كلمة <<الاتحاد>>
بين رفح وشابات اسرائيل

كم من الملائم، اليوم، استعادة المقولة الأساس التي استشرفت ما ستؤول اليه المؤسسة الاسرائيلية الرسمية بوزر سياسة الاحتلال. لقد قال الشيوعيون وبعض الجريئين الآخرين ان هذا الاحتلال لن يكون سوى مفسدة للأخلاق، الى جانب آثاره المدمرة الأخرى على اسرائيل بالذات.

أمس، ترادفت أمامنا المعطيات. فقوات الاحتلال مضت في استكمال تحشيد دباباتها وسائر آلات القتل والدمار في رفح المحتلة ومحيطها، متوعدة باقتراف ما عهدناه منها من جرائم حرب. وفي الوقت نفسه كشفت ضابطة كبيرة معيّنة من هيئة أركان جيش الاحتلال مباشرة، معطيات مذهلة عما تتعرّض له المرأة الاسرائيلية الشابة التي تساق الى هذا الجيش. فقد بيّن استطلاع أن واحدة من كل خمس مجنّدات تعرّضت لسفالة جنسية، وأن معظم هذه السلوكيات المنحطّة يقدم عليها الضباط تحديدًا (64% من الحالات). مع ذلك، فهناك من يهتم بكنس هذه الجرائم تحت بساط التعتيم،إذ اتضح أنه يجري إغلاق 85% من ملفات الشكاوى التي تتقدم بها المجنّدات.

لقد أكدنا ونؤكّد أن انتاج القتل والاذلال والاستعلاء تحت نظام الاحتلال لن يبقي اسرائيل منيعة ومعقّمة في وجه هذه الامراض. بل ان الاحتلال، عقلية وممارسة، ينتج حالة سرطانية لا أقل ستصيب الدولة التي تمارس الاحتلال ومجتمعها.
فهل يمكن مثلا تجاهل الروابط الوثيقة بين ما يظنّه الجندي الاسرائيلي من قوة مطلقة ممنوحة له في ظل نظام الاحتلال ضد الفلسطيني المستضعف، وبين شعور مشابه تجاه مستضعفين آخرين، كالنساء مثلا؟!

ان العقلية التي تقوم على العنف دينًا وديدنًا، لا تعرف الحدود. واذا كان الفلسطيني هو عنوان العنف العسكري الاساسي – فإن هناك عناوين أخرى. سيكون ابن الاقلية في اسرائيل، و"الأغلبية التي تعامل كأقلية"، نقصد النساء، والأطفال وكل من لا يتمتعون بقواسم نمط "الرجل الاسرائيلي الابيض".

وكما أكدنا فها نحن نعيد التحذير: ان هذا المجتمع الاسرائيلي سيظلّ عرضة لعملية خطيرة من التفتت السرطاني الداخلي طالما واصل السلوك كمحتلّ يستضعف الفلسطيني ويسيطر على حياته وحاضره ومستقبله بقوّة الدبابة.
فالقنبلة التي تدوي في الاراضي الفلسطينية المحتلة لن يتردد في اسرائيل صداها فحسب، بل شظاياها. وهذه أكثر من مجرد استعارة. انها الحقيقة التي تحوّل هذا الجيش الموصوف بـ "الاخلاقية" على لسان حكام اسرائيل، الى جيش للاعتداءات الجنسية، وعلى مجنّداته هو.

(الاتحاد)


الثلاثاء 18/5/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع