حيفا - مكتب "الاتحاد" - كشف الباحث أمين فارس من مركز "مساواة" أن الحكومة اقتطعت مبلغ 27 مليون شيكل من الميزانية المخصصة لتطوير السلطات المحلية العربية، وحولتها الى المستوطنات. وأضاف أن الحكومة قلصت ميزانية التطوير للبلدات العربية من 975 مليون شيكل الى 622 مليونا.
جاء ذلك خلال بحث لجنة المالية البرلمانية، أمس الثلاثاء، اقتراح عضو الكنيست ايهود رتسابي من حزب شينوي حول تنفيذ "خطة الاربعة مليارات للوسط العربي"، واتسع النقاش ليشمل موضوع ميزانية الدولة والمواطنين العرب، وذلك استمرارا لليوم الدراسي الذي عقده النائب محمد بركة في اواخر كانون الاول الماضي كما اكد رئيس لجنة المالية ابراهام هيرشزون.
ومن الجدير ذكره ان مركز "مساواة" هو الذي وقف وراء هذه لمبادرة البرلمانية حيث حضر مندوبوه الجلسة . وقال مديره جعفر فرح أن المركز سيواصل استعمال كافة الادوات البرلمانية والقضائية ولاعلامية والشعبية لمواجهة سياسة التمييز. كما شارك في الجلسة عدد من رؤساء السلطات المحلية العربية واعضاء الكنيست محمد بركة وعصام مخول واحمد الطيبي وطلب الصانع وعبد المالك دهامشة وواصل طه وجمال زحالقة الى جانب اعضاء لجنة المالية.
وتحدث النائب احمد الطيبي في الجلسة حيث قال إن مشروع الأربعة مليارات شيكل لم يكن كافياً منذ طرحه، ولكن حتى هذه الخطة لم تنفذ على الإطلاق والوزارات تتهرب من تنفيذ إلتزاماتها. وقال إن أسوأ الوزارات هي وزارة التجارة والصناعة ووزارة الرفاه الإجتماعي ووزارة الإسكان.
وأضاف: إن المواطنين العرب هم الشريحة الأكثر تضرراً من السياسة المالية والإقتصادية للحكومة وليس صدفه أن كل القرى والمدن التي تعاني من أعلى نسب البطالة هي عربية.
وتحدث د.الطيبي عن تجاهل الحكومة أيضاً لدعم الوسط العربي في مجال البحث والتطوير والعلوم والفنون ولكن نحن مستعدون أن نبدأ تدريجياً بالميزانيات الإجتماعية التي تضمن حقوق الأقلية العربية وعيشهم بكرامة. وناشد رئيس اللجنة أبراهام هيرشزون أن يضع كل وزنه وجهوده لمساعدة الوسط العربي في سد إحتياجاته وحقوقه وإقتراح أن يكون هذا الإجتماع هو الأول في سلسلة إجتماعات مختصة في مشاكل الوسط العربي.
واعتبر النائب عصام مخول في كلمته أن الأوضاع الكارثية التي تواجهها الجماهير العربية المواطنة في إسرائيل جراء التمييز البنيوي المتواصل عبر أكثر من نصف قرن، هي ليست قضية المواطنين العرب وحدهم بل هي مشكلة المجتمع الإسرائيلي كله وتنعكس عليه ليس في المجال الإقتصادي-إجتماعي وحده، وإنما تنعكس في أبعاد أعمق وأشد خطورة لأننا نتحدث عن تمييز متواصل وتاريخي ضد أقلية قومية تعمل المؤسسة على التمييز ضدها وتهميشها على أساس إنتمائها القومي.
وقال مخول: إن هناك حاجة ملحة للقيام بعمليتين متوازيتين في آن واحد إذا كانت لجنة المالية والحكومة معنية بإحداث تغيير حقيقي في وضع المواطنين العرب: الأولى- تنفيذ خطة المليارات الأربعة في الموعد الجديد المحدد لها، على اعتبار انها خطوة أولى في سلسلة برامج لسد الفجوة التي تراكمت بين أوضاع البلدات العربية والبلدات اليهودية في إسرائيل، والبدء بالإعداد لخطة إضافية تتواصل بعد تنفيذ الخطة المقررة، قد تكون أكبر من 4 مليارات شاقل. ومقابل ذلك القيام بتنفيذ مسح علمي لحاجات الجماهير العربية وبلداتها، يحدد ما هي قيمة الحاجات ونوعيتها ومجالاتها، من أجل الوصول إلى مساواة الجماهير العربية جنباً إلى جنب، مع تحديد الآليات القادرة على توزيع الميزانيات العادية وعاماً بعد عام، بشكل يتجاوب مع مسألة المساواة ومتطلباتها.
وأضاف مخول: نحن بحاجة إلى وقف عملية التمييز البنيوي في توزيع الميزانيات العادية التي تعيد إنتاج الفجوة بين اليهود والعرب وتراكمها من جهة، ونحن بحاجة إلى الخطط الخاصة لجسر الفجوة التي نبعت عن سياسة التمييز عبر أكثر من نصف قرن من سياسة التمييز من الجهة الأخرى. وأضاف: إن خطة الأربعة مليار شاقل التي أقرتها حكومة براك لم تكن حلا لقضايا الجماهير العربية بقدر ما كانت "تعبيراً عن النوايا"، وكما يبدو أن تأجيلها والمماطلة في تنفيذها والتعامل معها وكأنها الجواب لقضايا المواطنين العرب هي أيضا إستمرار للتعبير عن "النوايا"، وهي نوايا خطيرة ما لم ننتقل إلى خلق آليات المساواة للمواطنين العرب وعدم الإكتفاء بالتحدث عنها.
وقدم رئيس كتلة الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير النائب محمد بركة مداخلة ختامية للجلسة حيث بارك فيها المبادرة لعقد الجلسة واشاد برئيس لجنة المالية ابراهام هيرشزون الذي اوفى بوعده في اليوم الدراسي في كانون الاول باجراء بحث خاص حول احتياجات الوسط العربي.
وقال بركة ان هناك ثلاثة محاور لمعالجة الموضوع، الاول هو اعطاء مناطق افضلية للوسط العربي لاقامة مشاريع اقتصادية وتجارية تتمتع بمحفزات وتسهيلات حكومية الامر الذي سينشط الدورة الاقتصادية في القرى والمدن العربية، وتقليص حجم البطالة ويرفع من مداخيل السلطات المحلية العربية لقاء الضرائب على المرافق التجارية والصناعية ويساهم في حل ازمة هذه السلطات، وبدون ذلك فان الوسط العربي سيظل يراوح في حلقة مفرغة حتى لو جرى حل الازمات الخانقة الحالية لان الازمة القادمة ستلوح بالافق حتما.
والمحور الثاني هو وضع خطة لجسر الهوة بين الوسطين العربي واليهودي. فالسلطات المحلية العربية رغم اوضاعها القاسية مستعدة لتمويل اجراء احصاء للاحتياجات اللازمة لجسر الهوة على ان تقوم الحكومة بجدولة هذه الاحتياجات ماليا وزمنيا في اطار خطة واضحة.
والمحور الثالث هو تنفيذ ورصد ما اقر من ميزانيات بما في ذلك برنامج الاربعة مليارات والذي هو في واقع الحال زيادة على الميزانيات القائمة بقيمة مليار واحد تقوم الحكومة بتنفيذه على مدار ثماني سنوات بدل اربعة سنوات بمعنى ان الزيادة الحقيقية التي لا تتجاوز 125 مليون شيكل سنويا ستتآكل في اطار التقليصات المتسارعة التي تقوم بها الحكومة في بنود اخرى.
واختتم بركة كلامه بالقول انه يستطيع ان يتحدث باسم الوسط العربي باكمله، حيث اننا لا نحتاج الى ميزانيات وخطط خاصة ويكفي ان نطالب كل وزارة بان ترصد الميزانيات بشكل متساو بين العرب واليهود حسب عدد السكان والا فان النقاش في لجنة المالية وفي الكنيست عموما سيتحول الى تنفيس ليس إلا.
الأربعاء 3/3/2004