من ذكريات الشيوعي العريق شفيق خورية

يقول الرفيق شفيق خورية، واكبت صحيفة "الاتحاد" منذ سنة 1950، كنت في ذلك التاريخ معلما في قرية عيلبون حيث كانت "الاتحاد" وبدأت حينها علاقتي مع الرفيق حبيب زريق، لم تختمر الاوضاع السياسية في عقلي في ذلك التاريخ لكن الاوضاع السياسية التي كانت تعيشها عيلبون اثرت بي كثيرًا، كان الفقر والبطالة وابعاد الرجال وارتكاب جريمة قتل 18 شابا، وكانت "الاتحاد" في ذلك الوقت تعكس المأساة وتجند السكان. وشاهدت بعيني كيف ان الشيوعيين في تلك القرية كانوا يتصدون للحكم العسكري وللحكام العسكريين في زيارتهم لتلك القرية. وآمنت بان طريق الكرامة والبقاء والصمود هو طريق الحزب الشيوعي الاسرائيلي التي كانت "الاتحاد" ترسمه لجماهير شعبنا. انتقلت في السنة الثانية لأعلم في سخنين وكنت اقرأ عن ممارسات الحاكم العسكري في سخنين اللاأخلاقية وغير القانونية كالتعذيب ووخز الألسنة بالابر وغير ذلك من الأساليب الهمجية، كنت أقرأ كل ذلك عن كل ذلك في صحيفة "الاتحاد"، اذكر جيدًا ان عمال سخنين كانوا من اجل الحصول على تصريح للسفر من أجل العمل يأتون الى مركز الحاكم العسكري في شفاعمرو حيث كانوا يقضون النهار كله في سبيل الحصول على التصريح. وفي احد الأيام وبينما  كان عمال سخنين ينتظرون امام مكتب الحاكم  العسكري في شفاعمرو. قام بعض المهووسين من شفاعمرو بالاعتداء عليهم وكان معروفًا من هم المحرضون من اجل تنفيذ هذا الاعتداء، كانوا المتآمرين على صمود الاهالي ونضال العمال من أجل لقمة العيش خدمة لأغراض مشبوهة ومعادية للجماهير العربية. وعكست "الاتحاد" في ذلك الوقت الحقيقة المرة من تلك الحادثة المؤسفة، وحيث انني في سخنين تأثرت واستنكرت ذلك العدوان الأثيم، ومعروف أنه كان الارهاب الفكري والسياسي على المعلمين اضطررت لارسال رسالة استنكار الى صحيفة "اليوم" بعد ان نشرت "الاتحاد" كل التفاصيل ودنت العدوان والقائمين عليه، ولم تنشر جريدة "اليوم"  الذي كان رئيس تحريرها ميخائيل اساف، ذلك المقال الاستنكاري، بعد سنة من عملي كمعلم  فصلت من التعليم وكان اضراب الجلوس المشهور في مكتب مفتش المعارف في الناصرة لمدة سبعة ايام نقلنا على أثرها الى السجن في طبريا، وعندها انتسبت للحزب الشيوعي الاسرائيلي.
وبدأت كسكرتير لفرع الحزب الشيوعي في شفاعمرو مع عدد قليل من الرفاق بتنظيم العمل السياسي في المدينة. وكانت "الاتحاد" بالنسبة لنا هي الوسيلة الوحيدة المنظمة للعلاقة السياسية مع السكان.
وسعنا توزيع "الاتحاد" بالمئات في بداية اوائل الخمسينيات بالتعاون مع رفاق بعضهم رحل من هذه الحياة وذكرهم لا يزال حيًا، لما قاموا به من عمل بطولي لتجنيد السكان وعلى رأسهم طيبو الذكر الرفاق سالم صليبا، وتوفيق صليبا، وابراهيم ابو غزالة، كريم غالي وفي سنة 1955 عقد اجتماع لميخائيل اساف في شفاعمرو ليلقي دورة عن محاسن الهجرة اليهودية الاولى والثانية وكيف ان اليهود عمروا البلاد. قررنا في الحزب آنذاك التصدي لتلك السفاهات وفضح مؤامرة التشريد وجرى الاعتداء علي شخصيًا وأصبت بعيني في تلك الفترة. ولاتمام العملية التآمرية تلك حاولوا في نفس الاسبوع منع توزيع "الاتحاد" بالقوة وفشلوا في ذلك، اذ تجند الرفاق بقوة وأوصلوا "الاتحاد" الى القراء والمواطنين. السلطة والرجعية كانا يعرفان ان "الاتحاد" هي التي تعكس آمال ونضال الشعب وتجند الجماهير من اجل تحقيق مطالبها اليومية، كانوا يحاولون منع ايصال "الاتحاد" الى المواطنين وكنا نشعر بالدور الهام الذي تنشره "الاتحاد" كلسان الحزب الشيوعي الاسرائيلي بين جماهير شعبنا. ولذلك لم يكن صدفة  ان السلطة والرجعية وعملاءها كانوا يحاولون دائمًا منع ايصال "الاتحاد" الى المواطنين. وكم من التهديدات التي ارسلت وجرى الاتصال مع بعض القراء لمنع شراء "الاتحاد" او حتى قراءتها.
هناك محطات كثيرة لحزبنا في شفاعمرو اقترنت بصحيفة "الاتحاد". فاضراب سنة 1955 بتاريخ 7 تشرين الثاني والمعروف (بطوشة الباصات) عندما اعتدى البوليس بأفراده الكثيرة على عمال شفاعمرو واستشهد العامل محمد ابو رعد واعتقلوا المئات من عمال شفاعمرو وكان الحزب الشيوعي وصحيفة "الاتحاد" المدافع والمجند لعمال شفاعمرو. وحتى عندما قدم 130 عاملا من شفاعمرو الى المحكمة التي استمرت أشهرًا وصدر الحكم على الأكثرية الساحقة منهم بالغرامات الباهظة او بالسجن كان "للاتحاد" الدور المشرف اذ واكبت نضال عمال شفاعمرو منذ البداية ونشرت أخبار المحاكمات باستمرار وفتحت اكتتابًا ماليًا استمر  اشهرًا لمساعدة عمال شفاعمرو في دفع الغرامات وتقديم المساعدات لبعض العمال المحتاجين هذا غيض من فيض من تاريخنا في شفاعمرو،  تاريخ النضال والصمود الذي قامت به "الاتحاد" منذ السنوات الاولى لقيام الدولة. لقد استمرت "الاتحاد" على نفس النهج حتى يومنا هذا حاملة الشعلة ومنيرة الطريق في مواجهة التيارات المختلفة والتي تصدر في بعص الاحيان من أقزام يحاولون نفي وأنكار الدور التاريخي المستمر الذي قام به الحزب الشيوعي وصحيفة "الاتحاد".
حاوره: أحمد حمدي
الجمعة 14/5/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع