كلمة <<الاتحاد>>
مرة أخرى.. من المستفيد؟

تثير قضية الصحفيين الفرنسيين المختطفين في العراق ردود فعل شديدة على الصعيد العالمي وفي العالم العربي أيضا، بعد أن أعلنت مجموعة مسلحة مطالبتها فرنسا بإلغاء قانون الحجاب.

إن ظاهرة اختطاف الصحافيين هي ظاهرة خطيرة، خاصة أن الحديث عن أناس جاءوا لأداء عملهم، وهو نقل صورة عمّا يتعرض له الشعب العراقي من جراء الإحتلال الأنغلو- أمريكي لبلاده، وليس للمشاركة المباشرة أو غير المباشرة في احتلال العراق ونهب ثرواته وامتهان شعبه.

وحتى لو كانت غاية الضغط تبرر وسيلة الاختطاف، فحين يتم اختطاف مواطنين أجانب خرج أبناء وبنات شعبهم ضد هذه الحرب البشعة الجشعة، ورفضت حكومة بلادهم المشاركة في الحرب (على خلاف دول أخرى ناطقة بالضاد ناقشت وبادرت وطرحت وتجاذبت أفكار إرسال قوات الى العراق المحتلّ)، تبدو القضية أكثر "غرابةً".
وحين تقول الجماعة الخاطفة إنها تشترط إطلاق سراح الصحفيين بأن تلغي فرنسا قانون الحجاب، فلا بد أن يقفز الى أهاننا ما يلي من أسئلة وتساؤلات وشبهات:
أولا: هل ما يتصدر سلم أولويات القوى الوطنية الحقيقية في العراق هو مقاومة الاحتلال الإمبريالي أم مقاومة قانون الحجاب؟
ثانيا: ألا تشكل عملية الاختطاف هذه هدية ثمينة للحملة التحريضية التي يشنها بوش وحلفاؤه على ما يسمى بـ "الإرهاب الإسلامي"؟
ثالثا:لا تشك

 ألا تشكل عملية الإختطاف هذه هدية ثمينة لقوى اليمين العنصري في فرنسا وللّوبي الصهيوني الذي ما ينفك يجزم بحتمية العلاقة بين موجة اللاسامية المزعومة والجاليات العربية و/أو المسلمة في فرنسا وأوروبا عموما؟
إن قضية قانون الحجاب هي قضية مركبة، تتعلق أيضا بالنظام العلماني في الدولة الفرنسية، والقانون الذي تمت المطالبة بإلغائه يمس المواطنين الفرنسيين جميعهم، المسلمين منهم وغير المسلمين على حد سواء.
وانطلاقا من كوننا جزءا من قوى اليسار والتقدم، فإننا من أجل إتاحة حرية العبادة لأتباع جميع الديانات، وضد الإكراه الديني الذي يشكل منع الحجاب الوجه الآخر لعملته الواحدة. لكن الطريق من هذا الى شرعنة هذه العملية الإرهابية بحق، لا يمكن قبولها.
وتظل القضية الأولى والمركزية في العراق اليوم، والتي لا يحق لأحد تشويهها تحت يافطة الحجاب أو أية يافطة أخرى، هي قضية الاحتلال ومقاومته ودحره حتى كنسه التام واسترداد الحرية والسيادة الحقيقيتين للشعب العراقي، بجلاء آخر جندي أمريكي وبريطاني من بلاد الرافدين.
لسنا هنا في معرض إسداء النصائح للشعب العراقي الشقيق في كيفية مقاومة الإحتلال، فأهل بغداد أدرى بشعابها، ولكن واجبنا السياسي والأخلاقي يستدعي التحذير من مغبة ما قد يكون لعملية الإختطاف هذه من عواقب وخيمة تضر بقضية الشعب العراقي، ألا وهي التحرر من نير الاحتلال والاستغلال والنهب.
ومن هنا نضم صوتنا الى جميع الأصوات التي ترفض هذه العملية، ونؤكد وجوب احترام الصحافيين الذين ليس لهم من ذنب غير تأدية واجبهم ورسالتهم المهنية، ونناشد القوى الوطنية في العراق عموما، والمقاومة المسلحة خصوصا، بانتهاج سياسة مسؤولة تخدم القضية الأساس، ولا تصب في مصلحة أعداء الشعوب العربية وجميع المستضعفين في عالمنا.

"الإتــحــاد"


الثلاثاء 31/8/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع