عدد النساء في لجنة المتابعة العليا هو صفر


*عودة بشارات: يجب أن تكون لجنة المتابعة جسما تمثيليا يتابع قضايا الجماهير العربية في شتى المجالات، وأيضًا على صعيد القضية الفلسطينية وأية صيغة أخرى تضر بتمثيلية اللجنة.. فللأسف هناك من يريد تعليق قصوره السياسي والحزبي على شمّاعة لجنة المتابعة* د. هالة اسبنيولي: سؤال التمثيل الكمي مهم، ولكن الأهم هو التمثيل الكيفي * د. يوسف جبارين: إعادة التنظيم ستؤدي الى إجبار المؤسسة الحاكمة على التعاطي مع اللجنة وإن لم تعترف بها بشكل رسمي* د. سهير ابو عقصة داود: الأحزاب الفاعلة بغالبيتها تتبنى نهجًا تقدميًا على الورق ولكنها تقوم بممارسات رجعية تجاه النساء القياديات*

منذ سنوات طويلة يدور نقاش متشعب الآفاق ومتعدد الأوجه لماهية دور لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في اسرائيل، والتي تأسست عام 1981 بعد ان كانت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية (تأسست عام 1974) الهيئة التمثيلية الوحيدة لجماهيرنا.
شكّلت لجنة المتابعة العليا طاقمًا مصغرًا من سكرتيري الأحزاب والحركات السياسية الممثلة فيها، عُرِّفت مهمته بـ"إعادة بناء وتنظيم اللجنة واستكمال بلورة النظام الداخلي (الدستور) المقترح للّجنة"، حيث نوقشت عدة قضايا تنظيمية في طابعها ولكنها ذات أبعاد وإسقاطات سياسية أيضًا. وفي نهاية المطاف توصل الطاقم (بآلية تصويتية على عكس تلك الإجماعية المتّبعة في المجلس العام للجنة المتابعة العليا) الى المحاور التالية:
أولاً: مسألة ضبط عضوية الحركات والأشخاص – التنظيمية والسياسية - في اللجنة وهيئاتها، بعد أن كانت العضوية منظمة فقط في لجنة رؤساء السلطات المحلية.
ثانيًا: العلاقة التنظيمية والسياسية بين اللجنة ومركباتها المختلفة من أحزاب وسلطات وهيئات فرعية.
ثالثًا: رفع مستوى اللجنة من الناحية التمثيلية، انطلاقًا من تعبيرها عن السقف المشترك والحد الأدنى من القواسم المشتركة، بحيث يوسَّع تمثيل المواطنين العرب في النقب، ويضمن رسميًا – للمرة الأولى – تمثيل المواطنين العرب في المدن المختلطة/ الساحلية، والقياديين العرب في نقابة العمال العامة (الهستدروت)، وكذلك الأمر بالنسبة للحركة الطلابية العربية في البلاد. ويهدف هذا الى زيادة فاعلية اللجنة وشموليتها.
رابعًا: تطوير اللجنة وتأثيرها من خلال إقامة دوائر مهنية في شتى المجالات الحيوية ذات الطابع الجماعي. بعض هذه الدوائر قائم اليوم في مجالات التعليم والأرض والتخطيط والميزانيات، وبعضه الآخر غير قائم كما هو الحال في مجالات الثقافة والعلاقات الدولية والإدارة المالية وتجنيد الموارد "من مصادر وطنية فقط"، كما أكد لـ"الإتحاد" مدير مكتب لجنة المتابعة عبد عنبتاوي، منوهًا الى حقيقة عدم تلقي اللجنة أية مساهمات مالية من أي تنظيم سياسي منذ تأسيسها.

*هيئة تمثيلية أم سلطة؟*

لعل في المحاور أعلاه بعض التجاوب مع النقد الذي توجهه د. سهير أبو عقصة داوود، التي ترى ان  "المشكلة الأساسية في الصيغة الحالية للجنة المتابعة هي انها تعمل كقيادة تقليدية غير جريئة لا بالطرح ولا بالممارسة، لأنها مؤلفة في الكثير من الحالات ممن انتخبوا في ظل ممارسات غير دمقراطية ورجعية حتى". فيما يحذر عودة بشارات، سكرتير  الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة ومندوبها في الطاقم المصغر، من "تحويل لجنة المتابعة الى سلطة" ويرى ان "على الجماهير العربية ان تعرِّف وتقرر. يجب أن تكون لجنة المتابعة جسما تمثيليا يتابع قضايا الجماهير العربية في شتى المجالات، ولها دور هام أيضًا على صعيد القضية الفلسطينية والصراع في المنطقة وأية صيغة أخرى تضر بتمثيلية اللجنة وللأسف هناك من يريد تعليق قصوره السياسي والحزبي على شمّاعة لجنة المتابعة. فعلى الرغم من العوائق الكثيرة فقد أشارت الاستطلاعات الأخيرة الى أن 60 بالمئة من المواطنين العرب يرون ان لجنة المتابعة تمثلهم وهذا مؤشر إيجابي". وتقول د. هالة اسبنيولي أن على لجنة المتابعة "تكثيف دورها النضالي الإستراتيجي، لأن الإجتماعات تلو الإجتماعات – على أهميتها – صارت أقرب الى المراوحة في المكان ورد الفعل وحسب".

في هذا الصدد يرى الحقوقيّ د. يوسف جبارين ان "موضوع التسميات والتغييرات في تركيبة اللجنة هام ولكن الموضوع الأساسي يبقى التزام الأعضاء وتنفيذهم القرارات على أرض الواقع"، ويضيف: "لجنة المتابعة هي هيئة غير معترف بها رسميًا من قبل السلطة، وهي تحاول فرض نفسها على السلطة تدريجيًا والتأثير على السياسات والرأي العام الإسرائيلي، وأعتقد أن
إعادة التنظيم خطوة جادة نحو تطوير أداء اللجنة لاستقطاب أوسع وحدة صف، ستؤدي الى إجبار المؤسسة الحاكمة على التعاطي معها وإن لم تعترف بها بشكل رسمي. وفي ظل غياب الإعتراف الرسمي يحتِّم الواجب الوطني إقامة مؤسسة تشكّل سقفا لجميع الفعاليات السياسية والثقافية والإجتماعية ومحاولة الإتفاق على حد أدنى من برنامج العمل. فقد آن الوقت لإحداث تغييرات بُنيويّة على أساس تقييم ودراسة أداء لجنتي المتابعة ورؤساء السلطات المحلية ".

*أين نصف المجتمع؟*

نتيجةً لتركيبتها الحالية، عدد النساء في لجنة المتابعة العليا هو صفر (!)، وهذا المعطى بحد ذاته يدلّل على المكانة المتدنية للمرأة في المجتمع. "كانت هناك توجهات من قبل تنظيمات نسائية حول موضوع التمثيل النسائي في اللجنة ولكنها لم تتطور ولم تخرج إلى حيز التنفيذ" – يعترف عنبتاوي – "وانعدام التمثيل النسائي هو ما يجب مساءلة الأحزاب والسلطات المحلية حوله". وتشير د. أبو عقصة، التي قامت ببحث خاص عن المرأة الفلسطينية في السياسية في اسرائيل، الى أن "مشاركة المرأة في العمل السياسي تتصاعد، مما يعكس ارتفاع مستوى الوعي السياسي والإجتماعي لدى النساء، فهنّ اليوم أكثر ثقافةً وأكثر استعدادًا للمشاركة. المشكلة في العديد من الأحيان هي ان المرأة الناشطة ترفض التنافس على المناصب التمثيلية والقيادية، ولكن الطامة الكبرى هي أن النساء اللواتي تردن المشاركة في تحمل مسؤولية القرار السياسي تقابلن برفض أحزابهن وعائلاتهن ومجتمعهن. الأحزاب الفاعلة بغالبيتها تتبنى نهجًا تقدميًا على الورق ولكنها تقوم بممارسات رجعية تجاه النساء القياديات ولا أستثني أي حزب لأن الواقع يتحدث بنفسه: منذ قيام الدولة وصلت الى الكنيست مرأة عربية واحدة فقط (حسنية جبارة عن حزب "ميرتس" الصهيوني – المحرر)، ومرأة واحدة والى رئاسة المجلس المحلي (المرحومة فيوليت خوري في كفر ياسيف في بداية السبعينيات – المحرر)، والى عضوية الحكم المحلي 15 مرأة فقط".
وترى أبو عقصة ان "على لجنة المتابعة والهيئات التمثيلية المختلفة العمل على إيجاد الآليات لتدعيم وجود المراة سياسيًا، وعلى الإعلام العربي أن يركز على قدرات المرأة المجتمعية بدل مباريات الجمال، كما ويقع على النساء أنفسهن دور في التصدي بشجاعة للقيادات والأحزاب وتشكيل جماعات ضغط داخلية لزيادة التمثيل النسائي".
وعن هذا تقول د. اسبنيولي: "الوضعية المؤسفة الموجودة تؤكد اننا، كمجتمع، لا زلنا نفصل بين الشخصي والسياسي وهذه الرؤية خاطئة وعلينا - رجالاً ونساءً - أن نعمل على تغييرها برؤية شمولية. سؤال التمثيل الكمي مهم، ولكن الأهم هو التمثيل الكيفي، لديّ تحفظ مبدئي من تخصيص مقاعد مسبقًا (للنساء) لأنني واثقة من وجود نساء كفؤات ولكن في ظل الوضع القائم هذا يمكن أن يكون حلاً وسطًا. من الممكن أيضًا أن يتم ضمان التمثيل النسائي من خلال المركبات الجديدة كالنقابات والطلاب والأكاديميين". 


*المؤسسات والجمعيات – عضوية أم عمل مشترك؟*

أحد الناشطين البارزين في مجال العمل الأهلي، فضّل عدم ذكر اسمه قائلاً: "هناك توتّر بين العمل الأهلي والعمل السياسي، توتّر وخوف يعود الى عدم فهم الأحزاب لدور الجمعيات، بعض الأحزاب يحارب الجمعيات وبعضها يسعى للسيطرة عليها ولا توجد دراسة حقيقية للأمر، وجزء لا يستهان به من الجمعيات ضائع بين حانا ومانا. الجمعيات تتابع القضايا مهنيًا ولا تمثل الجماهير سياسيًا، من المفروض أن ينوجد التكامل وهذا غير حاصل". وبالنسبة لدور المؤسسات والجمعيات الأهلية في لجنة المتابعة يري هذا الناشط ان هذا الدور ينبغي أن يكون "على صعيد العمل المشترك وليس على صعيد العضوية"، على عكس د. اسبنيولي التي قالت: "برأيي، لا ضرورة في أن تكون جميع مركبات اللجنة منتخبة"، وترى انه "توجد دوائر مهنية استمرت وأخرى لم تُفعّل كما يجب، ولا غضاضة في أن يتم تسجيل هذه الدوائر كجمعيات كما هو حال لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، ففي نهاية المطاف"، تؤكد اسبنيولي، "لا يوجد عمل بدون ميزانيات". ويشاركها د. جبارين الرأي في "الحاجة الى تفعيل الدوائر التي أقيمت في الماضي كلجنة متابعة القضايا الإجتماعية والصحية"، ويقترح "إقامة دوائر مهنية إضافية في مجالات القانون، وكذلك أطر تُعنى بشؤون المرأة والشباب، على أن تقوم هيئة استراتيجية تنسق عمل جميع الأطر والدوائر، ومن الممكن إيجاد الصيغة التنظيمية الصحيحة في إطار مجلس عام تنبثق عنه هذه الأطر والدوائر".
ويقاربهما بشارات الرؤية في هذا الخصوص، "لأنها حاجة موضوعية في واقع التمييز العنصري الذي تعاني منه جماهيرنا".


*برلمان عربستان؟*


رغم ان موضوع الإنتخاب المباشر للجنة المتابعة (أو ما يطلق عليه البعض اسم "البرلمان العربي") ليس موضوعًا على جدول البحث حاليًا، إلا ان البعض حاول تصويره على أنه "امتحان الدمقراطية"، وقد تندّر أحد المُقابَلين عن هذا بالقول "هناك من يرى في الدمقراطية هدفًا وليس وسيلة، على النسق الأمريكي النيو-ليبرالي".
ويرى د. جبارين ان "الموضوع مركب أكثر بكثير حتى من سهولة طرحه، وهو بحاجة الى تعمّق ودراسة جدّية، وعلى أي حال فبالنسبة للجماهير العربية في اسرائيل هو غير واقعي، أولاً لانعدام الآليات التنفيذية الحقيقية ولأن طارحيه أنفسهم غير قادرين على شرح القفزة النوعية المرتجاة منه، وثانيًا لأنه من الناحية القانونية مثل هذه الخطوة ستكون عقيمة إذا ما جرت دون ترتيبات دستورية وقانونية مع الغالبية اليهودية". ويضيف: "لكني اعتقد أن إجراء انتخابات مباشرة لجزء من مركبات لجنة المتابعة لإيجاد تأثير قطري مباشر هو أمر وارد في الحسبان، على المدى البعيد على الأقل".


رجا زعاترة
السبت 29/5/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع