كلمة <<الاتحاد>>
الجدار وحكومته زائلان

وافق رئيس حكومة اليمين اريئيل شارون أمس على التوصيات التي قدمتها له أجهزة "الأمن" بإجراء بعض التعديلات الطفيفة على مسار جدار التوسع الإحتلالي البغيض، الذي تبنيه اسرائيل على أراضي الضفة الغربية المحتلة.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن قررت محكمة العدل الدولية في لاهاي عدم شرعية الجدار ووجوب هدمه، وبعد أن اعترفت المحكمة العليا الإسرائيلية ذاتها بالأضرار الجسيمة التي يتكبدها أبناء وبنات الشعب الفلسطيني جراء بناء هذا الجدار الإستيطاني على أراضيهم.

إن خطوة شارون هذه لا تنمّ – والعياذ بالله – عن تراجع حكومة إسرائيل قيد أنملة عن مخططها التوسعي الإجرامي الرامي الى نهب أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية، ولكنه يعكس عمق الأزمة السياسية التي وصل إليها شارون، والتي هي نتيجة حتمية لسياسة حكومته الدموية الرافضة للإنصياع لمتطلبات التسوية السلمية العادلة والإعتراف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني التي أكدتها قرارت الشرعية الدولية من "قرار التقسيم" عام 1947 الى "قرار الجدار" عام 2004.
إن "التعديلات" التي وافق عليها شارون، تـُبقي مسار الجدار داخل الجهة الفلسطينية من "الخط الأخضر" في غالبية المواقع، وتـُبقي على مساره الإلتفافي الساعي الى تكريس الإستيطان في عدة مواقع، خصوصا حول القدس الشرقية المحتلة. وعلينا التأكيد أنه لا حق لإسرائيل بإقامة ميليمتر واحد من جدارها على الأراضي العربية الفلسطينية التي احتلتها عام 1967. وإذا كانت مصرّة عليه فلتبنه على أراضيها هي.
لقد علمّتنا التجربة التاريخية المريرة، وبحق، عدم إيلاء أية حكومة اسرائيلية ذرة واحدة من الثقة، وكم بالحري بالنسبة لحكومة شارون التي هي من اشد حكومات إسرائيل تطرفا وخطورةً على السلام وحياة الشعبيّن وحقوقهما ومستقبلهما المشترك.
ولكننا نرى في هذه الخطوة مؤشرا هاما، هو مجرّد حاجة شارون الى إقناع العالم وقطاع واسع من مواطني دولة اسرائيل، بأنه يريد تغيير مسار الجدار، ونرى فيها محفزا من أجل تصعيد النضال ضد الجدار، ليس فقط قضائيا على أهمية هذا الجانب، بل وفي الأساس سياسيا وشعبيا، بشراكة كاملة بين الشعب الفلسطيني وجميع قوى السلام الحقيقي في اسرائيل، العربية منها واليهودية.
فقط السلام العادل، المبني على إنهاء الإحتلال وموبقاته الإستيطانية واحترام حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة في حدود الرابع من حزيران الى جانب دولة اسرائيل، هو الضمانة الوحيد لأمن ومصير ورفاهية الشعبين.
إن الجدار وحكومة شارون زائلان لا محالة، أما حقوق الشعوب المشروعة فباقية طالما بقينا على عهدها، وإنا عليه لباقون.

"الإتــحـــــاد"


الخميس 9/9/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع