كلمة "الاتحاد"
حتى المريض تُذلونه يا حكومة الاجرام

حتى كتابة هذه السطور لم تنجح حكومة شارون – نتنياهو في تمرير الميزانية العامة الجديدة للعام الفين وخمسة بالقراءة الاولى في الكنيست. فقد امتنعت عن التصويت عليها الاسبوع الماضي لانها خشيت ان لا تحظى باغلبية اصوات النواب وتسقط، واملنا ومُنانا ان لا تنجح الحكومة في تمرير هذه الميزانية الكارثية من حيث مدلولاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فمعطيات الميزانية الجديدة تشير مدلولاتها الى تفاقم مرتقب للازمة في فروع الخدمات العامة الجماهيرية مثل التعليم والصحة بسبب التقليصات الحكومية والخصخصة. ففي المجال الصحي تبرز اليوم بشكل صارخ الازمة الصارخة، النقص في الادوية وارتفاع اسعارها، اغلاق مستشفيات او اقسام منها، النقص في الاسرّة لاستقبال المرضى في المستشفيات. ومن يقم بزيارة المستشفيات يلاحظ ظاهرة غير انسانية، ظاهرة اذلال للمريض وكأن مصائب مرضه لا تكفيه. فممرات المستشفيات واحيانا اماكن الانتظار وحتى المطابخ ملأى باسرة المرضى الراقدين بشكل مذل امام انظار المارة دون احترام الخصوصية الشخصية للمريض ومرضه، ومن يتحمل مسؤولية هذا الاذلال هي الحكومة التي تضع في رأس سلم اولوياتها الانفاق على جرائمها ومستوطناتها في المناطق المحتلة وليس ابدا على توفير الظروف الملائمة للعناية بصحة الانسان، لقد فعلت خيرا ادارة مستشفى "بيلنسون" باعطاء الاوامر الى مديري الاقسام بمنع وضع مرضى في الممرات، وانما وضعهم في الغرف.

يصف احد المسؤولين من الاطباء في مستشفى بيلنسون حالة اذلال المرضى في الممرات بقوله "إن جزءا كبيرا من المسنين المرضى الموضوعين في الممرات هم من العجزة وغير قادرين على خدمة انفسهم ومنهم من قضى حاجته في ملابسه وعلى السرير. وانه منظر مألوف ان ترى المريض من هؤلاء غير مغطى كما يجب لان البطانية سقطت عنه ولا قدرة له على رفعها لتغطية جسده ويستغرق الامر وقتا طويلا حتى يتوجهوا اليهم. وهذا الوضع مخجل وغير ممكن ويدفع المرضى لفقدان الصفة الانسانية، وانا اشعر بانني شريك في هذا الاذلال والتحقير للمرضى، وفي نظري هذه الظروف غير اخلاقية"!!
ان اوامر ادارة مستشفى بيلنسون بعدم وضع المرضى في الممرات بل في الغرف فقط حسنة من جهة، ولكن قد تكون سيئة من الجهة الاخرى، اذ ان هذه الاوامر تعني في ظروف ازمة المستشفيات وتقليص عدد الاسرّة فيها زيادة الاكتظاظ في الغرف وحتى حرمان مرضى من امكانية العلاج في المستشفى بسبب عدم توافر الاماكن. ولهذا، وحسب رأينا، ان على ادارة المستشفيات، السلطات المحلية، القوى السياسية والاجتماعية ان توجه صرختها وسهامها الى العنوان الصحيح، الى الوزارات الحكومية المختصة، مطالبة اياها بوقف عملية التقليص والخصخصة في ميزانيات وادارة شؤون المستشفيات وتوفير التمويل اللازم للحفاظ على صحة الانسان وكرامته.

(الاتحـــــــــاد)


الأثنين 8/11/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع