الاتحاد في عامها الستين
ما بين المديح والواقع

نحتفل هذه الايام بمناسبة الذكرى الستين لصدور اول عدد من جريدة الاتحاد.
انها ستون عامًا في المفاهيم المطلقة من عمر الزمن.
لكنها أيضًا مئات بل آلاف السنين مجتمعة من عمر كل فرد منا، نحن الذين نهلنا من خلالها مفاهيم الاممية والوطنية الصادقة، غير المشوبة بالمزاودات القومجية الفارغة والهدامة.
نحن الذين فتحنا أعيننا لنرى فيها مرآة الصدق والعدل الكامن في نفوس كل الشرفاء من ابناء شعبنا، الذين ناضلوا بلا هوادة من أجل تحقيق ما يرنو اليه شعبنا من حرية وعدالة.

تلك المرآة البلورية السحرية، من عصر الأساطير، والتي كان من يقف امامها يكتشف وينكشف في آن واحد ليكشف الصادق الامين، والمنافق الغدار وينكشف على حقيقته في صدقه او نفاقه. نحن الذين تعلمنا من بين ثنايا سطورها وكلماتها كل ما لزم من معرفة سياسية، أدبية وثقافية ومن هوية قومية ووطنية، وجعلتنا نترفع عن هوامش واقعنا الأليم، الذي ارادته لنا السلطة، كي نبقى شعب الحطابين وسقاة الماء. لقد سمت بنا والى قمم الشموخ الوطني لتدفعنا الى النضال العنيد والمثابر، من أجل تغيير ذلك الواقع، ولتجعل منا القوة الرائدة في عملية التوعية المتواصلة كي نخرج شعبنا من ظلمات الجهل والقهر الى عالم العلم، المعرفة والكرامة. انها الجريدة التي رهج ورقص لها قلب الرفيق العامل، وجعلت من يحملها ويوزعها في زمن الرعب والتهويل بقطع الأرزاق والزج في غياهب السجون، انسانا شامخًا، مرفوع الهامة، لا تثنيه ولا تحنيه كل المغريات وكل التهديدات. انها الصحيفة التي هلع من سيف كلمتها البتار كل من سوّلت له نفسه محاباة السلطة والولوج في تيار الخنوع والاستسلام.انها الصحيفة التي خطّت سطورها وكلماتها من نور ونار.
نور يسطع في سماء الظلمات، لينير الطريق ويعيد الامل لمن فُجع وسُلب وشرد وكاد ينهار.
ونار تحرق اعداءها، بالكلمة، بالموقف، فلم ينالوا منها وبقيت شامخة مكللة بالغار.

وها نحن اليوم نقرأ المقال تلو المقال بما يثلج الصدر، عن حبنا وعشقنا للاتحاد، ويتغنى الرفاق على انغام موسيقى، الدفاع والكفاح الشعر والأدب، الحياة والأمل.
لقد فاق رفيقنا محمد بركة الجميع حين كتب يقول:
لم أعرف الحياة بدونها، وأصر على تجرع تتمة الحياة معها.

انه لغزل رفيع، لا يقوله الا عاشق ولهان يفْدي نفسه في سبيل بقائها، بقاء جريدة الحزب، الذي ليس لنا سواه وجريدة الشعب، الذي ليس لنا سواه وتصغر الكلمات وتتحجم امام هذا الزخم من الحب العذري، وكأن لسان حال الاتحاد يقول: ليتني امرأة ليحبني الجميع كل هذا الحب، وليعشقني الجميع كل هذا العشق.
ومع ذلك ورغم المديح والحرص الشديدين، لماذا تراني احس بكثير من الضيق وأشعر انني اكاد اختنق!
هل يعود ذلك الى غيرتي، بان غيري يشاطرني كل هذا الحب الكبير!
لا اعتقد، فقد أقررنا جميعًا واعترفنا، انها ليست ملك احد بل هي جريدة الحزب وجريدة الشعب، وكلنا سواسية في حبها وحريصون على مستقبلها.

اذا لماذا هذا الهاجس الذي ينتابني خوفًا عليها وهلعًا على مستقبلها!
وعلى أنغام كلمات فيروز السحرية القائلة أن:

المحبة لا تعطي الا ذاتها
والمحبة لا تأخذ الا من ذاتها
اتساءل!!
ماذا نفعل غير الكلام لصيانتها!
ما نفع العشق إن لم ندللها!
وما نفع الحب إن لم نصنها من كل خطب!
وما نفعنا نحن إن هي خمد بركانها.


د. أمين رفول
الجمعة 21/5/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع