متابعة لمخطط تطوير/ تطيير وادي النسناس (2-2)
حيّ حي وليس مجرد معبر


شركة "يافي نوف": "المخطط المصدق عليه لم يتغيرلكننا مستعدون لفحص مخططات بديلة إذا قُدمت" * حاليًا السؤوال هو التنالي: ما هو السبيل لابقاء وادي النسناس حيًا حيًا، وليس تحويله الى مجرد معبر بين هذه الاحياء أو تلك، فوق وتحت!*

في الاسبوع الماضي عرضنا الخطوط العريضة لمخطط بلدية حيفا في حي وادي النسناس. الكثير من الخطوات والتحركات أنجزت ولكن لا يزال المخطط ماثلا! فلم تقم البلدية بالاعلان رسميًا أنه من ورائنا، أو على الأقل، أنه جرى ملاءمته بما يخدم المصالح الحقيقية لاهالي الحي العريق. فيما يلي ما تقوله "الشركة" المخولة بالتنفيذ.
فالسلطة المسؤولة عن هذا المشروع هي السلطة المحلية أي بلدية حيفا، لكن الجهة التنفيذية والإدارية والتخطيطية أيضًا هي شركة "يافي نوف" المملوكة للبلدية. وهي الجهة التي أخذت المشروع في منطقة وادي النسناس "على عاتقها". ربما أخذته على عاتقها بشكل خاص لأن أرباح هذه الشركة تتزايد طرديًا مع الكيلومترات المربعة من الشوراع التي ترصفها وتزفتها. إلا أن الزفت يطال حياة الناس أيضًا ومعيشتها اليومية ومستقبلها ومجرد وجودها.
اتصلنا بمهندسة المشروع، ولنقل أنها لم تتحمس للتحدث مع "الإتحاد". فكان لنا هذا اللقاء مع المدير العام للشركة، د. دورون بالاشا:

"الإتحاد": هل أجريتم تغييرات أو تعديلات على المخطط منذ تجميده في دورة ميتسناع؟

بالاشا: "المخطط المصدق عليه لم يتغير، إنه مجمد فقط. لم تدخل أي تغييرات تذكر، لكن ربما هناك سوء فهم بالنسبة لعدد المباني التي يفترض هدمها حسب المخطط وهي حوالي 13 بناية".

"الإتحاد": ألم تفكروا – مثلاً – في إلغاء مخطط شق شارع مواز لشارع ألنبي من "هبارسيم" إلى شارع الجبل؟

بالاشا: "نحن نسير حسب المخطط المصدق عليه، وهذة الفكرة لم تلغ، على كل حال المقطع العلوي مجمد الآن. نحن ذراع من أذرع البلدية، والبلدية هي التي تدخل تغييرات جذرية".

"الإتحاد": أيضًا في الجزء غير المجمد، الأهالي يرفضون المخطط، لأنه يرون أنه مجحف بحقهم، وأنتم لم تقدموا حلولاً لهذا؟

بالاشا: "الهدف الأساسي من المخطط هو ترتيب أمور السير في المنطقة كي تصبح شريان المواصلات الرئيسي من البلدة التحتى وإليها (يتضح لاحقًا أنه يراد لشارع الجبل أن يكون محقان السير ليس فقط للسيارات القادمة من مركز الكرمل، بل من الهدار عن طريق شارع "شبتاي هليفي" أيضًا- ر.ز.)، بالنسبة للسكان نحن ليست لدينا بيوت، لكن في الإمكان تدبير بيوت بديلة".

"الإتحاد": لكنكم بهذا تتجاهلون طابع الحي ورغبة السكان، أصلاً أنتم لم تقوموا بالمسوحات اللازمة قبل البدء بكل هذا المشروع؟

بالاشا: "ليس بالضرورة ان نقوم بمسوحات في كل مشروع، المخطط لصالح السكان، هناك مشكلة مواقف والمخطط يوفر إجابة عليها، كما أنه يزيد من الأمان في الشارع لأنه ستكون هناك جادة في وسطه، ومعابر للمشاة."

"الإتحاد": ماذا سيكون موقفكم في حال قدمت لكم مخططات بديلة؟ هل ستتعاملون معها بجدية؟

بالاشا: "نحن مستعدون لفحص مخططات كهذه، لا أستطيع التعهد بأن تقبل وأن يطرأ تغييرات جوهرية، ولكن بالتأكيد هناك ما يمكن الحديث عليه."

الخلاصات و"الثمن"!

لم أتمكن هذه السنة من الاشتراك في مظاهرة يوم الأرض في البطوف، فقد قضيت نهاري بين مكاتب بلدية حيفا والمباني المهددة بالهدم وأهالي حي وادي النسناس. ربما تختلف أوجه سياسة التمييز العنصري والتهويد، ولكن هناك عقلية واحدة وراء كل هذا - نفس العقلية التي تقرع نواقيس "استيلاء" أهلنا في النقب على أراضي آبائهم وأجدادهم وترشها بالمبيدات الكيماوية السامة. هي نفسها التي ترسل الجرافات الى البعنة، ونفسها التي تحول اللغو الديمغرافي فيها إلى رياضة شبه يومية للوك التحريض العنصري. هذا واضح، ربما أكثر من واضح، إنه بديهي. والسياسات ذاتها في الجوهر العنصري والمآرب التهجيجية، المباشرة وغير المباشرة، إلا أن الوضع في حالة وادي النسناس وفي غيرها في الحالات في المدن المختلطة يحتاج إلى آليات تختلف عن تلك المعهودة في المدن والقرى العربية، مع الالتفات، أيضًا، إلى النقاط التالية:
* النجاح في تجميد المشروع كان ثمرة تضافر عدة عوامل، لكنها لم تكن لتنجح لولا وجود العامل الجماهيري، وهذا ما يجب تشديده في المرحلة المقبلة، إلى جانب إتخاذ الخطوات المهنية والقانونية اللازمة. فحين يتمسك أصحاب الحق بحقهم، يصير انتزاعه منهم أكثر صعوبة، وتصير القوى السياسية والمؤسسات المهنية في نقطة انطلاق أفضل.
* ليس ثمة تبرير للسكوت على الدور المقلق الذي لعبته فئة متنفذة بأملاك وشوؤن وقف الكاثوليك. صحيح أن جذور المشكلة ليست حديثة العهد، ولكن يجب القيام بخطوات فعالة لفضح العفن المتراكم هناك. الجميع يعرف اذدناب هذه الفئة للسلطة وتسخيرها لمقدرات الرعية لمصالحها الخاصة والتفريط فيها دون وجل. فبدل أن تقوم الكنيسة بدور إيجابي كما فعلت مؤسسات دينية أخرى لتدارك الوضع، كانت الكنيسة عاملاً سلبيًا، وفي أحيان كثيرة كان هذه الدور متواطئًا مع السلطات ضد مصلحة الحي والأهالي.
* يجب استغلال التركيبة الحالية للمجلس البلدي، والضغط على إدارة البلدية، من رئيسها الذي انتخب بفضل أصوات المواطنين العرب، إلى نائبه غلبهارت صاحب الراية الخضراء التي على أساسها انتخب للمجلس البلدي، للعمل على إنقاذ وتطوير ما تبقى من أحياء ومعالم عربية في المدينة، وضمان الحلول السكنية للأجيال الشابة. بوضوح شديد أقول إنه إذا كنا سندفع ثمنًا ما في هذا المخطط العيني فعلى البلدية أن تدفع للسكان العرب ثمنًا أيضًا، ليس ثمنًا ماديًا بالطبع، وإنما ثمن يتجسد في الخرائط الهيكلية التطويرية بحق كما تطرح كتلة "الجبهة".

ملعب في محيط الهدم

وأخيرًا، أعود إلى الأطفال الذي كانوا يلعبون في محيط الهدم، لأتساءل: ما هي الرواسب التي ستعلق في ذهون هؤلاء الأطفال حين يتذكرون يومًا ما أن السلطات التي أهملت أهلهم وأحيائهم تاريخيًا هي عينها التي خشوا أن تهدم لهم ملعب كرة القدم؟ وهل في إمكان شارون وحكومته إقناع أصغرهم سنًا أنه إذا أدى الخدمة "القومية" المزعومة مثلا، فسيكون لأطفالهم وأحفادهم مكان يلعبون فيه كرة القدم في وادي النسناس؟!


اسكندر عمل:

لا يمكن الموافقة على مخطط كهذا دون خرائط هيكيلية لوادي النسناس

يقول: "نحن من أجل تطوير أحيائنا العربية التي أهملت عشرات السنين ولكننا ضد الهدم العشوائي الذي لا يأتي لخدمة أهالي حي وادي النسناس"

المربي اسكندر عمل، رئيس كتلة "الجبهة" في المجلس البلدي بحيفا، يؤكد موقف "الجبهة" من المشروع ونضالها ضد الهدم المخطط له، منذ بدايته وحتى اليوم:
"عند طرح هذا المشروع في الدورة السابقة لبلدية حيفا في السنة الأخيرة من رئاسة عمرام ميتسناع، لم يكن لدى أهل الحي المتضررين من المخطط أي علم به، ولم يدر أحد بالإعلانات التي وضعت في الصحف العبرية. وبعد تحرك كتلة "الجبهة" أعلم جميع المتضررين وعلقت إعلانات على البنايات ذات الصلة بالمخطط. وقمت وزميلي في الكتلة، المحامي أيمن عودة، بزيارة الأهالي لتوعيتهم بحقوقهم وحثهم على تقديم الاعتراضات، ودعونا الأهالي إلى اجتماع خاص لهذا الغرض في مقر الحزب والجبهة في حيفا ("نادي مؤتمر العمال العرب")، وقدمت للّجنة المحلية 38 اعتراضًا.
كان موقف "الجبهة" واضحًا منذ البدء بمناقشة الموضوع وهو تجميد هذا المخطط، وبحث الموضوع من جديد بحيث يؤخذ بعين الاعتبار تطوير المنطقة وتقليص عدد البنايات المهددة بالهدم واشتراط موافقة أصحاب البيوت على كل إجراء. وفي نهاية الدورة الماضية عقدت اجتماعا خصيصًا لمناقشة الموضوع ولم يسمح للأهالي بحضور الجلسة بسبب "الاحتياطات الأمنية" نتيجة ترشح ميتسناع في الانتخابات البرلمانية.. وتقرر تجميد المشروع بناءً على طلب كتلة "الجبهة" وعدم تنفيذ أي خطوة قبل البحث فيه من جديد.
وفي بداية هذه الدورة قامت كتلتنا بتأكيد موقفها أمام رئيس البلدية يونا ياهف ونائبه شموئيل غلبهرت الذي كان معارضًا للمشروع في الدورة الماضية، على أن الجبهة ترى أنّه لا يمكن الموافقة على مشروع كهذا دون أن تكون هناك خرائط هيكيلية تحدد فيها كل الأمور كالشوارع ونسب البناء وتطوير حي وادي النسناس بحق من حيث مواقف السيارات والخدمات الاجتماعية التي يعاني الحي من نقص حاد فيها. وقد طرحنا هذا الموقف بحضور رئيس البلدية ونائبه والمدير العام لشركة "يافي نوف".
أخيرًا أقول أننا كنا و لا نزال من اجل تطوير أحيائنا العربية التي أهملت عشرات السنين، ولكننا ضد الهدم العشوائي الذي يخدم ليس سكان الحي ووإنما مناطق أخرى ليكون هذا الحي مجرد معبر من أحياء مختلفة في المدينة إلى منطقة البلد التحتى والمكاتب الحكومية".


رجا زعاترة
السبت 3/4/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع