نزلة عيسى: قرية خارج المكان!


* سياسة الجدران والهدم والمصادرة والتوسّع تتجسّد هنا بأبشع أشكالها. "الاتحاد" التقت عددًا من العائلات التي لا تملك حاليًا سوى الانتظار! *

نزلة عيسى، هي قرية فلسطينية حدودية تقع على الخط الاخضر، وتفصل بين باقة الشرقية والغربية. وحتى زمن ليس ببعيد كانت تزدهر فيها حركة تجارية نشطة، يعتاش منها آلاف العائلات الفلسطينية في منطقة الشعراوية.. ولكن في ظل إصرار حكومة اريئيل شارون على "مكافحة الارهاب" و"جلب الأمن" تم تدمير البنية الاقتصادية لمئات العائلات التي تعتاش في المنطقة. عائلة الأسعد من نزلة عيسى هي نموذج للمعاناة اليومية. فقد حوّلها الجدار الفاصل الى سجينة داخل بيوتها. "الاتحاد" زارت العائلة التي ضم بيتها داخل "الخط الاخضر".. ولكن!
يقول رائد احمد محمود اسعد: يعيش على هذه الرقعة التي تبقت لنا حوالي (70) نفرًا، فمنذ ان قررت سلطات الاحتلال الاسرائيلي اغلاق شارع باقة الغربية - جنين، ونحن ابناء عائلة الأسعد معزولون عن العالم الخارجي. ومن أصل 12 منزلا كانت العائلة قد بنتها بقيت 8 منازل، واليوم لا نعرف ما هو مصيرنا، حيث ان سلطات الاحتلال ترفض الكشف عن مخططاتها بشأننا.

ويستذكر رائد هدم سوق نزلة عيسى الذي كان يضم أكثر من 250 مصلحة تجارية، حيث كان يشكل رئة اقتصادية  هامة لسكان قرى شمال محافظة طولكرم.

عن المعاناة اليومية التي يعيشها أبناء عائلة الأسعد يقول رائد: لقد حولتنا سلطات الاحتلال الى أسرى في داخل منازلنا، ونحن نعيش رحلة عذاب وذل بشكل يومي، إذ اننا ممنوعون من الدخول الى باقة الغربية ومنها الى اسرائيل، التي لا تبعد حدودها عن منازلنا سوى امتار. اما بما يتعلق برحلة العبور الى قريته نزلة عيسى يقول رائد: لقد قامت سلطات الاحتلال بمنحنا تصاريح خاصة، للعبور عن طريق البواية التي قامت باقامتها على الجدار.نحن نعيش في ظروف غير انسانية، ونشعر بعدم الامان اذ ننوجد داخل سجن ومحصورون داخله، فالتصاريح التي بحوزتنا هي بالاساس للمبيت في داخل بيوتنا، ونحن لا نستبعد ان تقوم سلطات الاحتلال بطردنا من أرضنا.
ويشير رائد الى أن سلطات الاحتلال تسمح لأبناء عائلته فقط بالتحرك داخل ساحة منازلهم، لقد حولوا المنطقة الى منطقة اشباح، بعدما كانت منطقة نشطة تعج بالحياة، وقد خلف الجدار الدمار الشامل في المنطقة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية وبات الفقر يطرق باب كل المواطنين.

اما معين ابراهيم محمود أسعد فيبدأ حديثه عن قضية هدم منزله قائلا: يوم الخميس 21/8/2003، حضرت آليات وجرافات الاحتلال وهدمت منزلي ومنازل اخرى، والى جانب ذلك قامت بتدمير شامل لكل السوق التجارية التي كانت قائمة في المنطقة. لقد قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتحويل منطقة نزلة عيسى وباقة الشرقية الى منطقة منكوبة، ولا يكاد يمر علينا يوم بدون جريمة احتلالية. لقد قامت سلطات الاحتلال بعزلنا عن واقعنا الفلسطيني ولكي نصل الى النزلة نحن بحاجة للمرور برحلة "عذاب" بسبب سلوك جنود الاحتلال، والمسافة التي نقطعها هي 20 مترا فقط لكنها تحتاج لأكثر من ساعتين او ثلاثة.

الحاج ابراهيم محمود أسعد (أبو سمير) 69 عاما يقول ان "هذه ليست المرة الاولى التي تصادر دولة اسرائيل أراضي تابعة لنا وكذلك للمواطنين في قرية نزلة عيسى، ففي عام النكبة 1948صادرت اسرائيل اكثر من 120 دونما تعود ملكيتها للعائلة في منطقة "جوسي" و"الظهر" في سهل باقة الغربية.
ويضيف ابو سمير قائلا: هذه المرة قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة 22 دونما تابعة للعائلة لصالح بناء الجدار العازل والكل يرى النتائج المترتبة على بناء هذا الحاجز.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بمصادرة الارض فحسب بل قامت بهدم منزلي ومنزل ابني معين يوم زفافه وكذلك منزلين تعود ملكيتها للعائلة، فمن أصل 12 منزلا بقي لنا 8 منازل.
ويتنهد قائلا: وضعنا مأساوي وصعب، ونحن لا نعرف ما هو مصيرنا، وهذا الجدار لا ولن يجلب الأمن للاسرائيليين طالما لم يتم منح الفلسطينيين جميع حقوقهم المشروعة.

أبو سمير يشير الى المعاملة المهينة التي يتعرض لها سكان "نزلة الأسعد" على الحاجز والبوابة الفاصلة بينهم وبين عائلتهم وقريتهم "فكل مرة نريد المرور الى شرق الجدار نمر برحلة عذاب ذلك على الرغم من وجود قائمة لدى الجنود بأسماء افراد العائلة".

ويستذكر ابو سمير قضية الخدمات الطبية غير المتوفرة، فاذا أصيب أحد افراد العائلة بوعكة صحية يحظر علينا الوصول الى باقة الغربية ونبقى تحت (انعدام) رحمة الجنود! واولادنا الذين يتوجهون للمقاعد الدراسية في مدارس نزلة عيسى وباقة الشرقية يعيشون رحلة عذاب يومية في الذهاب والاياب.

أخيرًا: ترانسفير!

واخيرًا يقول العم أبو سمير: الممارسات الاسرائيلية في السنوات الاخيرة، واقامة الجدار الفاصل واغلاق المنطقة بشكل كلي، جعل السكان الفلسطينيين ينزحون عن باقة الشرقية ونزلة عيسى، وخصوصًا بعدما فقدوا مصادر رزقهم بعد تسوية السوق التجارية مع الارض، والامر ادى الى اغلاق اكثر من (85%) من مجمل المحال والمصالح التجارية في المنطقة.


حسن مواسي
السبت 3/4/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع