تعظيم سلام يا أيها البطل الذي فينا!

الآن، وقد تأكد رحيل ياسر عرفات، ما زلت أجد نفسي أردد تلك العبارة العفوية التي كررتها اكثر من مرة، فجر أمس، ساعة اشاعة نبأ الوفاة: يعيش عرفات!

لا غرابة في الأمر. بيد ان الشيء الذي ينبغي ان يُلاحظ من هذه العفوية هو ما تحمله من معانٍ مخفية: من اجل أي شيء هو في باريس؟ لماذا يضع نفسه هناك حتى اذا كان يرحل الى القدس، دون ان يغادر رام الله؟
نجد المشاهد اياها: من رحيل الى رحيل. تونس، طرابلس، بيروت، عمان، رام الله، باريس، القاهرة. لافرق بالدلالة. الحصار يلاحق صاحبه. ومحمود درويش يتألق من هناك "حاصر حصارك لا مفر. إما أن تكون وإما ان تكون".
صرت اعتبر ان السؤال عن أبي عمار هو سؤال مفخخ يرمي الى استدراجي لكي أقع في الفخ.
لا حدود هنا. فالمعنى واحد من ايلول الأسود الى حادثة الطائرة الى نزيف بيروت الى الموت السريري الباريسي: هو وحده القادر على مجابهة موته المتكرر بالنفي المتكرر. وهو وحده القادر على مجابهة التغييب بالحضور الباقي.
لقد غاب الجسد. لكن حضور ياسر عرفات، صمودًا ونضالاً ومقاومةً وموقفًا صلبًا وعنادًا بالحق، باقٍ ما دام للقضية أناس تحميها بالدم الممزوج بغصن الزيتون. بهذا لا تعود المسألة مسألة وداع يعجز عن الإحاطة بهول الفاجعة وما تتركه من فراغ. بهذا سيكون النقيض للأنذال الراقصين على موت جسد عرفات في شوارع تل ابيب.
ماذا كان يقول؟
"شاء من شاء وأبى من أبى".
وداعًا يا أيها الشهيد البطل. وإن شئت يا أيها البطل الذي فينا. مصر عبد الناصر تتألق بنيران نعشك، وصولجانك يبزغ في القدس، جيلاً مهيبًا مليئا بالحماسة.
محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني الورد والشوك، وردة على صدرك ووردة على صدر شعبك، والشوك لاعدائك.
أبو عمّار…. تعظيم سلام!


رمزي حكيم
السبت 13/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع