أخافهم سلام الشجعان - فعن أي سلام يبحثون؟

ياسر عرفات كان القائد الرمز لمسيرة الشعب الفسطيني، عرفناه من خلال نضالاته وقيادته لمسيرة هذا الشعب الصامد، اقتربنا اليه أكثر فعرفنا فيه القائد الفذ الذي لا ينحني، اقتربنا أكثر وأكثر والتقيناه عدة مرات في مقره المحاصر في رام الله فعرفنا فيه الأب الحنون ذو المشاعر الرقيقة تجاه أبناء شعبه. كانت الابتسامه لا تفارقه، والامل بمستقبل أفضل وغد مشرق لكافة الشعوب، واليوم بفقدانه نفتقد قائداً ورمزاً وأبا حنوناً قل ما نجد أمثاله.

لكن الساسة في اسرائيل يعتقدون أن غياب الرئيس الفلسطيني القائد الرمز ياسر عرفات، تفتح أمامهم الابواب على مصراعيها لتنفيذ مخططاتهم بالقضاء على القضية الفلسطينية، من خلال طرحهم لمشروع السلام كما يرونه هم. ويعتقدون أنه بغياب الرئيس الرمز سوف تنوجد قيادة بديلة تنسجم مع طروحاتهم.
هذه الاوهام التي عبر عنها ساسة في اسرائيل ما هي الا العوبة مستمرة للقضاء على أي أفق سلمي وعادل لاحلال السلام القائم على العدل باحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحل عادل لقضية اللاجئين.
فخلف تصريحات وزير القضاء الاسرائيلي يوسيف لبيد، بأن ياسر عرفات "قاتل ويداه ملطختان بدماء آلاف اليهود وهو قائد للارهاب، وهو الذي أوجد تنظيم القاعدة من خلال الطريق الذي سلكه، لذلك لا يوجد ما آسف عليه برحيله"، تتكشف العقلية الفاشية المجرمة والتي تجلس في حكومة الارهاب من خلال ممارساتها العدوانية وسياسة القتل والاغتيال والدمار والهدم بحق الشعب الفلسطيني الأعزل. تنسى هذه الاعمال الاجرامية اليومية التي تمارسها حكومة الاحتلال والدمار الاسرائيلية بقيادة أبو المجازر شارون.
ومثلها جاءت تصريحات أريئيل شارون رئيس حكومة الارهاب، بتاريخه الحافل بالمجازر والقتل والدمار، وهو يدعو الفلسطينيين لاستغلال "الفرصة التاريخية" بوفاة عرفات وخلق قيادة بديلة تلبس بدلة المشروع الامريكي الاسرائيلي للسلام في الشرق الاوسط.
فهم كانوا على دراية كافية بأنهم لم يستطيعوا كسر الرئيس الرمز ياسر عرفات بالتنازل عن الثوابت الفلسطينية الاساسية.
وعندما طرح الرئيس عرفات التسوية التاريخية في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر سنة 1988 بالقبول بمبدأ دولتان للشعبين، أي اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس وحل عادل لقضية اللاجئين، الى جانب اسرائيل، أدخل آنذاك الحكومة الاسرائيلية في دوامة من المتاهات، وسعت لاحقاً خلال هذه الفترة كلها لوضع العراقيل ورمي الطابة في الملعب الفلسطيني، لافشال الوصول الى تسوية سياسية تضمن الحق الاساسي للشعب الفلسطيني باقامة دولته الى جانب اسرائيل.
لم يستطيعوا كسر شوكة الرمز عرفات، من خلال ارغامه على كسر الثوابت الفلسطينية، وكان آخرها في لقاءات كامب ديفيد بين عرفات وبراك برعاية أمريكية وضغوط عربية مذلة تضغط على عرفات بالقبول بتسوية سياسية بعيدة عن الثوابت الفلسطينية.
لكن الرئيس عرفات ظل صامداً. حاصروه، قطعوا الكهرباء والماء عنه لكنه لم ينحني وظل شامخاً صامداً قائدا لمسيرة الشعب الفسطيني وبوصلته الحقيقية، كان يرفع في يده سلاح النضال والمقاومة والكفاح وفي يده الثانية غصن الزيتون ويطرح سلام الشجعان، الذي طالما أخافهم، هذا الطرح النابع عن المسؤولية ليس فقط تجاه الشعب الفلسطيني بل أيضا تجاه الاسرائيليين أيضاً.
الكرة اليوم في الملعب الاسرائيلي وليس الفلسطيني كما يدعون ويسعون لخلق قيادة بديلة للشعب الفلسطيني، فكل قيادة جديدة ستظهر على الساحة الفلسطينية سيكتب لها النجاح والصمود بفضل البوصلة الموجهة لمسيرة هذا الشعب والتي صاغها الرئيس الرمز ياسر عرفات، لذلك فالكرة الآن في الملعب الاسرائيلي، وبيد الشعب في اسرائيل لايجاد قيادة بديلة لحكومة اليمين حكومة القتل والدمار، حكومة تسعى الى تسوية سياسية لوقف نزيف الدم من كلا الشعبين. فهل من مجيب لهذه الدعوة؟


صبري حمدي
الأحد 14/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع