أحمد قعبور مع جديده <صوتن عالي>:
أواجه البشاعة بالغناء الجميل وليس الجمال الاستهلاكي الذي نراه على الفضائيات

*في زمن العولمة والامركة يصبح التمسك بالهوية والشخصية واحدا من ضروب النضال* لست ضد كل الغناء الذي ينتج حديثا، هناك اغنيات خفيفة ظريفة ولطيفة ومحببة على القلوب. المشكلة انه لا يمكن للأغنية الخفيفة ان تحتل كل مساحة الاغنية العربية*

بيروت ـ في سي دي أحمد قعبور "صوتن عالي" ربما يشعر المستمع انه اكتشف موسيقى شرقية صافية وسط موج متلاطم من الموسيقى الهجينة التي تقدم لنا عبر خلطة معولمة. مع احمد قعبور ثمة حرص علي النص واللحن والاداء. فهو فنان مبدع يحترم المتلقي ويقدم له وجبة فنية دسمة يسمعها ويشتاق اليها.
احمد قعبور يصر علي الخصوصية والهوية ويؤكد انه يحارب البشاعة بالجمال. ويعلن تفاؤله بوجود متلقين ينتظرون الاعمال النظيفة وهذا ما أكده الطلب على سي دي "صوتن عالي" خاصة من جيل الشباب.
وننشر هذا اللقاء الذي اجرته "القدس العربي" مع الفنان:

"صوتن عالي" سي دي غنائي موسيقي من النوع الراقي والجاد. في هذا الزمن من اين لك الجرأة بتقديم هذه النوعية من الموسيقي دون دعم من قوي السوق الفاعلة؟
قعبور: بداية اخترت أغنية "صوتن عالي" لتكون عنوان السي دي لرغبتي في ان يرتفع الصوت في زمن يجري فيه كم الافواه وطمس الهوية العربية المشرقية خاصة في ميدان الغناء والموسيقى. في زمن العولمة والامركة الذي نعيش يصبح التمسك بالهوية والشخصية واحدا من ضروب النضال . لذلك اسعى لمحاربة البشاعة بالغناء الجميل الحقيقي وليس الجمال الاستهلاكي الذي نراه على الفضائيات العربية. انها حرب تشبه محاربة الباطل بالخير وها انا احارب البشاعة بالجمال، من دون الاخذ بالاعتبار اي عنصر من عناصر المعادلة الاستهلاكية. في تجربتي التي تجاوزت الـ 27 عاما لم يعد بامكاني الخضوع لشروط السوق، لكن المفاجيء ان الشريط عندما نزل الي السوق وجد تلقفا من قبل الشباب الامر الذي شكل صدمة ايجابية كبري بالنسبة لي. ليس صحيحا ان الاجيال الشابة تخسر هويتها، بالعكس هي لا تزال متعطشة لسماع ما يستجيب لطموحاتها وآمالها، وهؤلاء يأخذون بعين الاعتبار انهم ابناء هذا العصر ومن حقهم استخدام كل الاساليب الموسيقية المتاحة في هذا العصر.

الفنانون الجادون متفائلون باستمرار في حين نجد السوق مفتوحا علي كل الصعد للغناء الهابط والمبتذل فأين هو الصراع؟
قعبور: هذه الانظمة الحاكمة لا يمكن ان تولد ثقافة حية، متجددة، ناضجة وحديثة. هذه الانظمة لا يمكن ان تنتج الا ما نراه من تجليات فنية وثقافية على الفضائيات العربية. الغواني والغلمان الذين نشاهدهم علي الفضائيات هم صورة هذه الانظمة، وليس صحيحا ان الشاب العربي او الصبية العربية تتلقف هذه الاعمال. ربما تشاهدين حشدا من اربعة او خمسة الاف متفرج يصفقون لمغني، في مقابل هؤلاء هناك خمسون الفا وأكثر يبحثون عن حلم جديد ومشروع جديد. الفضائيات ليست عبرة. طبعا لست ضد كل الغناء الذي ينتج حديثا، هناك اغنيات خفيفة عاطفية ورومانسية ظريفة ولطيفة ومحببة علي القلوب. المشكلة الكبري انه لا يمكن للأغنية الخفيفة ان تحتل كل مساحة الاغنية العربية. على مدى الاجيال والعقود الاغنية الخفيفة موجودة، اما ان تكون الاغنية العربية جميعها من هذا المستوي فذلك يولد خفة في الذوق الفني وفي اذن المستمع.

 ماذا عن انتاج هذا النوع من الغناء الذي يحتاج نضالا؟
قعبور: هذا صحيح، والمشكلة الانتاجية كبيرة وحقيقية. في زمن تقفل فيه المسارح، وفي زمن يفقد فيه الممثل دوره، وفي زمن تراجع فيه مستوى قراءة الجريدة اليومية، وفي زمن البضاعة الاستهلاكية، في هذا الزمن سيجد احمد قعبور ومن يشبه مشاكل في اكتشاف منتج حضاري يؤمن بهذه الاغنيات ويسوق لها. بعض اغنيات "صوتن عالي" عمرها أكثر من سبع سنوات مثل "صبح الصباح" . اني امتاز بالنفس الطويل، وزوجتي تقول "لولا وجود ياصبر ايوب لقلنا يا صبر قعبور" . احيانا يكون الغناء لتلبية رغبة بالتعبير، واحيانا يكون للتعبئة والحماس، وفي بعض لحظات اليأس اغني لأثبت اني لا زلت علي قيد الحياة. اغني كما قال جبران خليل جبران لأن الغناء سر الوجود . انها طريقتي في العيش. الغناء يرافقنا في الحروب والسلام، وفي الموت والحياة والحب والفراق والاستقبال. انتمي الي هذه الحياة بكل تفاصيلها واستعمل الغناء كمجال تعبيري في الاتراح والافراح.

لنتحدث عن مخاض "صوتن عالي" ليتعرف القراء الى العقبات امام الموسيقى الجادة؟
قعبور: عندما قدمت مشروعي الى احدى شركات الانتاج حظي بتقدير عالي جدا انما كان الرد يا استاذ احمد مش خرج السوق . علما ان السوق قال ما هو مختلف وخذل توقعاتهم والسي دي يبيع. لقد سجلت اغنيات السي دي واحدة تلو اخرى وعلي مدى سنوات والجزء الاكبر منه انتجته بنفسي. كما اني اشكر عددا كبيرا من الناس الذين تعاونوا معي من كورس وعازفين، فقط بناء على ايمان بهذه الرسالة الفنية التي اوجهها. كما اشكر هاني سبليني الذي ثبت اقدامه في الموسيقي والتلحين، واشكر فراس شاتيلا الذي سيلمع في المستقبل كما اتوقع له وهما معا شاركا في التوزيع، الي جانب مجموعة كبيرة من الشباب والصبايا.

هل تشكل الكورس من شباب دار الايتام الاسلامية؟
قعبور: اني من محبي اصوات الاطفال في الاغنية وقد شارك اطفال دار الايتام الاسلامية ككورس في اغنيتين. كما ان ابني سعد صمم الغلاف بعد ان درس علم التصاميم. اني اتعب على كل عنصر من عناصر الاغنية واتابع كل صغيرة وكبيرة بنفسي.

قبل سنوات تم تصوير "صبح الصباح" فيديو كليب لماذا لايرافق الفيديو كليب الترويج للسي دي علي شاشة المستقبل؟
قعبور: هذه الاغنية اخذت حصتها كاملة من البث التلفزيوني قد تكون من اكثر الفيديو كليبات بثا من عشر سنوات الي الان وذلك بطلب من الناس وقد نالت الميدالية الذهبية في مهرجان الموسيقي في القاهرة كأغنية وفيديو كليب ايضا. وربما يتم بثها من باب الحنين.

هل تفكر بفيديو كليب يرافق السي دي؟
قعبور: انتاج الفيديو كليب اصعب بكثير من انتاج السي دي. لقد اعددت اغنية للمرشحين الى المرحلة الاولى من التصفيات النهائية في برنامج سوبر ستار وهي سوف تصور فيديو كليب. كما يتم حاليا تصوير فيديو كليب لأغنية ضمن اجواء رمضانية تحضيرا لرمضان المقبل.

في سماع "صوتن عالي" نتابع روح احمد قعبور الموسيقية التي نتآلف معها منذ اغنيته الاولي اناديكم. بالنسبة لك هل انت في مرحلة موسيقية مختلفة؟
قعبور: من الطبيعي ان أكون أكثر نضجا وأكثر هدوءا وعمقا. لقد تراجع بالنسبة لي الشعار المباشر وتقدم الشعار الذي يدخل في التفاصيل الانسانية بشكل أكبر. تجربتي الموسيقية صارت أكثر اختمارا وهي عصرية وابنة التراث في الوقت نفسه. لقد قدمت كل الاغنيات بأحلي حللها. في الاعمال السابقة ضحيت بالكثير لأني لم أكن املك امكانات مالية. في هذا السي دي اتت الاغنيات كما اريدها تماما، حتى ان احدى الاغنيات شارك في عزفها 16 كمنجا في الوقت نفسه. جميع من تعاون معي لم يكن تجاريا بل عمل انطلاقا من روح الصداقة التي تجمعنا. وأكرر هنا ان البحث عن الجمال في وسط من البشاعة هو سعي انساني ونضالي وجمالي في منتهي الاهمية. في النهاية اعتقد ان الحكم النهائي متروك للمستمع مع الوقت وليس لردة الفعل الاولي. ما قدمته ليس وجبة همبرغر، بل هو جلسة فنية اما ان نتذكرها باستمرار او ننساها دفعة واحدة.

هل تفكر باحياء حفل ما يقدم الاغنيات للجمهور حية؟
قعبور: في 14 تموز المقبل سوف نحيي حفلا في قصر الاونيسكو في بيروت والتأخير سببه ضرورات التمارين، وفي ايلول المقبل سوف احيي حفلا في لندن يعود ريعه لدعم المخيمات الفلسطينية في لبنان.

في العام الماضي وضعت الاغنية النهائية للذين صمدوا الي المرحلة النهائية في برنامج سوبر ستار، وهذا العام بدأ التعاون ايضا. ما هي دوافعك للعمل معهم، وهم جميعا مهيؤون للدخول في لعبة السوق؟
قعبور: في البرنامج الاول كانت لدي رغبة في تحميل هذه الاصوات رسالة تتضمن معاني الموسيقي العربية علي سبيل التحية لموسيقانا وأغنياتنا وأعلامنا في الغناء العربي ولذلك أدوا مقاطع للكبار. يا روح المغني يا عمر الانسان المغني بيجمعنا وبيعطينا أمان . بالنسبة لي الغناء بالمفرق جميل انما بالجملة هو احلي. ويبدو ان هذه الاغنية تركت اثرها في المشاهدين. ومهما فعلت العصرنة يبقي هؤلاء الشباب يغنون لعبد المطلب وفريد الاطرش وعبد الوهاب وفيروز والناس احبتهم بهذه الاغنيات. في سوبر ستار 2 طلبت مني ادارة المستقبل اعداد اغنية للمشتركين الـ17 في المرحلة الثالثة. في هذه الاغنية نقول شوفو الايام مثل البستان زهرة بتعيش وزهرة بتنام شوفو العصفور كيفو مسرور ما عندو قصور بس عندو حنان . وقد كتبتها بالتعاون مع الزميل عبيدو باشا. في زمن استباحة الشعوب وخيراتهم هذه دعوة للحب ليس علي الطريقة الطوباوية بل لأن الحب ندافع عنه احيانا بالبندقية.

هل انت مؤمن بمستقبل مختلف لهؤلاء المغنين خاصة بعد ان شاهدنا الدفعة الاولي منهم؟
قعبور: ساعي البريد احيانا يأتيك برسالة مفرحة واحيانا قد يأتي برسالة توتر الاعصاب لسنة كاملة. لقد اعتبرت نفسي ساعي بريد ينقل هذه الرسالة.

وفي الختام؟
قعبور: اتمني ان يبقي الصوت عاليا حتي وان شعرنا بالوحدة احيانا. المغني الفرنسي جورج موستاكيه يقول ابدا لن أكون وحيدا مع وحدتي . اني اشعر ان الناس معي حتي في وحدتي.


الثلاثاء 8/6/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع