قرية الأطفال برفح:أحلام الصغار تحاصرها رصاصات الاحتلال


عيونهم ملأى بالأمل..قلوبهم مفعمة بالحياة..والبسمة التي كادوا يحرموا منها لا تغيب عن وجوههم..تعبيرات ارتسمت في عيون الأطفال الذين يسكنون قرية الأطفال في مدينة رفح جنوب القطاع، امتزجت بالخوف من رصاصات الاحتلال التي لا تغيب عن أسماعهم لقربهم من مستوطنة رفيح يام التي يحلمون أن تختفي يوما من خارطة المكان.

مدير القرية وائل أبو مصطفى الذي بدأ معنا حديثه عن الفكرة الأولى لتأسيس القرية قال" نشأت الفكرة في دائرة المشاريع الصغيرة في وزارة التخطيط والتعاون الدولي آنذاك من دافع أن الأطفال الفلسطينيين هم الأكثر حاجة للرعاية وبدأت بعدها الاتصالات مع مؤسسة قرى الأطفال العالمية لإنشاء قرية في قطاع غزة وتم الاتفاق مع وزارة الإسكان لمنحنا قطعة ارض وبالفعل تم التوقيع على الاتفاقية بين الدكتور نبيل شعث وزير الشؤون الخارجية والمدير الإقليمي لقرى الأطفال في الشرق الأوسط واليوم ها هي القرية قد أصبحت حقيقة واقعة تقدم خدماتها للمجتمع.

 وعن الخدمات التي تقدمها القرية للمجتمع يقول أبو مصطفى "تقدم القرية خدمات متعددة للمجتمع أهمها رعاية الأيتام رعاية كاملة من مسكن ومأكل ومشرب، ويتبع القرية روضة أطفال يتعلم فيها الأطفال الأيتام في القرية وأطفال من المجتمع المحلي وخاصة الأسر الفقيرة كما تشتمل القرية على مدرسة ابتدائية خاصة وهناك وحدة صحية لرعاية أطفال القرية والروضة والمدرسة ومركز تدريب مجتمعي في كافة المجالات.

ويضيف أبو مصطفى عندما بدأنا العمل في القرية كان عدد الأطفال حوالي عشرين طفلاً وظل العدد يتزايد حتى وصل الآن إلى تسعين طفلاً تقدم لهم الخدمات بشكل كامل ونقوم برعايتهم رعاية خاصة فهم يسكنون في بيوت خاصة بهم وتسكن معهم أم بديلة تقوم بدور الأم الحقيقة التي فقدوها فهي تقوم على رعايتهم والاهتمام بهم في محاولة لتعويضهم عن الحنان الذي فقدوه بسبب الظروف التي مروا بها.

 وعن وجود مكان القرية بالقرب من مستوطنة رفيح يام وإطلاق النار المستمر وأصوات الانفجارات يقول مدير القرية "نحن جزء من المجتمع الفلسطيني الذي يتعرض للقمع بأكمله وأصوات إطلاق النار أصبحت أمراً عادياً جدا وعندما نسمع إطلاق النار تقوم الأمهات بمحاولة إشغال الأطفال من خلال الألعاب أو الحكايات أو النوم.

وحول سؤال عن علاقة الأطفال في القرية بالمجتمع المحيط يقول وائل أبو مصطفى "نحن نحاول دمج أطفال القرية بالمجتمع بشكل دائم وفي كل النشاطات التي نقوم بها فهم يدرسون معهم في الروضة والمدرسة ولا نقوم بأي نشاط في القرية دون أن نشرك فيه أطفال من المجتمع كي لا يشعر هؤلاء الأطفال بالغربة لأنهم في يوم من الأيام وبعد أن يبلغوا 18 عاماً سيخرجون إلى المجتمع وعلينا أن نكون قد هيأناهم لهذا جيدا فهم يخرجون لزيارة أصدقائهم خارج القرية ونسمح لأصدقائهم بزيارتهم ويخرجون إلى المسجد والعيادة والسوق وفي العيد يخرجون للعب مع الأطفال.

وفي نظرة مستقبلية لهؤلاء الأطفال قال مدير القرية "نحن هنا لنحاول تهيئة الأطفال الموجودين هنا كمواطنين صالحين فمن ينجح منهم في الحياة التعليمية نقوم بالاهتمام به تعليميا، أما من لا يهوى الدراسة فإننا نقوم بتعليمه حرفه أو صنعة في مركز التدريب كما أننا نولي أصحاب المواهب منهم رعاية خاصة حتى نطور من مواهبهم ونشجعهم.

وقالت سامية فارس مديرة الروضة التابعة لقرية الأطفال لدينا 20 طفلاً من أطفال القرية الذين يدرسون في الروضة لهم تعامل خاص ولكن لا نشعرهم بهذا فنحن نعمل معهم بالمراقبة فهم أطفال مميزين لهم عناية خاصة ولكن في بعض الحالات نقسو عليهم حتى لا يشعروا أنهم مختلفون أو أنهم أفضل من الأطفال الآخرين فهم أطفال عاديون جدا بسبب المعاملة التي يتلقونها من المدرسات ومعاملة أمهات القرية.

وعن تأثير إطلاق والنار المستمر من المستوطنة القريبة من القرية تقول مديرة الروضة أن المدرسات في الروضة اتبعن طريقة نحاول فيها الهاء الأطفال وإبعاد تفكيرهم عن أصوات إطلاق النار من خلال الألعاب التي ينامون فيها على الأرض.

ومدي تأثير هذه الأشياء على الحالة النفسية للأطفال قالت "نعم فهو موجود وهو شيء طبيعي وليس مقتصرا على الأطفال لدينا ولكن على الأطفال في المجتمع الفلسطيني بأكمله وينعكس من خلال رسومات الأطفال وألعابهم.

ومديرة المدرسة جملات ابو عبيد الله تقول نحن كمدرسة خاصة نختلف ولكن منهجنا هو منهج التربية والتعليم..وتقول مديرة المدرسة أن وجودنا بالقرب من المستوطنة لم يقف يوما عائقا في سير العملية الدراسية وأضافت صحيح أن هناك بعض الخوف من الأطفال ولكن لا نشعر انه يؤثر عليهم كثيراً.

وعن شروط الالتحاق بالمدرسة التابعة للقرية تقول مديرة المدرسة"ليس هناك شروط معينة ولكن هناك رسوم سنوية يتم دفعها ونقدم بها للطفل الزي المدرسي والكتب المدرسية والكراسات وكل القرطاسية.

وعن أطفال القرية تقول ليس لهم معاملة خاصة حتى لا نؤذي الأطفال الآخرين ونؤذيهم في نفس الوقت ولكن هناك متابعة من الأمهات في القرية على الأطفال بشكل كبير وأكدت أن هناك اندماج كبير بين الأطفال من القرية وخارجها وعندما نقوم بأي نشاط فإننا نشرك جميع الأطفال ولا نقول أن هذا من القرية وهذا من خارجها لدرجة أن لفظة ابن القرية نحن لا نستخدمها داخل المدرسة فكلهم أبنائي بدون استثناء.

أما تغريد أبو عيسى وهي احدي الأمهات التي تعمل في القرية "نحن هنا في بيوت عادية لتعويض لأطفال عن بيوتهم التي فقدوها ونحاول توفير جو من الحب والحنان والعطف والتعويض عن الأسرة الطبيعة فهناك ارتباط كبير بين الأطفال وبين القرية.وارتباطنا بهم ليس مقتصرا على العمل في القرية وإنما نصحبهم معنا  في بعض الأحيان عندما نكون خارج القرية.

ونحاول الوصول إلى الطفل والاقتراب منه وخلق علاقة أمومة وهذا واضح في الانتماء والتجاوب الكبير من الأطفال.

وتضيف تغريد أن الارتباط بين الأطفال والأمهات سيبقى مستمرا حتى لو خرج الأطفال من القرية بعد أن يصلوا إلى سن 18 وقالت أنها تعتبران مشروع القرية مشروع ناجح جدا لان القرية خدمت شريحة مهمة من المجتمع واحتوت أطفالاً كان من الممكن أن يكون مصيرهم صعب.

وبعد كل هذه الجولة كان لابد أن التقى الأطفال.. "ندرين" طفلة من أطفال القرية في السابعة من العمر كأن بحرا من البراءة في عينها عندما خرجت من الفصل عانقت بابا وائل (مدير القرية) عندما سألتها عن عمرها قالت لي سبع سنوات وعبرت عن سعادتها لوجودها بالقرية.

وصادف خروجي من القرية موعد خروج الأطفال من المدرسة فالتقيت عدداً منهم مرة واحدة وحدثتهم عن أشياء كثيرة شعرت بالأمل في كلماتهم والفرح في عيونهم وأفكارهم كانت اكبر من أعمارهم وطموحاتهم متلهفة لغد مشرق وأيام جميلة تنتظرهم.

إعداد: خالد الحلبي
مركز الاعلام والمعلومات


الثلاثاء 2/3/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع