كلمة <<الاتحاد>>
ويبقى المحكّ تغيير السياسة جذريًا

نبارك أية مبادرة للتعاون اليهودي العربي في مواجهة سياسة التمييز القومي السلطوية ومحاولة رفع شيء من الغبن اللاحق بالمواطنين العرب، بالاقلية العربية الفلسطينية في هذا الوطن المشترك، في شتى مجالات الحياة والتطور السياسية والاقتصادية – الاجتماعية والثقافية. ومن هذا المنطلق رحبنا بمبادرة الافكار التي طرحت للتعاون بين العمال وأصحاب العمل لمواجهة البطالة المستفحلة بين المواطنين العرب، وذلك من خلال اللقاء الذي تم بين  وعوديد طيره، رئيس اتحاد الصناعيين في البلاد وبين وفد ضم النقابيين جهاد عقل وغسان مقلشي ود. رمزي حلبي، مدير عام نادي رجال الاعمال في مكتب طيره. ورغم ترحيبنا بهذه المبادرة الخيّرة التي نتمنى ان يكون مردودها مثمرًا، الا اننا نعتقد ان مواجهة البطالة بين الجماهير العربية تستدعي حلا جذريًا وجديًا يكمن  موطنه  في تغيير جذري لسياسة التمييز السلطوية، التي تنتهج سياسة ليس فقط "الدمج بدون تطوير" للعرب التقليدية، بل سياسة اكثر عدوانية تتجسد بنسف جسور الدمج والتطوير للعرب. فليس من وليد الصدفة المعطيات الصارخة التي نشرت في عدد امس من "الاتحاد" والتي تشير الى ان الجليل اكثر منطقة منكوبة بالبطالة واغلاق اماكن العمل في اسرائيل. فهذه المنطقة غالبيتها من القرى العربية ومن المواطنين العرب المحرومة على خارطة التطوير السلطوية  من التصنيع ومن تصنيفها بأي من مناطق التطوير ذات الافضلية "القومية"، لا "أ" ولا "ب" التي تحظى بالامتيازات  والتسهيلات في مجال الضرائب والقروض والاستثمارات المدعومة. ولهذا ليس غريبا ان يبلغ معدل البطالة فيها (20%)، أعلى نسبة في البلاد، وان تغلق ابوابها بسبب الافلاس الكثير من الورش والمصالح في منطقة يعاني  سكانها اكثر من غيرهم من المعاناة تحت خط الفقر وانخفاض مستوى معيشتهم وقدرتهم الشرائية الاستهلاكية.

ومن المفارقات التي تعكس معالم الهوية الاجرامية التمييزية لحكومة الكوارث اليمينية الشارونية، انه في الوقت الذي نشرت فيه معطيات شركة "بيزنس داتا" عن حالة البطالة المستشرية في الجليل، وخاصة بين المواطنين العرب، في هذا الوقت بالذات صّدق وزير المالية و"الأمن"، بنيامين نتنياهو وشاؤول موفاز، على تحويل ثلاثمائة مليون شاقل اضافية "لتحصين" المستوطنات الكولونيالية في الضفة الغربية المحتلة، الواقعة خارج جدار الفصل العنصري وخارج  كتل الاستيطان الخمس الكبيرة. فهذا المبلغ يضاف الى مليارات الشواقل التي تنفقها حكومة الاحتلال والاستيطان والدماء اليمينية على بناء جدار الفصل العنصري والتي اذا تحررت من قيود الاحتلال تساهم بصورة جدية في المعركة لمواجهة البطالة وتوفير آلاف اماكن العمل لمحتاجيها ودفع عملية التنمية الاقتصادية.
وفي هذا السياق فان مواصلة حكومة اليمين الشارونية جرائم هدم البيوت في القرى العربية غير المعترف بها في النقب، في حورة، امس الاول، وفي "أم الحيران" والاعتداء الهمجي على اهلها، يعكس الطابع العدواني لسياسة حكومة الكوارث الشارونية التمييزية التي تخطط مختلف البرامج السوداء لوضع أكثر من علامة سؤال حول حق المواطنين العرب في وطنهم وفي التطور الانساني، سياسة لا مفر من مواجهتها ودفنها.

("الاتحــــــاد")


الأربعاء 16/6/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع