في وداع عرفات لا بُد من:
رسالة للشعب اليهودي

اذا ما اختلى أي "اسرائيلي يهودي" في هذه البلاد بينه وبين نفسه، وسألها عن السبب الكامن وراء المقاومة الفلسطينية، فانه وحتما لن يلقى تلك الاجابة التي تقذفها بوجهه حكومات اسرائيل منذ بن غوريون ولغاية شارون. تلك الحكومات التي انتهجت ولا تزال سياسات اقل ما يقال عنها، بانها وجدت لتقدس وتخلد طبقة سياسية حاكمة في اسرائيل، هدفها اغناء مصالحها حتى لو كانت على حساب الشعب اليهودي نفسه.

ان هذه الطبقة بتلوناتها ومجمل تكتيكاتها، سخرت من الشعب اليهودي وقودًا في معارك تربعها سيدة فوق عرش اسرائيل!

واتخذت في تجسيد اوهامها فوق ارض الواقع، ماكينة اعلامية اعطتها من باب ذر الرماد في العيون، هامشا واسعا من الدروس والعبر التي تعينه على مواصلة الطريق للتخلص من احتلاله وبراثنه.
ومن هذه على سبيل المثال وليس الحصر، ان هذا الشعب تمكن وتحديدا في فترة عرفات: ان يجمع ما بين البندقية وغصن الزيتون، أي ان يقول: انا لا اطلق الرصاص رغبة في الرصاص نفسه، بل من اجل ان يعلو غصن الزيتون الاخضر افق الحياة، ويصبح هذا الغصن سيد الموقف والساحة.
وللأسف: لم يفهم هذه الرسالة الانسانية السامية ابناء عمنا، كما يقال، اليهود، لم يفهموها، لان حكامهم ترجموها لهم بالنوايا الخبيثة المبيتة. لان فهمها لو حصل، لوفّر ليس علينا كفلسطينيين، بل على اليهود انفسهم آلاف الضحايا. واكثر من ذلك لم يدخل الشعب اليهودي في سراديب الخوف والقلق اليومي في شوارعهم وحاراتهم وحتى داخل منازلهم.
التحرك الدمقراطي! لدرجة ان غياب الدمقراطية، وبالمعنى الادق تغييبها في ساحاتنا العربية، جعلنا نرى تلك الماكينة الشيطانية بانها ام الدمقراطية!
ان حكومات اسرائيل المتعاقبة، اضطرها تقوقعها من اجل مصالحها ان تغقل حركة التاريخ المستمرة. هذه الحركة التي عصفت بمن هو اغنى واقوى وامهر من حكام اسرائيل.. وفي ذات الوقت، فان الشعب الذي يسمن من اجل استغلاله، عليه ان يمارس قراءة هذه الحركة بوعي خارج عن نطاق وقيود مستغليه. ويرسم لنفسه طريقا يسير عبرها وفق منظور التاريخ المشرق، والذي يبقي للانسان انسانيته شامخة عالية، ويجعل غيره من القوميات الاخرى يكن له الاحترام والتقدير والتبجيل..
وبحكم موقع الشعب الفلسطيني الواقع عليه الاحتلال، اضطر هذا الاخير ان يفهم وبوعي التاريخ، ويستنبط بالتالي منه والآن، وبعد هذه المقدمة والتي اراها جد هامة وضرورية، انتقل لتأكيد ما يلي:
ان نضالنا الفلسطيني ما كان له ان يوجد ويستمر ويتصاعد الا للرد على سياسات حكومات اسرائيل الخرقاء المتشنجة، والتي رأى فيها ضرورة ملحة للتعجيل من استقلاله وخلاصه الوطني واقول: التعجيل: لان شعبنا الفلسطيني ادرك، وفوق جلده، وامام استمرار محاولات اهدار كرامته: ان حكام اسرائيل ليسوا لوحدهم في مواجهته، بل معهم ويدعمهم حتى النخاع وبشكل عصبوي واعمى غالبية شعبهم، الشعب اليهودي - للأسف!
(القدس)

(الكاتب كان معتقلا بـ "تهمة" العضوية في القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة الاولى)


يوسف حامد
الأحد 14/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع