كلمة <<الاتحاد>>
صحة الانسان في خبر كان

تبرز في السنوات الاخيرة وبشكل صارخ المدلولات المأساوية لاتساع فجوات التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء في ظل سياسة نسف "دولة الرفاه" المنتهجة  تدريجيًا وبوتائر  سريعة سنويًا. ونقصد بالتحديد العلاقة الوطيدة التي تربط بين التقاطب الاجتماعي وبين التمايز في مستوى ونوعية استهلاك الخدمات الشعبية من خدمات صحية وتعليمية وغيرهما في ظل سياسة افقار الفقراء واغناء الاغنياء والخصخصة التي تنتهجها حكومة اسرائيل. فبسبب هذه السياسة الرسمية المنهجية يتبلور في اسرائيل مستويان من الخدمات الشعبية، مستوى راق ومتطور وذو جودة عالية من الخدمات للأغنياء، من اصحاب القدرة المالية، ومستوى متدن وبجودة سيئة للفقراء واصحاب الدخل الهزيل والمحدود. وهذا يبرز، على سبيل المثال لا الحصر، في مجال الخدمات الصحية. فقانون التأمين الصحي الذي يضمن الضمانة الصحية والعلاج لكل طالب الخدمة  وبغض النظر عن حالته الاجتماعية وهوية انتمائه قد تآكل في السنوات  الاخيرة في ظل ازمة الجهاز الصحي الخانقة، وفي ظل الخصخصة وانتعاش القطاع الصحي الخاص. وهذا ما تؤكده معطيات بحث اعدته كل من د. رفيتال غروس وشولي برملي - غرينبرغ من معهد بروكديل. وتعكس معطيات هذا التقرير حقيقتين مأساويتين.

الاولى: ان حوالي 60% ممن شملهم البحث عبروا عن قلقهم الشديد لعدم القدرة على تلقي العلاج المتطور المطلوب وتوفير مصدر التمويل للعلاج الطبي في حالة اصابتهم بمرض عضال. وان 14% من المستطلَعين اعترفوا بأنهم تنازلوا عن شراء ادوية سجلها الطبيب بسبب سعرها المطلوب غير المتوفر في جيوبهم. وهذا يعكس حقيقة انه في ظل سياسة الافقار والخصخصة الحكومية أصبحت  صحة الانسان الفقير في خبر كان.

والثانية: انه في الوقت الذي لا تستطيع فيه الاوساط الاجتماعية الفقيرة والمسحوقة توفير العلاج المطلوب والادوية المطلوبة فان الاوساط الميسورة من اصحاب الدخل العالي تتجه لتلقي العلاج المكمل ايضًا في السوق الخاصة، يدفعون اكثر لعلاج بجودة أفضل. فالخدمة الصحية اصبحت في ظل الخصخصة سلعة تجارية يحرم الفقير من امكانية تلقيها بسبب وضعه المادي الصعب. ووفقًا لمعطيات البحث المذكور فإن نسبة من يتوجه الى العلاج المكمل في السوق الخاصة التجارية قد ارتفعت من اثنين وعشرين في المئة سنة الفين وواحد الى سبعة وعشرين في المئة سنة الفين وثلاثة.
إن هذه المعطيات وغيرها تعكس حقيقة ان السياسة التي تمارسها حكومة اليمين الشارونية كارثية ومأساوية ليس فقط في المجال السياسي كذلك في المجال الاجتماعي والخدماتي. سياسة لا مفر من الكفاح لدفنها.

("الاتحـــــــاد")


الأربعاء 3/3/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع