رئيس اتحاد الشباب الدمقراطي العالمي ميغل ماديرا لـ <<الاتحاد>>:
على الناس ان يعرفوا ما يجري هنا!


*أعضاء الوفد الأممي الذين جاءوا من 8 دول رأوا عن كثب ما يجري في ظل الاحتلال الاسرائيلي وشبكة جدرانه. وكانت لديهم فرصة اللقاء مع قيادات وناشطين من الشعبين.. الصورة القاسية التي رأوها زادتهم إصرارًا: يجب نقل ما يجري الى العالم*

اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، حركة سياسيّة شبابيّة أمميّة، تضمّ شبّانًا وشابات شيوعيين وشيوعيّات من كلّ دول العالم، وضعوا نصب أعينهم "النضال العابر للحدود"، في كلّ مكان يعيش فيه اناس مضطهدون أو مسحوقون. أو باختصار بحاجة لمن يشاركهم مأساتهم ويوصلها ولو للحظة الى العالم الخارجي ليسمع بها.

*نقطة للتفكير*

  ولنقلص المسافات والمساحات، ولنتركّز في ما يجري على هذه الأرض. هنالك ثلاثة ملايين ونصف المليون فلسطيني يعيشون في غيتو كبير أوجده الاحتلال الاسرائيلي لأرضهم، ويعيشون كل يوم مأساتهم من جديد: جندي اسرائيلي مصاب بنشوة القوة يهينهم بشكل مستفز على الحواجز أو يعرّيهم في الطريق لا لشيء إلا لايذاء كرامتهم وانسانيتهم في الصميم. وها هو ذات الجندي، عمره ثمانية عشر أو تسعة عشر أو عشرين عامًا، لا أدري، يطلق الرصاص على طفل عائد من المدرسة، أو على شيخ يفلح أرضه، أو على... مئات الحالات والاشخاص والامكانيات، لا لشيء إلا لأنه يملك القوة لفعل ذلك، فمعه بندقيّة. وبعد كلّ هذه المآسي المتكرّرة من يوم الى آخر، تأتي حكومة الاحتلال، وتبني حول قراهم ومدنهم جدارًا عاليًا بعلو السماء، لتسرق أرضهم المتبقية، ولتخنقهم علهم يختفون خلف هذا الجدار دون أن يدري احد، فيريحون ويستريحون..

 مع كلّ هذه المآسي والآلام، تكبر المأساة اكثر عندما نصطدم بواقع اللامبالاة الاسرائيلي، وخاصّة الفلسطيني في اسرائيل، فلم تخرج، مؤخرًا، مظاهرة واحدة كبيرة في حيفا أو في الناصرة أو في الطيبة أو في أم الفحم ضد ممارسات الاحتلال. ولا أريد لأحد أن يدّعي أنّ الوضع هنا مزرٍ بما فيه الكفاية، فلم يخرج أحد في مظاهرة جدية احتجاجًا على غلاء الخبز حتّى. اللامبالاة تسري في عروقنا. فعندما يدور الحديث حول السؤال "في أي مقهى نسهر الليلة"، تجد الاجابات تتطاير في الفضاء، أمّا عندما ندعى للمشاركة في مظاهرة ضد جدار الموت في الضفة الغربية، نصمت صمت القبور وندير أعيننا بنظرات بلهاء في الفضاء!!

*نقطة نور*

  في هذا الواقع المرير، أسود اللون، المكون من مآسي الاحتلال التي يعيش اخوتنا الفلسطينيون في واقعها، ومن لامبالاتنا نحن الفلسطينيون هنا في اسرائيل، نجد نقطة نور. هذه النقطة هي حركات الاحتجاج الاسرائيليّة والعالميّة، التي يشارك اعضاؤها في نشاطات المقاومة للاحتلال، وفي ايصال الصوت الفلسطيني الى العالم ليسمعه.
  اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي هو احد هذه الحركات، فاعضاؤه يتركون بلادهم ويصلون الى بلدان مزقتها الحروب للتضامن مع اهلها. في كلّ عام تصل عدّة وفود من الاتحاد للتضامن مع الشعب الفلسطيني. قبل اسبوع وصل الى البلاد وفد من اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، شارك فيه 13 عضوًا من ثماني دول في العالم: رفيقان من البرتغال وثلاثة رفاق من قبرص ورفيقان من آيسلندا ورفيقان من بلجيكا ورفيق من فنلندا ورفيق من الولايات المتحدة ورفيق من فرنسا ورفيق من بارغواي.
رئيس اتحاد الشباب الدمقراطي العالمي، الرفيق ميغل ماديرا من البرتغال خرج بانطباعات حادة، سمعنا بعضًا منها في هذا اللقاء.

"الاتحاد": حدثنا في البداية عن وفدكم!

ميغل: وفدنا مكون من ثلاثة عشر رفيقا ياتون من ثماني دول، بالاضافة الى عدد آخر من الرفاق كان من المفروض ان ياتوا معنا الا انهم لم ينجحوا في ذلك. اعضاء الوفد هم من البرتغال وقبرص وايسلندا وبلجيكا وفنلندا والولايات المتحدة وفرنسا وباراغواي، وهم يمثلون تنظيمات شبابية شيوعية واشتراكية في هذه الدول.

"الاتحاد": ماذا عن اهداف زيارتكم؟

ميغل: لقد اتينا الى هنا للاطلاع على الاوضاع العامة في ظل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، والاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية. ما رايناه فظيع، والوضع في الاراضي الفلسطينية مزر ومأساوي. ممارسات الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي المحتلة تفوق في الواقع كل ما نعرفه من خلال وسائل الاعلام العالمية. آلاف الفلسطينيين يعيشون في غيتوات بكل ما في هذه الكلمة من معنى، بينما المستوطنون يعيشون على اراض سرقتها دولتهم من شعب يموت يوميا.
لقد زرنا قرى تقع خلف الجدار الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية المحتلة، وبرأيي ان ما يحصل هناك يشبه ما قامت به الاقلية البيضاء في جنوب افريقيا بحق الاغلبية السوداء. لقد راينا معاناة الفلسطيني الذي يريد الوصول لفلاحة ارضه التي يفصلها الجدار عنه، وراينا معاناتهم على حواجز الاحتلال وما الى ذلك.

"الاتحاد": بعد عودتكم الى اوطانكم، ماذا ستفعلون بهذا الخصوص؟

ميغل: لقد اتينا للاطلاع وللتضامن وللمشاركة في نشاطات احتجاجية ولقاءات سياسية، وقد فعلنا هذا كله. لذلك عندما نعود الى بلداننا، تبقى المهمة الاساسية والاكبر وهي ايصال ما رايناه لشعوبنا، وعلى وجه الدقة، للشباب في بلداننا. هذه هي المهمة الاصعب، الا انها ايضا الاهم. التغيير لا يحصل دون تشكيل ضغط، ومن اجل تشكيل هذا الضغط على الناس ان يعرفوا ما يجري. الارضية في العالم جاهزة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ولذلك فعندما يعرفون ويطلعون على المآسي التي يعيشها هذا الشعب، سيكون التضامن اسهل، والضغط على اسرائيل اكبر.
انا لا اقول اننا سنكون المسبب لحصول الانقلاب الجذري في الراي العام العالمي، ولكننا سنكون عاملا مؤثرا لتغيير الراي العام في اتجاه دعم القضية الفلسطينية.

"الاتحاد": ما هي انطباعاتكم من زيارة لاسرائيل؟

ميغل: في اسرائيل قضينا يومين فقط، ولا اعتقد ان هذا الوقت كاف للاطلاع على الوضع، لكن اللقاءات التي اجريناها ساعدتنا في معرفة القليل. اللقاء مع سكرتير حزبكم العام كان مفيدا واللقاء مع رئيس لجنة المتابعة كان مفيدا ايضا. بالاضافة الى ذلك، فان اللقاء مع حركات الاحتجاج كان مليئا بالمعلومات الضرورية حول رافضي الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال وما الى ذلك.

*نقطة التقاء*

الوفد كان وصل الى البلاد ليبقى فيه اسبوعًا، يقضي يومين منه في اسرائيل وخمسة ايام في فلسطين في ضيافة الاتحاد العام لطلبة فلسطين.

في الايام التي قضوها في اسرائيل، شارك اعضاء الوفد في العديد من النشاطات واللقاءات السياسية والمتنوعة، التقى الوفد في يوم وصوله الاول بقيادة اتحاد الشبيبة الشيوعيّة الاسرائيلي، حيث تناول الطرفان عدّة مواضيع تهم المجتمع الاسرائيلي، وأراد الوفد الاممي معرفتها. ومن هذه المواضيع كان موضوع العلاقات بين اليهود والعرب وموضوع العسكرة في اسرائيل وميزانيّة الدولة وتقسيمها. من جهة اخرى، فقد اهتمّ مندوبو اتحاد الشبيبة الشيوعيّة الاسرائيلي بسؤال الوفد حول تعامل الشبيبة في العالم مع منظمات شبابيّة اخرى، وحول اولويّة عمل تنظيمات الشبيبة الشيوعيّة في العالم.

والتقى الرفاق من اتحاد الشباب الدمقراطي العالمي، خلال الفترة التي قضوها في اسرائيل، وقبل ذهابهم الى المناطق الفلسطينية المحتلة، بسكرتير عام الحزب الشيوعي الاسرائيلي، النائب عصام مخول، الذي اكد على رؤية الشيوعيين في اسرائيل، التي تربط بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
فأكد في معرض حديثه امام الوفد عن الجدار الفاصل الذي تبنيه اسرائيل على اراضي الضفة الغربية المحتلة، ان ابقاء الجدار معناه ابقاء الحرب مشتعلة، بينما ازالة الجدار تعني العودة الى مسار المفاوضات والحل السلمي.

اسئلة الوفد تمحورت حول حل الدولتين الذي يطرحه الحزب، ومستقبل الدولة بعد شارون وسفر وفد الجبهة للمشاركة في حفل التوقيع على معاهدة جنيف، وما اذا كانت الجبهة تؤيد هذا الاتفاق على الرغم من انه لا يقر بحق اللاجئين الكامل بالعودة الى وطنهم.

الشبيبة الشيوعية نظمت امسية احتفالية احتفاء بالوفد، فقدمت فرقة الفنون الشعبية التابعة للشبيبة الشيوعية في الناصرة، "مفتاح الدار"، عرضا فنيا.

والتقى الوفد ايضا برئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، ورئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية، المهندس شوقي خطيب، حيث شرح الاخير لاعضاء الوفد عن اللجنتين اللتين تأسستا عام 1975 وعام 1981 على التوالي، ووظيفة هاتين اللجنتين المتمثلة بمعالجة المشاكل السياسية التي تعاني منها الاقلية العربية وشرح ظروف واوضاع الجماهير العربية والمعاناة التي تعيشها هذه الجماهير في وطنها، وقال ان معاناة الجماهير العربية ومعاناة الشعب الفلسطيني تسبب توترا مع الدولة ومؤسساتها.

الوفد التقى ايضا بممثلي حركات الاحتجاج اليهودية، مثل الثانويين رافضي الخدمة العسكرية واهالي رافضي الخدمة العسكرية القابعين في السجون والقوس الدمقراطي الشرقي وحركة "يوجد حد".
وقدم ممثلو هذه الحركات شرحا لاعضاء الوفد عن اهداف حركتهم وتاريخها. وسمع اعضاء الوفد شرحا عن الوضع السياسي العام، وعن الوضع الاقتصادي.

في اللقاء مع اعضاء اتحاد الشبيبة الشيوعية الاسرائيلي، من العرب واليهود، جرى الحديث عن العلاقات بين الشبيبة في اسرائيل والشبيبة في العالم، وعن اهداف الشبيبة الشيوعية في اسرائيل من توعية الشباب سياسيا واجتماعيا.

بعد يومين حافلين باللقاءات السياسية، قضاهما الوفد في اسرائيل، توجه نحو الاراضي الفلسطينية المحتلة، هدف زيارته الرئيسي، للاطلاع على ماساة الشعب الفلسطيني. وحل الوفد ضيفا على "الاتحاد العام لطلبة فلسطين".

وقد زار الوفد رام الله، والتقى هناك بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقره بالمقاطعة، وزار جنين ومخيمها للاطلاع على آثار الاجتياح الاسرائيلي للمخيم، وايضا عدة قرى فلسطينية تقع خلف جدار الموت- الجدار الفاصل.


خليل حداد
السبت 20/3/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع