ستون عاما على جريدة <الاتحاد> الغراء

تمر في هذه الايام الذكرى الستون لولادة جريدة "الاتحاد" الغراء، الصحيفة المناضلة التي واكبت كفاح الشعب العربي الفلسطيني منذ ولادتها والتزمت بأمانة واخلاص بالهم الشعبي وبالقضية الوطنية في مختلف الظروف والانعطافات.
كانت "الاتحاد" اول صحيفة تقدمية وطبقية في تاريخ الشعب الفلسطيني، اذ كانت الناطق باسم الطبقة العاملة الفلسطينية في ايام ولادتها الاولى، ثم غدت بعد ذلك الناطق باسم عصبة التحرر الوطني الفلسطيني، وهي اليوم الصحيفة العربية للحزب الشيوعي الاسرائيلي، الصحيفة التي تدافع عن الجماهير العربية في اسرائيل وحقها بالمساواة ومقاومة التمييز ضدها.
لم تكن مسيرة "الاتحاد" سهلة ابدا، بل واجهت وما زالت عراقيل وصعوبات مختلفة، ولكنها رغم قساوة الظروف وتنوع العراقيل صمدت وما زالت تصمد وتتحدى العقبات، وتوالى تأدية رسالتها الجسورة المقدسة تماما كالشعب العربي الفلسطيني الذي يوالي نضاله البطولي في ظروف شديدة التعقيد وفي وجه واحدة من اكثر القوى وحشية في تاريخ البشرية الحديث ان لم تكن الاكثر وحشية على الاطلاق.
اننا ننظر باحترام واعتزاز الى الدور الكبير الذي تقوم به جريدة "الاتحاد" الغراء في هذه الايام، حيث توالي معركتها الجسورة والمستمرة بصلابة واضحة ضد مخططات التحالف الامبريالي الصهيوني التي لا تهدد الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني فحسب، بل تهدد كل منطقة الشرق الاوسط وامن وسلام العالم اجمع. ويتنامى الادراك لدى قوى مختلفة في جميع ارجاء المعمورة الى حجم المخاطر التي تترتب على توجهات وخطط القوى الصهيونية العنصرية وغلاة الرجعيين المتطرفين التي تستهدف الدوس على حقوق الشعب العربي الفلسطيني المعترف بها بموجب القرارات والقوانين الدولية، لا سيما حقه في اقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس العربية، وحقه في العودة المنصوص عليها في القرارات الدولية. هذا في حين اصبحت وحشية قوى الاحتلال المتزايدة والامعان في ارتكاب المجازر سببا في اتساع حملات الادانة المتنامية لهذه القوى العاتية في جميع انحاء العالم.
ويتضح اكثر فأكثر بأن عنجهية القوى الصهيونية العاتية ولجوء المحتلين الى استخدام مختلف اشكال الاسلحة والاعتداءات بما في ذلك الغارات البرية والبحرية والجوية وارتكاب مختلف الجرائم والمجازر وقصف المدن والقرى والمخيمات وتدمير البيوت وتخريب المزارع ومحاولات تدمير البنية التحتية للاقتصاد والمجتمع الفلسطيني اضافة الى حملات التصفية لقادة النضال الفلسطيني، نقول يتضح ان كل هذه الاجراءات البريرية قد فشلت في كسر ارادة الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن قضية عادلة وعن حقوقه المشروعة والتي يدفع في النضال من اجلها ثمنا غاليا من الدماء ومختلف التضحيات البشرية والمادية. ان صمود الشعب العربي الفلسطيني الاسطوري امام جرائم المحتلين من جهة وامام الدعم اللامتناهي للمحتلين من واشنطن من جهة ثانية يؤكد انه ليس في مقدور الدوائر الصهيونية وقوى العدوان والاحتلال رغم كل اشكال الدعم الامبريالي، ان توقف تصميم الشعب الفلسطيني من اجل نيل حريته واستقلاله وتكنيس الاحتلال. ويبدو جليا ان الاستخدام المفرط للقوة ضد الشعب المناضل من اجل قضية عادلة، لم يفشل في تحقيق اهدافه فحسب، بل ساهم ويساهم في توسيع شجب هذه الاجراءات. ومن الواضح ان لجوء شارون الى مختلف الخطط والمشاريع في سبيل التملص من تبعات القرارات الدولية والتحايل على الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني لم تنجح في تحقيق اهدافها، رغم التأييد الواضح والانحياز الامريكي غير المسبوق لسياسات شارون، واصبحت سياسات شارون العدوانية وخططه التوسعية من العوامل التي تضاعف المتاعب والصعوبات التي تواجه واشنطن في البلاد العربية. فإذا كان شارون، بالاستناد الى دعم المحافظين الجدد في البيت الابيض والادارة الامريكية، يريد استثمار الاستعداد للانتخابات الرئاسية في امريكا وارتكاب مختلف الجرائم بهدف تحقيق بعض او كل اهدافه التي اعلنها عندما جاء الى الحكم.
الا ان غرق واشنطن في المستنقع العراقي خاصة بعد اكتشاف الجرائم بحق المعتقلين والمسجونين في سجن ابو غريب، وبعد تعاظم موجة الغضب من الولايات المتحدة وزيادة الكراهية لها في البلدان العربية والاسلامية، خاصة بعد رسالة الضمانات الى شارون، قد ارغم واشنطن للتعبير عن بعض التراجع عن الالتزام بخطط وسياسات شارون وتعديل لهجتها ازاء الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني. الامر الذي يؤكد ان محاولات شارون وغيره من القادة الصهاينة ستصطدم بصعوبات جدية خاصة في ظل صمود الشعب الفلسطيني واتساع المقاومة وتنوع اشكالها واساليبها في وجه الاحتلال الامريكي - البريطاني في العراق.
اننا ندرك ان المعركة التي يخوضها الشعب الفلسطيني من اجل حقوقه الوطنية المشروعة صعبة ومعقدة، وكذلك معركة الشعب العراقي من اجل تكنيس الاحتلال واستعادة سيادته الوطنية، ولكننا ندرك من ناحية اخرى ان قوى الاحتلال والعدوان في الحالتين تواجه صعوبات جمة وتتعرض الى هجمات وانتقادات غير مسبوقة من قوى في داخل مجتمعاتها، ناهيك عن اتساع الحركة العالمية المناهضة للاحتلالين والمطالبة بجلاء المحتلين في الحالتين. ويبدو جليا ان النضالات الوطنية من اجل الحرية والاستقلال التي تخوضها الشعوب العربية لا سيما في فلسطين والعراق ستكون من الروافد الهامة لنضال شعوب الارض قاطبة ضد القوى الامبريالية والرأسمالية الشرسة وضد قوى العولمة الرأسمالية التي تسعى من خلال نشر الارهاب، واشاعة الديكتاتورية في العالم تركيع جميع شعوب الارض لمصالحها ولارادتها.
اننا نؤكد ان جريدة "الاتحاد" الغراء، التي تحتفل بالذكرى الستين لميلادها، تساهم بشكل فعال في هذا النضال المتعدد الاشكال والاهداف وتبقى كما كانت دائما ترفع عاليا راية النضال ولن تنكسها ابدا وستبقى جسرا هاما للتواصل بين قوى الخندق الواحد في وجه المحتلين البرابرة.

(د. حمارنة - الامين العام للحزب الشيوعي الاردني)


د. منير حمارنة
الجمعة 14/5/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع