الموقف لا يموت وإنْ مات الانسان

ها هو الموت، مرة تلو المرة، يحاول إحكام حصاره لمساحة حياتنا الضيّقة أصلاً في زمن الرداءَة.. يحاول قهرنا برائحة ملونة دون استئذان، يعبث بصيرورة حياتنا حتى يكملها بالفناء.. لكن لا يعني هذا انه ينتصر بالضرورة..

وبعيداً عن التقديس الذاتي للامور والاشياء ، فإن رحيل ياسر عرفات ، وإن بدا "دعابة قدرية"، فهو محاولة عابثة من موت الاشياء في سرمدية الحياة..
فحتى بطقوس موته اراد ان يقول لنا هذا الحاضر موقفاً، والغائب جسداً، ان للحياة معنى.. والمعنى هو السبيل الشائك لفهم الحقيقة.. والحياة ليست محصورة بفعل الحركة المجردة، إنما بفعل ما تحمل من معنى ودلالات.. فعرف متى وكيف يقول "لا" لميكرونيزيا واخواتها، حتى في لحظات إختلال توازن القوى..
صارع الموت بشموخ وعناد، حتى بدا موته إرادياً.. عرفات تجاوز ذاته المحدودة حيّزاً وبات موقفاً وبوصلة ً، حَاضِراً ابداً وإن غاب الجسد..
آلَمْ نقرأ في أيام موته الاخيرة رسالة فلسطينية، كنعانية الاُصول،  اراد ان يقول عبرها جهاراً:
كفانا موتًا  سريريّا..
الى اللقاء.. يا من قهرت الموت بالموت، والحياة بالحياة، سائلينك ان توصل رسائلنا وتحياتنا الى أخيك توفيق زياد.. وإنا باقون على العهد...


عبد عنبتاوي
الأحد 14/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع