها.
ان الالم ليعتصرنا جميعا لرحيل القائد الملهم وفارس الثورة وقائدها ابي عمار ولكن هذه هي سنة الحياة وتطورها ومشيئة القدر، وعزاؤنا ان ياسر عرفات هو من القادة الذين لا يموتون لانه اضحى رمزا واسطورة وجذوره ممتدة في اعماق كل طفل وشبل وشاب وصبية وامرأة وكهل فلسطيني وقد ترك بصماته الواضحة على صفحات مجيدة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني.
فالف رحمة لك وعليك يا ابا عمار والف وردة وقبلة على جثمانك الطاهر، وعهدا بان يواصل شعبك مسيرة التحرر والسير على دربك الثوري حتى تحقيق حلمك ونيل السيادة الوطنية.

(مصمص)


شاكر فريد حسن
الخميس 18/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع