كلمة "الاتحاد"
ماذا وراء هذا التحذير؟

جرى أمس، الخميس، تسريب خبر عن "تقرير سري" عبر وسائل الاعلام في اسرائيل، نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت" بعض مقاطع من مضامينه. أعد التقرير "مركز الأبحاث السياسية في وزارة الخارجية"، الذي يعتبر أحد الأجسام الثلاثة الرسمية، الى جانب الموساد و"امان" – المخابرات العسكرية، الذين يضعون التقديرات الاستراتيجية لمكانة اسرائيل المرتقبة على ساحة العلاقات الدولية خلال السنوات الخمس او العشر القادمة. والتقرير المذكور تحلل تقديراته مكانة اسرائيل الدولية في السنوات العشر القادمة. وقد قدم هذا التقرير الى لجنة خاصة عينها وزير "الامن" برئاسة الوزير السابق دان مريدور وذلك بهدف بلورة السياسة الامنية المستقبلية للسنوات العشر المقبلة.

يؤكد هذا التقرير عدة أمور غاية في الأهمية من حيث مضمونها ومدلولها السياسي. فالتقرير يحذر اولا من ان مكانة اسرائيل يمكن ان تتدهور الى درجة العزلة الدولية كما كان الوضع مع نظام الابرتهايد العنصري في جنوب افريقيا. فحسب رأي من وضع التقرير "ان مواصلة الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني قد يضع اسرائيل على طريق المواجهة مع الاتحاد الاوروبي، حيث تكون النتيجة فقدان شرعية اسرائيل في اوروبا". ويربط واضعو التقرير بين تدهور مكانة  اسرائيل وبين ارتفاع وتقوية مكانة الاتحاد الاوروبي على الحلبة الدولية، او كما جاء في التقرير "ان كفاح اوروبا من اجل مركز قيادي في كل عملية دولية ممكن ان يؤدي الى تخفيض مكانة ودور الولايات المتحدة الامريكية في العملية، الامر الذي يؤدي الى المس بالمصلحة الاسرائيلية"!! ولا يستبعد التقرير ويحذر من احتمال ان تلجأ اوروبا الى فرض عقوبات اقتصادية على اسرائيل يكون تأثيرها  السلبي على اسرائيل كبيرا. وان في الافق غير البعيد تحسين العلاقات الاوروبية – العربية، وانه ليس من مصلحة اسرائيل الاعتماد فقط على الولايات المتحدة الامريكية.

مما لا شك فيه ان هذه التحذيرات والتوقعات الواردة في التقرير قد تكون واقعية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه منطقيًا، ماذا يختفي وراء هذه التحذيرات والكشف عنها من خلال تسريب التقرير السري في هذا الوقت بالذات، الذي تواجه فيه حكومة شارون اليمينية عواصف الأزمة؟ لو طرح واضعو التقرير النتائج التي يجب استخلاصها لمواجهة التحذيرات والتحديات المرتقبة، لو طرحوا مثلا أهمية تغيير السياسة العدوانية المنتهجة وركوب قطار السلام العادل بانهاء الاحتلال الاستيطاني والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني المشروع بالدولة والقدس والعودة لقلنا عن التقرير كلمة حق يراد بها حق، ولكن لا نستبعد ان يكون الهدف من وراء نشر هذا التقرير "كلمة حق يراد بها باطل" وانه يندرج في اطار تجنيد كل الجهود، وعلى مختلف الجبهات لتسويق وتمرير خطة شارون الكارثية لفك الارتباط مع قطاع  غزة كوسيلة لتضليل اوروبا والعالم ولحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الدولة والاستقلال.

("الاتحــــــــــــــــاد")


السبت 16/10/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع