من <<الاتحاد>> وصلت أصواتنا الشعرية الى العالم


في عيد "الاتحاد" الستين، يستعيد كل واحد منا، قراء وكتابًا، جزءًا من سيرته الذاتية والعامة. وأنا، إذ انظر قليلاً الى الوراء، أتذكر غرفتين صغيرتين في ساحة خالية، قضيت فيهما عقدًا من الزمن، في صحبة مَن هم أكبر مني عمرًا وتجربة. لعلي كنت في  مدرسة لا في جريدة، هناك تعلّمت الكتابة الصحفية، من صياغة الخبر الى التقرير الى الريبورتاج الى المقالة  والافتتاحية. وهناك تعلمت المشي على طريق المستقبل بثقة الشباب الممتلئ حماسة. وهناك أيضًا تعلمت طريقة الاهتداء الى ذاتي والى علاقتها بالجماعة، فليست الحرية تلمّسًا شخصيًا فحسب، ولا سؤالا فرديًا فحسب. ولم تكن السجون الصغيرة والكبيرة سوى محطات للتدرب على عبادة الحرية، اذ، لم تكن "الاتحاد" جريدة اخبارية، بقدر ما كانت ورشة عمل لاجتراح الامل للخارجين من ليل النكبة. لقد أسهَمَتْ في بلورة وعينا بحقوقنا القومية، وبحقوقنا كمواطنين في دولة ليست لنا!. وساعدتنا"الاتحاد" في التعرّف على هويتنا الثقافية التي كانت مهددة بالتشظي والتمزق. ومنها وصلت أصواتنا الشعرية الى العالم، وانا، اذ أنظر ال الوراء، الى بنت جيلي أرى ذكرياتي الحميمة تطالبني بالوفاء لاولئك الكبار الذين عملت معهم وتعلمت منهم: توفيق طوبي، اميل توما، اميل حبيبي، صليبا خميس، علي عاشور ومحمد خاص، والعاملين في مطبعة "الاتحاد" القديمة. وان سقطت مني دمعة، فلا تلوموني!
محمود درويش
الجمعة 14/5/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع