بلدية أم الفحم.. للأغنياء فقط


*قضية قسائم الأرض التي توزعها البلدية لا تزال تثير تذمرا واسعا بين الأهالي* "الاتحاد" استمعت الى عدد منهم.. تسمياتهم لما جرى تراوحت بين "قضية مبيوعة"، "التفاف"، "مهزلة"، و"تفرقة ضد الفقراء"*

يوما بعد يوم تزداد حاجة اهالي مدينة ام الفحم التي يتجاوز عدد سكانها الـ 40 الف نسمة، لقسائم بناء وقطع اراض لتطور المدينة، حيث ان نسبة التزايد السكاني والطبيعي في المدينة تتزايد بشكل كبير.
في شهر 7/2004 اعلنت الشركة الاقتصادية التابعة لبلدية ام الفحم عن فتح باب التسجيل للحصول على قسائم ارض في حي الظهر الجديد في شارع القدس الجديد.
تقدم لهذه القرعة حوالي 400 شخص للحصول على قسائم تصل في المرحلة الاولى الى 30 قطعة، ووفق شروط القرعة هناك بند يطلب اتباع نظام المجموعات.
ويتبين من المعلومات التي جمعتها "الاتحاد" ان اهداف وشروط القبول للمناقصة ضمن الحي السكني الجديد تتنافى مع الاهداف المعلنة لمشروع تخصيص الاراضي المقترحة.
ففي العام 1977 توصلت ادارة مجلس ام الفحم آنذاك برئاسة المرحوم محمد مصطفى (ابو ماجد) الى اتفاق مع المنهال يكون من خلاله ضم 1000 دونم تخصص للازواج الشابة في منطقة الظهر، وتحديدا للمحتاجين والفقراء الذين لا يملكون الارض.. حيث سيتم منح اراض حسب طريقة الاستئجار لمدة 49 سنة.
ووفق شروط القرعة التي وضعتها الشركة الاقتصادية في ام الفحم، فقد تم تخصيص قسائم للعجزة، و 22 قطعة لمستحقي وزارة الاسكان، اما القسائم المتبقية والتي تصل الى 28 قطعة فهي لبقية المواطنين في ام الفحم.
وفي اعقاب اجراء القرعة، واقدام الشركة الاقتصادية "باجراء تمثيلية" لتوزيع القسائم، تعيش مدينة ام الفحم حالة من التذمر والترقب حول مستقبل القسائم التي تم استثناء الكثير من مستحقي الحصول علها.
"الاتحاد" تجولت في ام الفحم والتقت عددًا من الاهالي والمتضررين.

"القضية مبيوعة سلفا"!!

الحاج رمزي حسين محاميد (ابو فاروق) (80) عاما يستعرض الهدف الذي تم تخصيص هذه القسائم السكنية من اجله، قائلا: "في فترة رئاسة المرحوم محمد مصطفى محاميد، في سنوات السبعين، خصصت دائرة اراضي اسرائيل "المنهال" هذه الارض والتي تبلغ مساحتها 1000 دونم للازواج الشابة، هذا الى جانب تخصيص مساحة 2500 دونم عام 1977 على المحتاجين، والذين لا يملكون الاراضي في ام الفحم. هناك حالة من الالم والغضب لدى المواطنين المحتاجين الذين لم يحصلوا على قسائم للبناء، فمنهم من لديه 3 او 4 اولاد مقبلين على الزواج ولا يملكون الارض لبناء منازل لهم.
ويبين الحاج ابو فاروق: "في فترة الحركة الاسلامية قاموا بانشاء الشركة الاقتصادية التابعة لبلدية ام الفحم، وعندما تم الاعلان عن مناقصة توزيع القسائم، قالوا إن هذه الارض مخصصة فقط للازواج الشابة والعائلات المحتاجة للارض.. الناس مستاؤون من النهج المتبع في بلدية ام الفحم، وانا اقول ان الطريقة السليمة لتوزيع الاراضي هي فقط للعائلات المحتاجة والازواج الشابة وتوزيع هذه الاراضي بالطريقة التي يرضى بها الله ورسوله.
ويقول سليمان محمود الحاج ايوب (ابو يوسف) انا ابلغ من العمر 75 سنة، ويوجد عندي اولاد مقبلون على الزواج، وللاسف الشديد لا نملك ارضا للبناء عليها غير الارض القائم عليها هذا البيت. يوجد عندنا ضغط سكاني اشبه بالانفجار والقضية من حيث حيثياتها مبيوعة مسبقا، وما جرى فقط كان بمثابة تمثيلية، اذ لم يصلنا الدور، وفقط تم منح اصحاب رؤوس الاموال.
ويؤكد ابو يوسف، نحن بحاجة للحصول على قسيمة للبناء عليها بمساحة 500-600 متر مربع حتى نتمكن من بناء بيوت والسكن فيها. وعلى حد علمي ان القرعة تمت تحت عنوان: الازواج الشابة والعائلات المحتاجة.
وتصف الحاجة خولة محمد اسعد (ابو الزير) ما يجري في ام الفحم، حيث ان توزيع القسائم السكنية يتناقض مع الاعلان الذي اعلنت من اجله اجراء القرعة، وما جرى من خلال توزيع القسائم ومنح الاغنياء كميات كبيرة من القسائم يعني الدوس على حقوق الفقراء لصالح الاغنياء.
وتقول الحاجة خولة: "ماذا يفعل الذي تقدم للحصول على قسيمة ويعيش في منزل بالايجار او ان اولاده مقبلون على الزواج، من اين يحضرون الارض للبناء عليها.. هل من يملك العمارات والاراضي، هو مواطن في ام الفحم، كما يقول رئيس البلدية الشيخ هاشم عبد الرحمن وبقية المواطنين هم لاجئون.
وانا اوجه سؤالي لرئيس البلدية، لماذا هذه التفرقة بين الناس؟ وهل اليوم وبعد ان طالبونا بالتصويت لهم، تحولنا الى مواطنين درجة ثانية.

لا مكان للمقعدين!

عاطف محمد جبارين (ابو كفاية): القضية التي نحن بصددها هي نوع من المؤامرة على المواطنين الفقراء والمحتاجين في ام الفحم، وقضيتي بدأت منذ 3 سنوات، حيث تقدمنا بطلب للحصول على قسيمة ضمن القرعة التي تجريها الشركة الاقتصادية، فقد قالوا لنا في قسم الهندسة: أحضروا لنا شيكًا بنكي بقيمة 5000 شاقل و500 شاقل ثمن المشاركة في القرعة.
ويضيف جبارين: توجهت زوجتي، بحكم كوني مقعدًا، ومعي عجز كامل 100% الى الشركة الاقتصادية، وقال لها الموظف في الشركة الاقتصادية ان الشيك البنكي غير صحيح، وعندما طلبت منه ان يكتب لها مكتوبا منه الى البنك يوضح السبب بخط يده، ارتبك، وقال لها بصراحة لن يكون هذه المرة منح قسائم للمقعدين..
ويقول جبارين: "عندما حضرت زوجتي وحدثتني عما جرى اتصلت بمساعد رئيس البلدية آنذاك الاخ ابو سمرة (المعتقل الآن مع الشيخ رائد)، وبعد ان استوضح الامر، اتصل بي وقال لي المرة القادمة سيكون لكم قسيمة، لانه لم يتم تخصيص قسائم للمقعدين هذه المرة.
ويضيف جبارين: انا اعيش واولادي الستة في طابق ثالث، وفي مساحة لا تتعدى الـ 110 امتار مربعة، وانا منذ خمسة سنوات لم اخرج من المنزل. على الرغم من وجود تقارير طبية تشير الى وضعي الصحي الصعب من قبل طبيبة متخصصة في هذا الموضوع، وان المنزل الذي اسكن فيه انا واولادي غير صالح للسكن، رُفض طلبي، فقبل القرعة بيومين اتصل احد موظفي الشركة الاقتصادية وطلب من زوجتي ان تحضر على وجه السرعة، وطلب منها ان تحضر لهم نموذجًا يشير الى انني مقعد، وهذا النموذج ومن اجل الحصول عليه بحاجة الى سنة على الاقل.
وهو يبين انه يقوم سنويا بترميم منزله بمبالغ طائلة.
ويقول جبارين: رئيس البلدية الشيخ هاشم عبد الرحمن يتحدث عن قرعة رسول الله، وان وفق ما يقوله رئيس البلدية يتم تقديم اسماء، ومن خلال اجراء القرعة يتم اختيار المستحقين بالقسائم.
ويسأل: لمن حق الاولوية في الحصول على قسيمة اراض، هل الذي يملك العمارات والاراضي له حق الاولوية على من هو مقعد وعاجز ومقيد؟ توجّهُنا هو ان يتم اجراء القرعة امام لجنة ويتم عرض الاسماء امامها، وتقوم هذه اللجنة بفحص كل اسم واسم من المتقدمين حتى يتمكن الفقراء من الحصول على هذه القسائم.
ويقول ان الشركة الاقتصادية بمثل هذه الاعمال تقوم بالالتفاف على القانون ويستغلون الظروف ويقومون بمنح القسائم للاغنياء. "نحن الفقراء لا توجد عندنا مشكلة ان يقوم الاغنياء بشراء الارض، ولكن لِمَ يتم التنكّر لحقنا. وماذا يريدون من الاشخاص محدودي الدخل، وطالما بقي الوضع هكذا في حياتي لا يمكنني امتلاك قطعة ارض!".
ويؤكد عمر لطفي محاجنة ان قضية تقسيم القسائم السكنية التي تمت القرعة عليها، هي نوع من الاستهتار بمصير الناس الفقراء والمحتاجين، ويقول: عندما قمت بالتسجيل للحصول على قسيمة طلبوا ان نحضر شركاء، او كل شخص بشكل منفرد، وانا سبق لي وان تسجلت وبعد ان تسجلت للحصول على قسيمة، طلبوا مني احضار شريك، وهناك من تسجل للحصول على 500 متر وهو بحاجة الى فرد واحد أو اكثر، ومن يريد الحصول على دونم بحاجة الى شركاء، وهناك 8 اشخاص تسجلوا للحصول على قسيمة.
ويقول محاجنة: "نُمر القسائم التي تم توزيعها على الاشخاص التابعة لبلدية ام الفحم حيث تم توزيع هذه الاراضي فقط على الاغنياء، وتم استثناء الفقراء منها. وانا اسكن مع اولادي في منزل لا تتعدى مساحته 120 مترًا مربعًا، وبرأيي التوزيع للقسائم لم يكن بشكل عادل، وهناك توجد محسوبيات.
ويحدثنا محمد سليمان الحاج ايوب قائلا: "اسكن انا واولادي الستة في منزل تعود ملكيته لوالدي، وقد تقدمت للحصول على قسيمة من تلك القسائم لشراء ارض وعلى اساس انها مقدمة للمحتاجين والفقراء، وقمت بالتسجيل انا واخي، وقبل القرعة اتصلوا بنا، وطلبوا ان نحضر شركاء معنا في الطلب، او تسجيل قسيمة اخي معي، وذلك بادعاء ان من يحضر شركاء اكثر، امكانية حصوله على قسيمة تكون اكبر..
ويضيف محدثنا: يوم القرعة اتصلوا بنا وقالوا لنا للاسف اسمكم لن يدرج ضمن القرعة.. بحجة انه لم تبق قسائم، فقد قاموا بتسجيل اسماء، وقاموا باجراء القرعة عن طريق "الاختيار المسبق" على بعض المقربين منهم!
ويقول الحاج ايوب مضيفا: "يوم القرعة حضر رئيس البلدية الشيخ هاشم عبد الرحمن، وقام بقراءة آيات من القرآن الكريم، وقال ان علينا ان نصبر، وبعدها اختفى الرئيس، حيث حصل على قسيمة لاولاده، ولم نسمع عن وجود اسمه في القرعة، فمن اين تم اضافة اسمه وكيف؟
ويضيف الحاج ايوب: هناك شعور لدى المواطنين بالغضب والسخط من هذا التصرف، حيث ان البلدية قامت بمنح القسائم للاغنياء فقط.. وبعدها قاموا باحضار طلب الشرطة لنا ومنعونا من الدخول الى قاعة القرعة، نحن هنا 10 عائلات نعيش في مساحة 400 متر.
ويذكر خالد محمود ابو صقر: في 20/7/2004 عندما بدأ التسجيل للحصول على قسائم للبناء، قمت بتقديم طلب للحصول على قسيمة للبناء، حيث اننا لا املك ارضًا، واسكن انا واولادي في منزل مساحته 120 مترًا.
ويضيف ابو صقر: العملية التي تم توزيع القسائم حسبها تمت بصورة غير قانونية، فقد طلبوا منا ان نقوم باحضار شركاء معنا، وذلك بحجة ان كلما تسجل عدد اكبر من المتقدمين على نفس القسيمة، يكون الحظ اكبر..
ويشير ابو صقر: الى ان هناك اشخاصًا ممن لديهم "منح" من قبل وزارة الاسكان رُفض طلبهم، وفقط من بين 20 تسجلوا حصل 5 فقط منهم على قسيمة.
ويضيف ابو صقر: لقد توجهنا الى المحكمة، وطلبنا ايقاف توزيع القسائم الكبيرة السبع، وقمنا باصدار منشور حول "العملية او المهزلة" التي تمت في توزيع القسائم!
ونحن، يقول، سنواصل الاحتجاج ونطالب رئيس البلدية الشيخ هاشم عبد الرحمن، باقالة المسؤولين عن هذه الامور في الشركة الاقتصادية: فأنا عندي 3 اولاد مقبلين على الزواج واعيش انا واياهم في مساحة 120 مترًا..
ونحن نطالب رئيس البلدية ايضا بان يشكل لجنة بهذا الخصوص وان يتم توزيع القسائم على الازواج الشابة والمحتاجين فقط وليس لمجرد التجارة والبيع.

رد بلدية ام الفحم

وردًا على ما يجري وفي اعقاب توزيع القسائم في ام الفحم اصدرت البلدية والشركة الاقتصادية بيانا حول عملية توزيع القسائم. وتطرق الى احتياجات السكان والنقص بالاراضي، حيث قدم شرحا حول ملابسات توزيع القسائم.
وذكرت البلدية الى ان رئيس البلدية الشيخ هاشم عبد الرحمن قد وزع نداء للاهالي، مطالبا من هم ليسوا بحاجة الى قسائم الانسحاب من المشروع، بهدف اتاحة الفرصة لمن هم بحاجة الى هذه القسائم بالفعل.
وكما ذكرت البلدية في بيانها فان الشركة الاقتصادية قامت وبالتعاون مع "مديرية اراضي اسرائيل" - المنهال باتباع قضية نظام المجموعات.
واشارت البلدية الى ان 48 قسيمة تم توزيعها على 173 متقدمًا.
واختتمت البلدية ان القرعة تمت بشفافية وبحضور جميع الاطراف.


حسن مواسي
السبت 30/10/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع