كلمة <<الاتحاد>>
شارون على مهداف المستوطنين!

منذ أن تفاقمت ورطته السياسية، لا يزال رئيس حكومة اليمين أريئيل شارون يجد نفسه، يوميًا، ضحية لصنيع يديه. فها هم المستوطنون، الذين كان له دور أساسي بزرعهم في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، يثورون عليه. مرة بتشبيهه بالنازي، ومرة بإعلان خطته "فك الارتباط" عن غزة كـ "جريمة ضد الانسانية". لقد زرع شارون الريح وها هو يحصد العواصف.
وحين نقول ان ورطة زعيم "الليكود" السياسية تعمقت، فليس لأنه قرر أن يجنح الى طريق غير طريق الحرب التي لا يزال يرتادها منذ احتل ميادين العسكر والسياسة.  بل لأن المعطيات الموضوعية لحالة الاحتلال تصل دائمًا الى ذروات من التناقض.
فحين أقرّ شارون خطته (من طرف واحد)، لم يكن ذلك لأنه رأى ببصيرته فشل درب الحرب.  بل لأن كل قوة وبطش جيشه واستثمارها في دفن القضية الفلسطينية، قد فشلت. وأفلس معها شعار وعقلية "دعوا الجيش ينتصر".
والآن، حين بات قريبا مما ليس منه بد، ولو من أجل الظهور فقط كمن يحاول القيام بشيء وسط عزلة حكومته وعزلة اسرائيل في العالم، قام  المسخ الاستيطاني ضدّه. وفي غضون كل هذا ينضاف الى حملة التحريض وقرع طبول "الحرب الأهلية" بين اليهود الاسرائيليين، مشروع عنصري جديد.  يتمثل بمقترح "الاستفتاء النسبي" حول مسألة الانسحاب من القطاع المحتل.
ما معنى "نسبية" الاستفتاء؟ انها بالضبط خنق وزن أصوات المواطنين العرب وطردهم من دائرة التأثير.. مخطط في غاية اللؤم وغاية الفاشية، إضافة الى كونه أداة غير دمقراطية رغم ملامحها التي تضلل. ففي جوهره هو استفتاء على رأي المواطنين الاسرائيليين في مواصلة السيطرة على ما ليس لهم ولا لحكومتهم ولا لجيشهم ولا لدولتهم، بل على أرض وحق ومكان وفضاء الشعب الفلسطيني - مما تبقى له في ضوء تسوية تاريخية أعلن قبوله بها، وبغير قليل من التنازل.
ولا حق لأحد أن يقرر في مصير الفلسطينيين، سوى هم أنفسهم!
لقد سبق  ان أعلن ذوو البصائر في الشعبين أن هذه المستوطنات وعقلية فارضيها ستتكشّف سرطانا. وهو خطر لن يضرب الفلسطيني فحسب بل انه سيطال الاسرائيلي أيضًا. وهذا ما نراه بجلاء، إزاء الأموال الباهظة التي تُصرف لتكريس سرطان، لا أقل، على حساب حياة الاسرائيليين وصحتهم ومدارسهم!
أما المفارقة فهي أن أحد أبرز مؤججي هذا السرطان الاستيطاني، بات عنوانًا لفتكه. شارون الذي قال للمستوطنين قبل سنوات قليلة "سارعوا للسيطرة على التلال" في إشارة الى الضفة الغربية المحتلة، بات الآن يقف على مهداف هؤلاء المهووسين.
ولكن كل هذا لن يمنع الأمر المجرّب: لا يصح سوى الصحيح، وللأراضي الفلسطينية المحتلة أهل لن يرضوا بأي استيطان أو سرطان على أرضهم فيها. وهم في معركتهم هذه منتصرون، لأنهم محقون!

"الإتــحـــاد"


الثلاثاء 14/9/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع