في مؤتمر الحزب الشيوعي التشيكي:
مكاسب هامة يحرزها الشيوعيون في ظل نظام الاستغلال والفقر والبطالة

عقد في اواسط الشهر الماضي مؤتمر الحزب الشيوعي في تشيكيا ومورافيا السادس بعد سقوط النظام الاشتراكي في تشيكوسلوفاكيا.

ولقد شارك في المؤتمر 345 مندوبا من جميع انحاء جمهورية تشيكيا، كما وشارك في المؤتمر 37 وفدا من احزاب شيوعية واشتراكية من القارات الخمس ومن بينهم كان ممثل حزبنا الشيوعي كاتب هذه السطور.
افتتح المؤتمر السكرتير العام للحزب ميروسلاف جربنيتشك بحضور جميع المندوبين والوفود الاجنبية، حيث قام بالترحيب بهم ودعوة المندوبين لمناقشة الموضوعات المطروحة على بساط البحث بشكل موضوعي وصريح لما فيه مصلحة الحزب والمواطنين في تشيكيا.
عقد المؤتمر تحت شعاري " الامل لجمهورية تشيكيا" و"مع الناس ومن اجل الناس".
ان الحزب الشيوعي في تشيكيا ومورافيا حزب عريق وحزب قوي جدا في حضوره على الساحة السياسية في تشيكيا.
 حصل الحزب في الانتخابات للبرلمان عام 2002 على 18.5% من الاصوات ويمثله في البرلمان 41 عضوا من اصل 200 عضو في البرلمان التشيكي، هذا وزاد تمثيله عن الفترة التي سبقتها بشكل ملحوظ حيث كان يمثله فيها 24 عضو برلمان.
الحزب الشيوعي هو القوة الثالثة على الساحة السياسية وهو القوة الرئيسية في المعارضة.
اما في الانتخابات للمجالس المحلية والبلدية فقد حصل الحزب على 21.1% من الاصوات ويوجد له تمثيل واسع في جميع البلديات والمجالس المحلية وله عدة رؤساء بلديات وبلدات.
لقد ناقش المؤتمر الوضع الداخلي في تشيكيا وكيفية التعامل معه كما وخصص حيز هام في النقاش  لبحث وضع الحزب والمهام الملقاة عليه في هذه الفترة الصعبة التي تمر فيها تشيكيا. وتم التطرق بتوسع لقضية دمج الشبيبة والاجيال الشابة في عمل الحزب وفي نشاطاته وتوسيع صفوفه بين الشباب وبين النساء.
الحزب الشيوعي في تشيكيا ومورافيا يرتكز على النظرية الماركسية التي يرى ان لها مكانة هامة جدا ايضا في القرن الواحد والعشرين.
في مركز برنامجه، بناء الاشتراكية وبناء مجتمع دمقراطي تسوده المساواة التامة بين جميع المواطنين، مجتمع التعددية في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وحسب النظام الداخلي للحزب (دستور الحزب) يتم انتخاب السكرتير العام في المؤتمر على يد جميع المندوبين بانتخابات مباشرة وسرية، ويتم التصديق على اعضاء اللجنة المركزية الذين يتم انتخابهم في مؤتمرات المناطق التي تعقد قبل مؤتمر الحزب العام.
وقد انتخب الرفيق جربنيتشك مجددا سكرتيرا عاما في الجولة الثانية، حيث حصل فيها على 187 صوتا مقابل 157 صوتا حصل عليها منافسه فويتخ فيليب، وبعد اعلان النتائج تعانق المتنافسان امام جميع الحضور في المؤتمر.
لقد تم في المؤتمر بحث التغييرات التي حصلت في البلاد بعد سقوط النظام الاشتراكي في عدة مجالات واخص بالذكر:
اولا قضية العمل: حيث انه عام 1989 (اي قبل الانقلاب المضاد) لم تكن بطالة على الاطلاق واما الان فحوالي 11% من القوى العاملة عاطلة عن العمل، لهذا يضطر الكثير من الاطفال الى ترك مقاعد الدراسة والتوجه الى العمل من اجل المساهمة في أعالة عائلاتهم هذه الظاهرة كانت معدومة كليا.
ثانيا: ان الوضع الاقتصادي الصعب ادى الى ظهور وانتشار الفقر والجوع والى وجود حوالي 20% من المواطنين تحت خط الفقر (هذا الخط الذي لم يكن موجودا في عهد النظام الاشتراكي).
ثالثا: التربية والتعليم
التعليم لم يعد مجانيا حيث  ان الطلاب مجبرون على دفع مبالغ كبيرة لتسديد ثمن الفعاليات المدرسية المختلفة وتسديد اثمان الكتب والقرطاسيات التي كان يحصل عليها الطلاب مجانا في عهد الاشتراكية. اما بالنسبة للبرامج والفعاليات التربوية والثقافية والترفيهية المختلفة فان غالبية المواطنين عاجزون عن الحصول عليها بسبب الارتفاع الكبير في اسعارها، فمثلا تذكرة لعرض مسرحي تساوي عشرة الى عشرين ضعف الثمن الذي كان قبل سنة 1989.
ان غالبية الاطفال والشبيبة لا تستطيع حضور برامج كهذه، وهذا احد الاسباب الذي يؤدي الى انزلاق الشباب لعالم المخدرات والجريمة، ظاهرة كانت نادرة جدا في العهد الاشتراكي.
كل هذه الامور وغيرها تضع الحزب في طليعة النضال ضد النظام الرأسمالي الذي اتى بالويلات على الاجيرين والطبقات المستضعفة في المجتمع التشيكي ويلقي مسؤولية كبرى على عاتق الحزب الشيوعي في نضاله من اجل تغيير الوضع القائم.
الحزب يناضل على جميع الجبهات ان كان في البرلمان او في المجالس المحلية او الحركات الجماهيرية من اجل:
- حل مشكلة البطالة وايجاد اماكن عمل لكل المحتاجين.
- الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والطبقات المستضعفة من اجل تحسين اوضاعهم المعيشية.
- من اجل دعم التعليم والثقافة والبحث العلمي بما يتلاءم مع الحاجة الموضوعية لتشيكيا.
- من اجل تطوير الجهاز الصحي وتحديثه واعطاء علاج لكل مواطن بما يتلاءم مع احتياجاته وليس حسب معايير اقتصادية وغيرها.
- دعم الشباب ودمجهم في المؤسسات الجماهيرية.
- النضال ضد عصابات العالم السفلي والجريمة التي انتشرت في السنوات الاخيرة والعمل على تربية وتثقيف الشبيبة على القيم التشيكية العريقة.
- كما ويعمل الحزب بالاشتراك مع قوى تقدمية ويسارية اخرى من اجل تغيير الواقع المرير الذي يعيشه غالبية المواطنين التشيك.
وفيما يتعلق بانضمام تشيكيا الى الاتحاد الاوروبي فان الحزب الشيوعي يعارض ذلك لانه يرى فيه محاولة من اصحاب رؤوس الاموال والشركات متعددة الجنسيات للسيطرة التامة على اقتصاد تشيكيا وباقي الدول التي انضمت اليه حديثا، وسلب خيراتها وتحويلها الى سوق لتسويق منتوجاتها والى مصدر للأيدي العاملة الرخيصة، كما ويرى في ذلك محاولة للحد من استقلالية الدولة والشعب التشيكي.
ان الحزب يرى في هذا الانضمام للاتحاد الاوروبي احد الاخطاء الفادحة التي ارتكبتها الحكومة التشيكية بدعم من الامبريالية الامريكية، ومع ذلك فان الحزب يرى ان من واجبه الاشتراك في الانتخابات للبرلمان الاوروبي بشكل مستقل والعمل ضمن حزب اليسار الاوروبي الاخذ في التبلور، وذلك من اجل ايصال صوتهم والتأثير على قرارات البرلمان لما فيه مصلحة الجماهير الواسعة في تشيكيا واوروبا كلها.
الحزب يطالب بعودة الجنود التشيك الذين يشاركون في احتلال العراق فورا كما ويطالب بانهاء احتلال العراق على يد القوات الانجلو اميركية الغازية واعطاء شعب العراق حقه في تقرير مصيره واستقلاله.
كما ويطالب بخروج الجمهورية التشيكية من حلف الناتو التي تسيطر عليه الطغمة العسكرية الامريكية بسياستها المعادية لشعوب العالم.
ان الحزب الشيوعي في تشيكيا ومورافيا يتضامن مع شعوب كوبا وسوريا والشعب الفلسطيني والعراقي وشعوب اخرى ضد الهجمة الامريكية الامبريالية وحلفائها, ويطالب برفع ايدي الشر عن هذه الشعوب ووقف التهديد الامريكي لها.
انه يرى اهمية حل كل النزاعات الاقليمية وبضمنها النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، على اساس قرارات الشرعية الدولية.
من اجل تحقيق كل ذلك يعمل الحزب الشيوعي في تشيكيا ومورافيا سوية مع قوى اليسار والتقدم في اوروبا وفي جميع انحاء العالم وخاصة مع الاحزاب الشيوعية في جميع انحاء العالم.
في نهاية المؤتمر بعد ان اتخذت القرارات في جميع هذه القضايا اسدل الستار عن المؤتمر على انغام نشيد الاممية.
وكان مؤتمرا رائعا لحزب عريق.
ملاحظة: قبل عدة ايام في الانتخابات للبرلمان الاوروبي حصل الحزب الشيوعي في تشيكيا ومورافيا على 20.3% من الاصوات في جمهورية تشيكيا وسيمثله 6 اعضاء من بين 24 عضو برلمان من تشيكيا.

*شارك د. عوني كحيل، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الاسرائيلي، في مؤتمر التشيك ممثلا عن الحزب*


الأربعاء 30/6/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع