<يوم النكبة> و<يوم الأسرة> و<الاتحاد>

صادفت يوم السبت الماضي، الخامس عشر من أيار الجاري، الذكرى الـ (56) للنكبة الفلسطينية، وفي اليوم ذاته، كان يوم الأسرة العالمي، الذي شهد العديد من الفعاليات الهادفة الى الترفيه عن الأسرة وإسعادها. وقبل ذلك  بيوم واحد، في الرابع عشر من الشهر الجاري، احتفلت جريدة الاتحاد الشيوعية الانسانية العريقة بمرور ستة عقود منذ ميلادها ورؤيتها النور، والأمر الذي يمكن تأكيده، انه بقدر ما يشع نور "الاتحاد" ويتغلغل اكثر في عقول الجماهير، يبدد هذا النور ظلام جلاوزة الحرب والاحتلال والاستيطان، وينير الدرب امام الجماهير لولوجه، وبولوجه، تضمن الجماهير مستقبلا سعيدًا وزاهرًا وآمنا، يجري فيه توجيه كل الموارد والثروات والبرامج لصالح الانسان وبناء الانسان المبدع والمحب للحياة وللناس والطبيعة والجمال، وعندها يكون يوم الأسرة العالمي، بما حققته من انجازات تضمن لها الحياة الانسانية الكريمة لتكون أسرة سعيدة فعلا، ولا تخشى على استمراريتها ووجودها ومستقبلها وتشتتها.

وبالنسبة ليوم الأسرة العالمي، لنأخذ أية دولة في العالم اليوم، من أغنى دولة حتى أفقر دولة فماذا يقول الواقع فيها؟ وهل كل اسرة يتمتع أفرادها بالحياة التي أقل ما يقال فيها انها يجب ان تكون سعيدة ورغدة وانسانية وجميلة؟ فماذا سيقول العاطل عن العمل، لأفراد أسرته في يوم الأسرة؟ وماذا سيقول الانسان الذي يعمل ويكد ويجتهد، لكنه يتقاضى راتبًا لا يسد الرمق لأفراد أسرته في يوم الأسرة؟ وما هو شعور أفراد الأسرة الفلسطينية المشتتين في عدة دول؟ لقد مر يوم الأسرة، فأبناء الأسر الغنية، تمتعوا واستمتعوا وأسرفوا في التبذير وشراء ما يريدون، وابناء الأسر الفقيرة عانوا من الحرمان والآلام والعوز والفاقة، وهذا الواقع ليس منزلا فهو من صنع الانسان، الانسان الذي تتملكه وتتسلط عليه غريزة التملك والسيطرة بالقوة، الغريزة الحيوانية، والذي تبلدت مشاعره ازاء الآخرين لأنه يحمل في صدره حجرًا لا قلبًا، ولكي يكون يوم الأسرة، يوم بهجة وفرح وسعادة واعتزاز بما حققته الأسرة من انجازات في مقدمتها ان المجتمع كله أسرة واحدة توطد المحبة والتفاهم والاحترام والتعاون بين أفرادها، يجب التمسك بما تطرحه "الاتحاد" من فكر تقدمي انساني أصيل، للخروج من مستنقع الآثام والأحقاد والضغائن والحروب والظلم والطغيان والقوي ياكل الضعيف والاستغلال والعنصرية.

نعيش في دولة، يصر حكامها على انتهاج سياسة كارثية في المجالات كافة، لقد شردوا الشعب الفلسطيني وشتتوه في مختلف الدول، ويقومون يوميًا بممارسات وحشية كارثية ضده، يهدمون البيوت ويجرفون الزرع ويقتلعون الشجر ويصرون على حشره في داخل سجن كبير ويا ويله ان تالم أو تأفف، وذلك يتطلب موارد وميزانيات واقناع الشعب بتأييد سياسة مواصلة الحرب والاحتلال والاستيطان والقمع والتنكر لحق الشعب الفلسطيني في العيش الحر الكريم، وتعميق العنصرية، والنجاح في تلك السياسة، هو بمثابة برهان ساطع وضمانة أكيدة لإبعاد السلام الحقيقي الراسخ والامن والاستقرار وبالتالي حرمان الأسرة من الحياة السعيدة الهادفة.

في كل تنافس هناك منتصر وهناك مهزوم، وفي كل معركة هناك منتصر وهناك مهزوم، وتتعلق النتائج في هوية من انتصر وما هي أهدافه وأفكاره وانعكاسات انتصاره على الجماهير، ففي انتصار حكام اسرائيل المؤقت على سبيل المثال، على الفلسطينيين وحرمانهم من الاستقلال والحرية وادارة شؤونهم بانفسهم، هو بمثابة كارثة على جماهير الشعبين، الاسرائيلي والفلسطيني وفي المجالات كافة، ففي صالح من ذلك؟ وما هو الأفضل، انتصار نهج العربدة والعدوان وأفكار التمسك بالاحتلال، والحرب والتنكر لحق الآخر العيش الحر الكريم والتهديد بالقوة وتكديس الأسلحة وزرع الأحقاد والألغام في الدروب وسهولة الضغط على الزناد، ومخاطبة الفلسطينيين من خلال فوهات المدافع وقذائف الدبابات وقصف الطائرات وصليل المجنزرات واقتلاع الأشجار وهدم المنازل واقامة الحواجز ومنع ادخال الصحف الى قطاع غزة، أم القضاء على ذلك النهج الكارثي الخطير؟ وما هو المطلوب، لكي يذوت حكام اسرائيل على اختلاف انتماءاتهم الحزبية، ان الضمان الوحيد للاستقرار في المنطقة وانجاز السلام الراسخ والدائم هو بتجفيف مستنقع الأحقاد، هو بتخليهم عن نهج العربدة وبمخاطبة الفلسطيني  بلغة العقل والجمالية الانسانية والضمير الحي والمشاعر الصادقة المفعمة بالاحترام والجدية في وضع حد مرة والى الأبد لكل أفكار ونهج التسلط والحرب والعربدة؟ وعندها تستطيع الاسرة الاسرائيلية الاحتفال بيومها العالمي وتلتقي بالأسرة الفلسطينية في الحدائق العامة والأماكن الترفيهية بدلا من الالتقاء في حومات الوغى وساحات القتال، والضمان الوحيد لتنفيذ ذلك هو تبني وتنفيذ ما تطرحه جريدة "الاتحاد" الشيوعية الناطقة باسم الحزب الشيوعي، للتخلص من هذا الواقع المر والوضع الكارثي اللذين لم يجلبا على مدى عشرات السنين الا المآسي والآلام والضحايا والأحقاد.


سهيل قبلان
الجمعة 21/5/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع