حرائق، اتهامات لاسامية وحفلات صهيونية!

*احراق مركز يهودي في فرنسا جرّ الوزير شالوم الى باريس حيث أسهب في الوعظ. والآن اتضح ان الفاعل هو عامل يهودي جرى فصله من هذا المركز. هل نتوقع اعتذارا من حكومة شارون؟*

     عندما أعلنت وسائل الاعلام عن الحريق الذي شب، في مؤسسة خيرية يهودية تقع في الحي الحادي عشر من العاصمة الفرنسية، باريس، ليلة الاحد (22/08/04)، صدرت تصريحات نارية من قبل مسؤولين في الخارجية الاسرائيلية.. أو كما جاء في صحيفة "هآرتس" (23/08): "تصريحات خارجة عن المألوف في شدتها... وجهت ضمنها اصبع الاتهام الى الجهاز القضائي الفرنسي الذي يتعامل بتسامح مع منفذي هذه الهجمات..". من جهته طالب اتحاد اليهود الفرنسيين "وسائل الاعلام الفرنسية أن تبادر الى مشروع اعلامي جماهيري ضد اللاسامية". كما جاء في المصدر نفسه .
لكن الامر الاكثر اثارة يتعلق بالخطوة غير المسبوقة، التي قام بها وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم، وهو من أصل تونسي، حيث هرع غداة يوم الحادث الى "زيارة تضامن"، على حد تعبيره، مع اليهود الفرنسيين، وهبط بطائرته في باريس، مواصلا حملة التصريحات، "ضد التطرف الفرنسي" و "اللاسامية " التي تترعرع في ظل الكراهية المتنامية هناك ضد اليهود.
هذه الخطوة الوزارية لشالوم، لم تلق الاستحسان لدى الجهات الدبلوماسية الفرنسية، بل وجهت لها انتقادات عدة، صدرت احداها عن جهات يهودية فرنسية، من بينها الانتقاد اللاذع الذي صدر عن تيو كلاين، الرئيس السابق لاتحاد  يهود فرنسا، الـ "كريف ". كلاين هاجم الوزير شالوم على "الزيارة التضامنية " قبل اجراء التحقيق والكشف عن هوية مرتكب الجناية. ودعا كلا من شالوم وغيره من المسؤولين في اسرائيل، أن يتوقفوا عن التدخل في شؤون يهود فرنسا بقوله :"دعونا ندير شؤوننا لوحدنا مثل يهود الولايات المتحدة وغيرها". (صحيفة هآرتس).

في ظل هذه الحملة الاعلامية التي قام بها الوزير شالوم، ضد الحكومة الفرنسية والمواطنيين الفرنسيين على مختلف اصولهم، واتهامهم بأنهم يغذون الكراهية لليهود واللاسامية، أكدت مصادر في الشرطة الفرنسية يومها، بأن التحقيق ما زال في بدايته، لكن لم يكشف عن مؤشرات تثبت أن الحادث قد تم على خلفية كراهية اليهود أو لاسامية، ومن السابق لاوانه تحديد الاسباب الحقيقية لحادث الحريق قبل اكتمال التحقيق. ومع ذلك فان الجهات المسؤولة في الحكومة الفرنسية من رئيس ورئيس وزراء وغيرهم قاموا باستنكار الحادث واللاسامية وهرع بعضهم الى زيارة المكان ايضا .
الشرطة الفرنسية واصلت التحقيق ، وبعد اسبوع تم الكشف عن هوية الجاني (يوم 30/08/04) حيث اتضح أنه مواطن فرنسي يهودي يدعى رفائيل، عمل في المؤسسة حارسا، الا أن الادارة قامت بفصله من العمل، فكان رد فعله إحراق المكان وكتابة شعارات لاسامية.
المتهم المذكور اعترف بفعلته هذه واستطاعت الشرطة الفرنسية ضبط المواد التي استعملها في كتابة الشعارات، وجاء في التصريح الذي صدر بهذا الخصوص قوله: " قمت بحرق المكان بسبب فصلي من العمل كحارس". هذا الحادث والاعتراف يذكرنا بحادث آخر، وقع في كنيس يهودي ضد المسؤول الديني (الرابي)، ووجهت يومها اتهامات عديدة وكأن الحادث وقع على خلفية اللاسامية والكراهية لليهود، وبعد التحقيق اعترف الرابي أنه كان على خلاف مع جهات في الطائفة يعتقد أنهم المعتدون.
من المفروض أن يقوم الوزير شالوم بتوجيه رسالة اعتذار للحكومة الفرنسية، للشعب الفرنسي، على مختلف دياناته، وسحب تصريحاته التحريضية ضد فرنسا ومواطنيها. فهذه التصريحات الرسمية التي تصدر عن مسؤولين في حكومة شارون لا تأتي من فراغ بل هي تنساق ضمن الحملة التي تقوم بها الحكومة والوكالة اليهودية الصهيونية لاجتذاب يهود فرنسا وضمان هجرتهم الى اسرائيل، بذريعة أن حياتهم في خطر، بسبب تنامي ظاهرة اللاسامية هناك. ومن المفروض أيضا أن يصدر بيان آخر عن تلك "المنظمة الاسلامية" التي أخذت على عاتقها مسؤولية حرق المكان المذكور، وبذلك أساءت الى المسلمين والعرب جميعا في فرنسا وغيرها..


جهادعقل
الأحد 5/9/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع