كلمة <<الاتحاد>>
إسقاط الجدار، نهائيًا، (وحكومته) – هو المطلوب!

     لا يمكن النظر الى القرار الذي اتخذته محكمة العدل العليا أمس الأول الأربعاء، والى الأمر الإحترازي أمس الخميس، والمتعلقين بجدار الضم الإحتلالي، على أنها خطوة أحادية البعد. فمثلما سيكون النظر إليها من الناحية القضائية وحدها منقوصًا، كذلك سيكون النظر إليه من الناحية السياسية وحسب. وحين نقول "سياسية"، فإن ما نقصده هو المعنى الأوسع والأشمل، وليس ذلك المقتصر على ترحيب "العمل" المتلوّن من جهة، أو انسعار أحزاب اليمين على المحكمة العليا، من جهة أخرى.
     قد يكون التغاضي عن توقيت صدور هذا القرار - عشية نشر توصيات محكمة لاهاي الدولية، الأسبوع المقبل – ضربًا من ضروب السذاجة. فمحكمة العدل العليا كانت نظرت في التماسات قدّمها فلسطينيون ومؤسسات حقوقية اسرائيلية ضد الجدار الإحتلالي البغيض، لكنها فضلت عدم التدخل، وكادت – حتى الأيام الأخيرة – أن تحوّل مسألة الجدار الى بقرة أخرى تنضم الى حظيرة المقدسات الإسرائيلية.
      وقد يكون اعتبار القرار قرارا سياسيا فقط، من ناحية أخرى، مبالغًا فيه. أولاً لأن المحكمة، رغم ما لإسقاطات قرارها من مدلولات سياسية هامة على أرض الواقع، اختارت عدم الحسم في الإدعاءات المبدئية التي طرحها الملتمسون بخصوص شرعية البناء في الإراضي التي احتلت عام 1967 وشرعية ضم المستوطنات في الجهة الغربية من الجدار. وثانيًا لأن القضاء الإسرائيلي، رغم كونه جزءا لا يتجزأ من المؤسسة الحاكمة في اسرائيل، يعمل في إطار معادلات حقوقية قد تتمرد أحيانًا على ما هو سائد في الإجماع القومي الصهيوني.
     ونشيد في هذا السياق بالدور المميز الذي تقوم به حركات السلام، وخصوصا "تعايش" العربية-اليهودية، في النضال ضد الجدار العنصري، والذي كان له أثر تراكمي على الرأي العام في اسرائيل، وعلى المحكمة العليا بالتالي. ونهيب بالقوى السياسية الفاعلة على ساحة الجماهير العربية، بأن تصعد من نشاطاتها الإحتجاجية الميدانية ضد الجدار الرامي الى تكريس الواقع الكولونيالي، وإجهاض الحلم الوطني الفلسطيني في الإنعتاق من الإحتلال والإستيطان وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة الى جانب دولة اسرائيل.
     وننوه في هذا السياق أيضًا، الى المسئولية التاريخية السوداء التي يتحملها صاحب "براءة اختراع" الجدار، رئيس الحكومة السابق ايهود براك وحزبه "العمل"، وجميع أطراف اليسار الصهيوني التي تطرح الجدار – وليس إنهاء الإحتلال وويلاته على الشعبين – أساسا لحل القضية السياسية وتبعاتها الأمنية.
     وفي السياق الأشمل، والأكثر إلحاحًا، فإننا ندعو جميع قوى السلام الحقيقية، العربية واليهودية، الى تصعيد المعركة على الرأي العام الإسرائيلي، من أجل إسقاط حكومة الحرب والإفقار،  حكومة الدماء والدموع، المجرمة بحق شعبي هذه البلاد ومستقبلهما المشترك.

("الإتحاد")


الجمعة 2/7/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع