كلمة <<الاتحاد>>
وهل يَعتبر اولو الألباب؟

انتهت امس الاول، الاحد، الانتخابات في بلدان الاتحاد الاوروبي الـ- 25 لانتخاب البرلمان الاوروبي الجديد. ولعل من أبرز نتائج هذه الانتخابات انتقام الناخبين في عدد من البلدان لفلسطين المحتلة والعراق المحتل بمعاقبة الاحزاب والأنظمة الحاكمة في صناديق الاقتراع. ففي ايطاليا مُني حزب "ايطاليا الى الامام" الذي يتزعمه رئيس الحكومة المغرق في يمينيته سيلفيو برلسكوني بهزيمة كبيرة اذ تراجع الى الخلف وانخفض عدد المصوتين له من أربعة وعشرين في المئة في الانتخابات السابقة للبرلمان الاوروبي الى واحد وعشرين في المئة فقط. فقد عاقبه الايطاليون على مواقفه السياسية والاقتصادية الاجتماعية اليمينية المتطرفة المعادية للمصالح الحقيقية للشعب الايطالي، لعماله ولفئاته الاجتماعية المسحوقة وللسلام العادل وحق الشعوب في الحرية والاستقلال الوطني. عاقب الايطاليون برلسكوني وحزبه اليميني لأن حكومة هذا الحزب قد ربطت ايطاليا بعجلة التبعية لمخطط استراتيجية عولمة الارهاب بهدف الهيمنة  كونيًا التي تنتهجها ادارة بوش – تشيني – رامسفيلد – رايس – باول والمشاركة في هذا المخطط ودعمه والانضواء تحت لوائه. عاقبه الايطاليون لمشاركة حكومة برلسكوني وقواتها الى جانب بوش وقواته في الحرب على العراق واحتلاله والدوس على حرية وسيادة واستقلال شعب العراق، وممارسة أبشع الجرائم الهمجية ضد الشعب العراقي وممتلكاته وثرواته وخيراته. عاقبه الايطاليون لعلاقته  الوطيدة مع جنرال المجازر  والاستيطاني، اريئيل شارون، ودعمه لسياسة حكومة الكوارث اليمينية الشارونية وما ترتكبه من جرائم حرب همجية في المناطق الفلسطينية المحتلة ضد الشعب الفلسطيني واملاكه وحقوقه الوطنية الشرعية.
كما لاقى رئيس الحكومة البريطاني، طوني بلير وحزبه "العمال" نفس مصير الرئيس الايطالي برلسكوني وحزبه. فقد انخفضت نسبة ما حصل عليه حزب "العمال" البريطاني من 28% في انتخابات 1999 للبرلمان الاوروبي الى حوالي 22% في الانتخابات الاخيرة. ويعترف بلير بأن العامل المركزي لهزيمة الحزب الذي يترأسه يعود الى المشاركة في غزو العراق واحتلاله وارتكاب الجرائم ضد ابنائه. لقد عاقبه البريطانيون لتبعيته العبودية  لاستراتيجية العدوان الامريكية وكعرّاب في خدمة السياسة الامريكية داخل الاتحاد الاوروبي وكشريك مركزي الى جانب الامبريالية الامريكية في تنفيذ استراتيجية  العدوان الامريكية كونيًا ان كان في  أفغانستان او في العراق او في فلسطين المحتلة منذ العام 1967.
والسؤال الذي نطرحه هل يعتبر اولو الألباب في البلدان العربية، هل تستخلص الانظمة العربية العبر الصحيحة من هزيمة برلسكوني وبلير، وتتصور ماذا كان سيكون مصيرها لو اعطيت لشعوبها الحقوق الدمقراطية في التعبير عن رأيها في حكامها المتخاذلين  الذين يفترشون مقاعد الفرجة في مدرج الاحداث وشعب شقيق يواجه ما يشبه حرب الابادة. لا نستغرب أبدًا لماذا ترفض غالبية الانظمة العربية اجراء اصلاحات دمقراطية جذرية، وترتعد فرائصها من ذكر هذا الموضوع.

("الاتحـــــــــاد")


الثلاثاء 15/6/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع