<تقرير لبيد>، <خطة الأربعة مليارات>، <برنامج أوفك>، و..
السباحة في بحيرة الأرقام..


*خطط وبرامج وتقارير تصدر بالجملة عن حكومات اسرائيل، تحت شعارات "تحسين" وضع المواطنين العرب، فماذا يرشح عنها فعلاً؟! * رئيس المتابعة شوقي خطيب: نحن لا نعترف بتقرير "لجنة لبيد" جملة وتفصيلا والتقرير بالنسبة لنا هو تقرير اور*النقابي جهاد عقل: الميزانيات لم تحول حتى بنسبة 20% المنخفضة اصلا للبلدات العربية المنكوبة بالبطالة، وهذه سياسة مبنية على فكر عنصري لا يمكن ان يوفر المناخ او الدافع للتعايش الحقيقي ما بين الشعبين* المحامية غدير نقولا (عدالة): ومع الوقت تحولت خطة الاربع مليارات الى مجرد حجة لدى الحكومة لعزل البلدات العربية عن الخطط التطويرية المختلفة* السؤال الختامي (الأهم): ما العمل؟..*

يتكاثر في هذه الاونة، لا سيما بعد صدور تقرير لجنة لبيد بخصوص الجماهير العربية،  الحديث عن أوضاع هذه الاقلية في البلاد وعن المخططات الحكومية "لاصلاح الوضع".
اليوم تخرج الاتحاد في محاولة منها للاطلاع على ما تخفيه هذه الجعجعة الحكومية المتواصلة وان كانت حقا تحمل في طياتها ولو قليلا من القمح ليسد رمق أكثر من 60% من الاطفال العرب الرازحين تحت خط الفقر، وأكثر من 35% من قوة العمل العربية المحرومة من لقمة العيش بكرامة. وان لم تحمل ذلك (ومما نراه، فهي قطعا لن تحمله) كيف نقوم "نحن" به!

لبيد، الاكاذيب، المليار وهاجس الانهيار

كان رئيس الوزراء اريئيل شارون قد اعلن عن اقامة لجنة لبيد الوزارية، برئاسة وزير القضاء يوسيف لبيد،  غداة صدور تقرير أور، الصيف المنصرم، بعد عامين ونصف من ارتكاب جرائم اكتوبر 2000، وقتل 13 شابا عربيا من مواطني الدولة. وبعد أشهر قليلة من عمل لجنة لبيد "لتطبيق توصيات  أور"، قامت اواخر الاسبوع المنصرم باصدار تقريرها والذي من اهم ما جاء فيه: اقامة "سلطة تطوير قطاعات الاقليات" ووظيفتها معالجة القضايا "في الوسط غير اليهودي"، اضافة الى التوصية باعداد خرائط هيكلية للقرى والمدن العربية، والعمل على خلق التعايش عن طريق الايام الدراسية وتعيين "يوم التسامح"، طبعا كل ذلك الى جانب فصل كامل من التوصيات التأديبية لقيادات الجماهير العربية، وتشجيع "العرب للخدمة في الجيش والشرطة وأطر أخرى"..! 

من الجدير ذكره ان لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية ممثلة برئيسها شوقي خطيب، اعلنت  رفضها لاقامة هذه اللجنة منذ اليوم  الاول وذلك عبر الرسائل الاحتجاجية الى لبيد وشارون في 17.9.03 ومن ثم رفضه المثول امام هذه اللجنة منذ تشرين ثاني المنصرم، كما اعلنت المتابعة رفضها الحازم لكل ما جاء في تقرير لبيد جملة وتفصيلا.

 وفي حديثنا مع خطيب، أوضح: "بعد أحداث اكتوبر وقتل 13 شابا من شبابنا كان موقفنا، المطالبة بلجنة تحقيق رسمية، وقد اقيمت فعلا وسميت فيما بعد بلجنة اور، والتي واصلت عملها عامين ونصف العام وظهر امامها قادة الجماهير العربية، كما قدمنا بواسطة "عدالة" وثيقة اتهام ضد الحكومة بقتل 13 مواطنا . وعندما قامت لجنة اور بتقديم توصياتها قالت المتابعة ان هذا التقرير ورغم كل نواقصه وعدم الاشارة الى القتلة ومن يقف خلفهم، الا اننا رأينا به وثيقة رسمية هامة، وطالبنا الحكومة بتنفيذ ما جاء فيها."

"الاتحاد": لماذا جاءت مقاطعة لجنة لبيد؟

خطيب: الحكومة اقامت لجنة لبيد بكتاب تعيين غريب وتركيبة في معظمها معادية للجماهير العربية، بمشاركة  بنيامين ايلون (الاتحاد القومي) وافرايم ايتام (المفدال) ، وقد أعلمنا رئيس الحكومة ووزير القضاء باننا نرى في هذه اللجنة محاولة للالتفاف على تقرير اور واختزال كل الامور.نحن نرى ان تقرير لجنة اور هو التقرير.

"الاتحاد": اذن انتم غير مستعدين حتى على العمل على تعديل توصيات لبيد؟

خطيب: من ناحيتنا نحن لا نعترف بهذا التقرير جملة وتفصيلا والتقرير بالنسبة لنا هو تقرير اور.

"الاتحاد": أعلانكم مقاطعة اللجنة لم يمنعكم من الاجتماع الى رئيسها في نفس الوقت ولنفس الغرض في 28.3؟

خطيب: "رئيس اللجنة هو ايضا وزير القضاء في الحكومة وليست لدينا نية بمقاطعة الحكومة او وزرائها، الا اننا اعربنا امامه عن نفس الموقف وابدينا ارادتنا بمقاطعة اللجنة".
وفي هذه الاثناء يوضح خطيب ان الظروف الحياتية واليومية في السلطات المحلية العربية لم تتحسن البتة، يقول  "أول من يدفع ثمن سياسة افقار الفقراء واغناء الاغنياء هو الوسط العربي، والوضع اليوم هو ان السلطات المحلية العربية على شفا الانهيار بسبب التقليصات المتتالية."

"الاتحاد": ولكن ماذا عن خطة المليارات الاربعة؟

خطيب: هذه الخطة اعدت بعد احداث اكتوبر وبموجبها تم تخصيص الفتات للجماهير وللسلطات المحلية العربية الا ان هذا الفتات لم يتبق منه شيء، حيث ان هذه اللجنة لم تعد قائمة منذ اقرار ميزانية العام 2004.


جوعنا ليس ضربة قدر، وتقاريرهم تعيدنا الى الالغاز الرقمية!!

     في طريقه الى اجتماع قيادة الهستدروت للبت في الخطوات النضالية ضد عدم دفع الرواتب منذ اشهر لمستخدمي السلطات المحلية، حدثنا النقابي الجبهوي جهاد عقل مشيرا الى عمق الاوضاع المأساوية بين الجماهير العربية في اسرائيل.
"التجمعات العربية دائما تتصدر لائحة التجمعات المنكوبة بالبطالة في البلاد، ففي الوسط العربي هنالك حرمان من العمل لـ 35% من قوة العمل، وهذه النسبة ترتفع اذا ما اخذنا بعين الاعتبار حرمان النساء ايضا من العمل، وهنالك ايضا 46% من العائلات العربية تحت خط الفقر وكذلك حوالي 60% من اطفالنا، كما ان معدل دخل العامل الاجير العربي أقل بحوالي 37% من المتوسط العام."

"الاتحاد": كيف  وما سبب هذه الفجوة؟

عقل: في البلاد، نسبة العمال الذين يتقاضون الحد الدنى من الاجور (حتى 3500 ش.ج. بافضل الحالات) تصل الى 37% ولكننا اذا ما اخذنا المجتمع العربي وحده نجد ان حوالي 50% من الاجيرين العرب يتقاضون الحد الادنى، اما اسباب هذه الفجوة فترتبط بالاساس بنسبة البطالة والفقر ومعدل الاجور في الوسط العربي. معظم العمال العرب يعملون في مهن مؤقتة وغير ثابتة مما يسهل عملية ابتزازهم خاصة في ظروف البطالة والحرمان من العمل وهذا كله يؤدي الى انخفاض معدل الاجور.

"الاتحاد": وما هو الوضع بين الاكاديميين؟!

 عقل: "هنالك اعداد كبيرة من الاكاديميين العرب المحرومين من العمل، وهنا من المهم لفت الانتباه الى "البطالة المقنعة" والتي ترغم الاكاديميين على العمل في غير تخصصاتهم، هكذا مثلا نجد مهندسي حواسيب يعلون في دكاكين للحواسيب او اطباء يعلمون في المدارس، هذا الوضع غير صحي ويعاني منه كثر لذا نجد ارتفاعًا سنويًا في عدد الاكاديميين من مختلف الحقول المتقدمين بطلبات للتعليم في المدارس."
عقل ينظر بعين الخطورة الى التقارير الاخيرة التي تتحدث عن "تحسن في اوضاع العمال العرب" بعد تقليص اعداد العمال الاجانب والفلسطينيين من المناطق المحتلة: "من غير الصحيح الربط ما بين الحق في مكان العمل وتشغيل العمال الاجانب، هذه التقارير تصور اولئك العمال وكانهم سيئون ويتحملون مسؤولية مزاحمتنا على اماكن العمل، بينما البعد لهذه القضية طبقي، ومن يتحمل المسؤلية الاولى والاخيرة هم اصحاب سياسة اغناء الاغنياء وسحق الفقراء، واستغلال العمال الاجانب بابشع الصور الغير انسانية".

"الاتحاد": وكنقابي ما هو تقييمك لتقرير لجنة لبيد؟!

عقل: نوضح اولا انه كانت هنالك عدة خطط لمعالجة البطالة في البلدات المنكوبة بها في الوسطين العربي واليهودي ورغم ان البلدات العربية تشكل الاغلبية المطلقة من هذه البلدات، الا ان الميزانيات لم تحول حتى بنسبة 20% المنخفضة اصلا وهذه سياسة مبنية على فكر عنصري لا يمكن ان توفر المناخ او الدافع للتعايش الحقيقي ما بين الشعبين، الامر الذي يفترض ان يقوم عليه مستقبل الدولة. التدهور المتواصل سيؤثر سلبا على مجمل علاقاتنا مع الدولة كجزء منها.
نحن نعتقد ان الحل لهذه المشاكل الناتجة عن سياسة عنصرية  ولم تنزل من السماء، يكون بوضع خطة كاملة متكاملة تتركز اقتصاديا في الوسط العربي في 3 محاور، وهي تصنيع الوسط العربي، التدخل الرسمي من اجل الاستثمار في القوى البشرية بما يتلاءم مع احتياجات السوق ليضمن كل انسان عمله، وثالثا محاربة العنصرية في السوق اذ ان العربي آخر من يقبل الى العمل واول من يفصل!.
يؤكد عقل ضرورة العمل الجدي والمبرمج وعدم العودة الى تجربة خطة الاربع مليارات أو كما يسميها هو "لعبة الارقام".

الان بالذات: دق الجدران، قضائيا مهنيا وجماهيريا

في سابقة قضائية هامة، قبلت محكمة العدل العليا، في 2.6.04  التماس مركز عدالة و"برنامج القانون والرفاه" في كلية الحقوق في جامعة تل ابيب، بواسطة المحاميتين غدير نقولا وعنات ألبين ضد قرار الحكومة القاضي بعدم ضم بلدات عربية لبرنامج اوفك لمعالجة البلدات المنكوبة بالبطالة والمعانية من اوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة.
عن أهمية هذا القرار تقول المحامية غدير نقولا لـ "الاتحاد": "كانت الحكومة قد رفضت ضم البلدات العربية الى خطة اوفيك بحجة ان هنالك خطة خاصة بالوسط العربي هي خطة المليارات الاربعة، اما ادعاؤنا فكان ان خطة المليارات الاربع قد جاءت بهدف جسر الهوة بين الوسطين العربي واليهودي وهي غير كافية لتطوير الوسط العربي وسد كافة احتياجاته، وهنا جاءت المحكمة واكدت ان من واجب الحكومة اذا ارادت استثناء الوسط العربي من اي خطة رسمية، ان تثبت( الحكومة) ان هنالك تشابها تاما بين تلك الخطة وخطة الاربعة مليارات."

"الاتحاد": نفهم اذن ان خطة الاربعة مليارات جاءت لتمنح من جهة وتاخذ من اخرى؟!! 

نقولا: نعم، ولكن لا بد من التأكيد على الفروق بين خطة الاربع مليارات وخطة اوفيك مثلا. خطة اوفيك اقرت في العام 2000 كخطة تجريبية لتحسين اوضاع البلدات المنكوبة بالبطالة وباوضاع اقتصادية اجتماعية سيئة بشكل خاص، وقد اقيمت وقتها لجنة مكونة من مديري الوزارات المختلفة لضمان معالجة عينية لكل بلدة وبلدة، اضافة الى متابعة تنفيذ الخطة من قبل وزارة  العمل والرفاه  الاجتماعي. هذه الخطة تتضمن جدولا زمنيا واضحا ومحددا، لتنفيذ مشاريع مختلفة في البنى التحتية والتعليم والخدمات الاجتماعية.
كل هذا بينما خطة المليارات الاربعة لم تتعلق الا بالبنى التحتية دون ان تضم اي برنامج زمني واضح. لذا فلن تجد رؤساء عرب يعرفون حقا ماذا منحتهم خطة الاربعة مليارات او ما تبقى لهم. ومع الوقت تحولت هذه الخطة الى مجرد حجة لدى الحكومة لعزل الوسط العربي عن الخطط التطويرية المختلفة.
نقولا توضح ان الالتماس قدم باسم اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية وباسم قرى كفر مندا، عين ماهل وكسفية المنكوبة بالبطالة وذلك احتجاجا على عدم ضم اي بلدة عربية لبرنامج اوفيك، سوى قرية تل السبع، رغما ان البلدات الـ11 (كعدد البلدات في برنامج اوفك!) التي تتصدر سلم البطالة في اسرائيل هي عربية!
نقولا تشير الى عنصرية الانتقائية للبلدات اذ تم استثناء كل القرى العربية البدوية والدرزية غير المضمومة في خطة الاربعة مليارات، "وهي خطوة في منتهى الخطورة وتهدف الى تكريس التمييز." وتقول ان بت المحكمة جاء بعد انتهاء هذا البرنامج، وبمماطلة دامت حوالي عامين، منذ تموز 2002.

"الاتحاد": نتوقع ان تتعامل المحكمة مع التماسات قادمة وفقا لهذا القرار؟

نقولا: لا استطيع ان اصرح جزما الا انني اعتقد ان مثل هذا القرار سيلعب دورا ايجابيا في المسقبل، خصوصا في التماسنا بخصوص "قوائم الافضلية القائمة" والذي ما زال قيد البحث، فقد اوقف هذا القرار عمليا كل محاولات النيابة العامة للتحجج بخطة الاربعة مليارات..

المهندس شوقي خطيب، رئيس لجنة المتابعة، يثني على اهمية النضال في المسار القضائي واردف "هو مسار مهم لفضح هذه الحكومة وعنصريتها الا اننا نظل نعوّل بالاساس على النضال الجماهيري والمهني لتحصيل الحقوق. وعن الخطوات القادمة "قمنا بتكوين الائتلاف من اجل التاثير على ميزانية 2005 وذلك لمنع انهيار السلطات المحلية العربية، هذا الائتلاف بمشاركة مركبات لجنة المتابعة واعضاء الكنيست العرب وجمعيات عربية ويهودية يعكف على بلورة خطة عمل كاملة ومتكاملة خلال اسبوعين على الاكثر". واشار الى امكانية الاعلان عن تشويشات في عمل السلطات المحلية. اما النقابي جهاد عقل فاكد على ان التغيير في ظل هذه الحكومة اليمينية يظل هامشيا، "لذا علينا التظاهر والتحرك الجدي من اجل اسقاط هذه الحكومة واستبدالها، استبدال سياسة اغناء الاغنياء وافقار الفقراء وخدمة الاحتلال على حساب الطبقات الشعبية الفقيرة."


أمجد شبيطة
السبت 12/6/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع