كلمة <<الاتحاد>>
شتـّان بين الرفضين!

على هامش النقاش حامي الوطيس الذي يدور حول "خطة الانفصال" الشارونية، تعمل المؤسسة الحاكمة وأذرعها المختلفة، السياسية والعسكرية والإعلامية، على خلق نوع من المقارنة البائسة بين موقف عشرات الشبان والشابات اليهود الذي يرفضون الخدمة في جيش الاحتلال من منطلقات ضميرية، وبين الجنود المستوطنين أو المتعاطفين معهم الذي يتم تحريضهم على رفض أوامر إخلاء المستوطنات.

إن رافضي خدمة الاحتلال، الذين دفعوا ويدفعون ثمنا سياسيا غاليا على موقفهم المبدئي لإصرارهم على عدم المشاركة في قمع شعب آخر، فيما أن رافضي إخلاء المستوطنات الإعتباريين هم ضحية اليمين المتطرف الذي يريد لشعبه وللشعب الآخر مصيبة ديمومة الإستيطان الإجرامي في المناطق التي احتلت عام 1967.

إن جيش الإحتلال هو الذراع التنفيذية للحكومة، أي المسؤول الميداني عن إخراج سياسة جرائم الحرب الى حيز التنفيذ، لذا فإن القضية في "الرفض الاستيطاني" ليست قضية ضمير أصلا، لأن أصحاب الضمير لا يشتركون أصلا في جهاز يقترف جرائم حرب يومية، مثلما فعل الرافضون الخمسة الذين أطلق سراحهم مؤخرا بعد شهور طويلة في المعتقلات العسكرية والمدنية، أما هؤلاء المستوطنون فرفضهم قد يكون عدة أشياء، ولكن ليس ضميريا بتاتا، وإذا كان كذلك، فهو انعكاس لتشوه قيم الضمير حتى في المجتمع الإسرائيلي.

إننا إذًا نرفض مجرد مقارنة الشبان التقدميين الذين يضحون بحريتهم من أجل حرية شعبي البلاد الحقيقية المتمثلة بإحقاق تقرير مصير الشعب الفلسطيني، بالمستوطنين الذين تخفي السياسة الرسمية عن إبصارهم الويلات التي يجرها الاحتلال والاستيطان على الشعب الفلسطيني وعلى جميع مناحي الحياة في إسرئيل.

والى جانب هذا، نؤكد مرجعيتنا في هذا الصدد، وهي إن هذه القضية، في جوهرها، ليست ضميرية بحتة، بل سياسية. حيث لا مناص في نهاية المطاف من انتصاب السؤال الأساس: شرعية سيطرة وقمع وإذلال شعب على شعب آخر.
إن المدرسة التي يسمونها "التاريخ" مليئة بالأمثلة على أن الاستعمار والاستغلال والظلم زائلين لا محالة حين يهب في وجهها الشعب المستضعف، وأنه لا بد أن تنشقغ غمامة الاستعلاء العنصري، شيئا فشيئا، عن عيون الشعب الذي يحتل حتى يدرك أنه هو الآخر يرزح تحت الاحتلال نفسه.

الاتحاد


الجمعة 22/10/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع