يُلاحَظ ومنذ انعقاد وبدء اعمال المحكمة الدولية في لاهاي ومداولاتها حول بناء جدار العزل العنصري ان المحتل الاسرائيلي يصعّد من اعماله الاستفزازية العدوانية ومن الجرائم التي يرتكبها ضد شعب الانتفاضة في المناطق الفلسطينية المحتلة. فبشكل جنوني اقتحمت قوة عسكرية من الوحدات الخاصة يوم امس الاول، وبعد صلاة الجمعة، باحات وساحات ومصلّيات المسجد الاقصى المبارك في القدس الشرقية المحتلة. وكالذئاب الجائعة الى الافتراس انطلقت قوات العدوان باطلاق وابل مكثف من قنابل الغاز السامة المسيلة للدموع وقنابل صوتية ورصاص مطاطي على جموع المصلين، ما ادى الى سقوط عشرات الجرحى ودب الرعب في نفوس النساء والاطفال.
ان هذا العدوان السافر على المصلين وتدنيس قوات الاحتلال لارض وحرمة المسجد الاقصى المبارك يطرح اكثر من سؤال حول المدلول السياسي لهذه الجريمة الجديدة وحول ما تتوخاه حكومة الاحتلال والدماء اليمينية الشارونية من وراء هذا التصعيد العسكري البلطجي العربيد. فهل يخطط اريئيل شارون وموفاز لاشعال نيران مجزرة جديدة شبيهة بمجزرة القدس والاقصى في ايلول الفين اثر الزيارة الاستفزازية لشارون تحت حراسة آلاف الجند للمسجد الاقصى وتدنيس باحاته؟ هل يندرج هذا العدوان الجديد في اطار ممارسات الاحتلال لتهويد مختلف معالم القدس العربية المحتلة ومخططه الابرتهايدي لتطويق القدس الشرقية بالجدار الفاصل لعزلها عن محيطها الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة!!
ان اهداف المحتل من وراء هذا العدوان سياسية اكثر مما هي دينية. فدب الرعب ونشر الارهاب الاسود لابعاد المصلين عن اداء الصلاة في المسجد الاقصى المبارك يعتبران بمثابة وسيلة لتنفيذ مخطط التهويد وفرض السيادة السياسية الاقليمية على القدس الشرقية المحتلة ومعالمها التراثية والدينية المقدسة، الاسلامية والمسيحية. وانتهاك وحوش الاحتلال لحرمة المسجد الاقصى يرتبط بشكل او بآخر بجريمة قتل ثلاثة شبان فلسطينيين، قبل عدة ايام في قرية "بيت إجزا"، ارتكبها جنود الاحتلال ضد اهالي القرية الذين يتصدون لبناء جدار العزل العنصري على اراضيهم الزراعية التي يخطط الاحتلال الاستيطاني لنهبها ومصادرتها. كما ان العدوان على المسجد الاقصى المبارك يرتبط بشكل او بآخر مع عملية القرصنة والسطو المسلح على مصارف رام الله التي تشبه قرصنة عصابات المافيا والاجرام المنظم. فجميع هذه الاعمال الاجرامية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستيطاني اليمينية وقواتها القمعية ضد شعب الانتفاضة وممتلكاته ومقدساته تندرج في اطار التصعيد الجنوني للعدوان بهدف تركيع الشعب الفلسطيني لاملاءات المحتل الاستسلامية وتمرير خطة شارون "لفك الارتباط" التي مدلولها الاساسي والسياسي ترسيخ اقدام الاحتلال على اكثر من نصف اراضي الضفة الغربية ومنع قيام دول فلسطينية مستقلة على كامل الارض المحتلة منذ حزيران 67. ولهذا فإن مسؤولية انصار السلام العادل في اسرائيل وعالميًا تصعيد الكفاح لوقف العدوان الاسرائيلي المتصاعد ومناصرة الحق الفلسطيني المشروع بالتحرر والاستقلال الوطني.
("الاتحـــــــاد")
الأحد 29/2/2004