كلمة <<الاتحاد>>
رِشى لشراء الضمائر والمواقف

يسعى رئيس الحكومة اريئيل شارون، ويعمل المستحيل للمحافظة على الطابع اليميني لحكومته ولسياستها الممارسة. ولا يتورع في اطار هذه المساعي باللجوء الى تقديم الرشوة لمن يبيع الضمير والموقف والمبدأ في سوق العرض والطلب ويقبض ثمنه عدًا ونقدًا. فشارون يطارد وراء "يهدوت هتوراة" لادخالها في اطار الائتلاف الحكومي. وهو يدرك جيدًا أن أكثر ما يثير اهتمام الاحزاب والتيارات الدينية اليهودية المتشددة (الحراديم) هو ابتزاز اكثر ما يمكن من الاموال لتمويل شؤونهم ومدارسهم الدينية، وبعد الصفعة التي تلقاها اريئيل شارون في مؤتمر حزبه الاخير، الذي قرر اسقاط موقف شارون بادخال حزب "العمل" الى حظيرة الائتلاف الحكومي، أصبح مستعدًا للخنوع وتقديم الرشوة المالية لحزب "يهدوت هتوراة" لضمان دخوله الى الائتلاف الحكومي والحفاظ على الهوية اليمينية لحكومة الكوارث والاحتلال والافقار الشارونية. فبضغط مباشر من شارون نفسه أقرت لجنة المالية البرلمانية امس الاول، الاثنين، تحويل مائة واثنين وعشرين مليون شاقل من ميزانية وزارة المعارف الى مؤسسات تعليم دينية تابعة للحراديم، وتحويل مائة مليون شاقل ايضًا خلال الاسابيع القريبة الى خدمات دينية للحراديم! وقد اعترف عضو اللجنة المالية البرلمانية من "يهدوت هتوراة"،  النائب موشيه جفني ان هذه المبالغ جرى ضمانها والوعد بتقديمها في اطار المحادثات الائتلافية بين الليكود و"يهدوت هتوراة".

لقد قدمت هذه المبالغ ليهدوت هتوراة  على حساب الاقتطاع من الميزانيات المخصصة في اطار ميزانية وزارة المعارف للتعليم الخاص وللخدمات المساعدة في مجال التعليم ولتطوير التعليم في اجهزة التعليم العربية، أي انها اقتطعت من المجالات التي تواجه الأزمة الخانقة.
ان أخطر ما في الأمر يندرج في النطاق السياسي الاخلاقي، فقد أصبح شراء الضمائر والمواقف، وللأسف، نهجًا سائدًا وعلى مختلف المستويات والصعد. وقد برز نهج الفساد والرشوة هذا في الانتخابات التمهيدية (البرايمرز) في داخل الليكود وفي داخل غيره من الاحزاب الصهيونية، كما يبرز في شراء ضمائر واصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية للكنيست وفي الانتخابات المحلية للسلطات المحلية. وتعكس هذه الظاهرة السيئة احد مظاهر عفونة النظام القائم وأزمته واسقاطاته وسياسته التي تولد الفقر والحاجة في بيع الضمير وخاصة في حالة غياب الوعي السياسي المطلوب لقيمة ومدلول صوت الضمير.
ان مواجهة ودفن هذه الظاهرة الفاسدة والمفسدة تعتبر مسؤولية كل من تعز عليه صيانة الدمقراطية وحقوق الانسان وحرية الرأي والموقف من الشوائب.

("الاتحـــــــــــاد")


الأربعاء 25/8/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع