عرفات يُخيفهم في الحياة والممات

ترجل الفارس ولكنه لم يرحل من عقولنا وقلوبنا، رغم ان وسائل الاعلام الحاقدة، زفت رحيله للمرة المليون خلال الايام الماضية، شاربة نخب الخلاص منه، راقصة على دمه، شأنها شأن قادة حكومة اسرائيل، الذين اثبتوا للقاصي والداني انهم اقزام صغار، لن يرتقوا الى منزلته، مهما ادعوا وروّجوا وذرّوا الرماد في العيون، فطيّب الذكر الرئيس الراحل "ابو عمار" سيبقى رمزا شامخا للنضال الوطني الفلسطيني طيلة العقود الاربعة الماضية.

وها هو يخيفهم ميتا اكثر مما اخافهم حيا، فتصدر آلة الدمار الاسرائيلية اوامرها العسكرية بعدم السماح بدفن جثمانه في اولى القبلتين وثالث الحرمين، التي ظل يهتف لها ليل نهار: "راجعين ع القدس شهداء بالملايين".
ومهما تعنتت حكومة اسرائيل، كشرت عن انيابها، اظهرت حقدها الدفين وكالت له التهم الغوغائية: فستبقى هي زعيمة الارهاب، الاجرام، القتل، التصفيات الجماعية، الاغتيالات دون تمييز بين طفل رضيع، شيخ كهل او امرأة حامل.
نحن على ثقة تامة ان الشعب الفلسطيني لن ينتظر طويلا حتى ينقل رفات زعيمه الى القدس، كما انتظر الشعب اليهودي لنقل رفاة زعيمه هرتسل الذي توفي عام 1904 ونقل الى القدس عام 1949، أي بعد 45 سنة، ولن ينتظر شعبنا الفلسطيني كما انتظر الشعب اليهودي لنقل رفات زعيمه جابوتنسكي الذي توفي عام 1940 ونقل الى البلاد عام 1964 أي بعد اكثر من عشرين سنة، فالمسافة بين رام الله والقدس اقصر بكثير من المسافة بين فينا والقدس او بين امريكا والقدس كما حدث لجثتي هرتسل وجابوتنسكي، ولأننا نعي ان حكام البلاد الحاليين يتجردون من كافة المشاعر الانسانية والاخلاقية، الا ان الامر لن يتوقف على شططهم وعنجهيتهم، فسيأتي يوم قريب يرفرف فيه العلم الفلسطيني الخفاق فوق ربوع القدس العربية، وستحتضن رفات القادة الشهداء العظام جميعهم ولن يغيب عن بالنا الشهداء: ابو جهاد، ابو اياد، غسان كنفاني، كمال ناصر، كمال عدوان، محمد يوسف النجار والقائمة طويلة.
وكما اطلقت الحكومة الاسرائيلية اسم "جبل هرتسل" على احد جبال القدس، فسيطلق الاخوة اسم جبل أبو عمار على احد جبال هذه المدينة العربية الخالدة وستحتضن ايضا رفات هؤلاء القادة كما تحتضن رفات: فيصل الحسيني، ووالده عبد القادر الحسيني وغيرهما من القادة الفلسطينيين البارزين.
والشعب الفلسطيني بألف خير، سيضمد جراحه، ويرفع فوق الحدث وسيبرهن للقاصي والداني ان ياسر عرفات باق في القلوب وستبقى المسيرة في نهجها وصراطها المستقيم، وستكون قيادة وطنية مسؤولة تثبت للقاصي والداني، ان هذا الشعب المثقف جدير بالاحترام، وسيعرف كيف يخلد عظماءه وكبار قادته، اسوة ببقية شعوب المعمورة.
لأبي عمار الرحمة والى جنات الخلد، ولشعبنا الفلسطيني الحر طول البقاء وحسن العزاء وعلى الباغي تدور الدوائر.

(حرفيش)


نمر نمر
الأحد 14/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع