مرة اخرى وكأنها هدية ثمينة تهبط، ليس من السماء، بل من وكر المغامرة القاتلة على حكومة الاحتلال والاستيطان والجرائم اليمينية الشارونية، فأمس الاحد صباحًا قامت أيدٍ مجرمة بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه وقضيته العادلة بتفجير باص مكتظ بالركاب في القدس الغربية مما أدى الى وقوع سبعة قتلى وعشرات الجرحى من المدنيين الابرياء. فإضافة الى موقفنا المبدئي السياسي والانساني والاخلاقي الذي يدين بشكل صارخ عمليات قتل الناس الابرياء من المدنيين ان كانوا من العرب الفلسطينيين او من الاسرائيليين فاننا نرى في العملية التفجيرية التي حدثت في القدس امس جريمة نكراء مزدوجة ولا تغتفر بحق النضال الفلسطيني العادل من اجل التحرر والاستقلال الوطني. جريمة مزدوجة من حيث توقيتها ومدلولها السياسي. فقد جاء توقيتها قبل يوم واحد فقط من بدء اعمال محكمة العدل الدولية في لاهاي التي تطرح على طاولة العدالة قضية بناء جدار العزل العنصري الذي يقيمه المحتل الاسرائيلي. وحكومة اليمين الشارونية التي تقاطع المشاركة بالمرافعة في هذه المحكمة بادعاء عدم صلاحية وشرعية بحث المحكمة لقضية الجدار، فانها تجند وبالتنسيق مع الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية والاوروبية وادارة بوش الامريكية آلاف الشباب اليهود ووسائل الدعاية والاعلام لتشويه حقيقة الموقف الفلسطيني ووصفه بالارهاب ولاظهار اسرائيل الاحتلال الاستيطاني والجرائم بأنه ضحية الارهاب وان بناء الجدار جاء لحماية امن اسرائيل وسكانها من الارهاب الفلسطيني. وقد جاءت عملية القدس الاجرامية كذخيرة جديدة لتزويد وسائل التضليل الاسرائيلي ومساعدتها في تشويه حقيقة النضال الفلسطيني بين اوساط الرأي العام في لاهاي وعالميا. من استمع الى وزراء حكومة اليمين تعقيبًا على جريمة التفجير يرى انهم لم يخفوا حقيقة ان ما حدث يساعد كثيرا اباطيلهم الدعائية في لاهاي وبين الرأي العام الاوروبي والعالمي.
ومن ناحية ثانية فإن هذه العملية الاجرامية تعتبر بمثابة عمل استفزازي تخريبي للمساعي السياسية والدعائية الفلسطينية في محكمة لاهاي وبين اوساط الرأي العام العالمي حول المخاطر الجدية من وراء بناء المحتل لجدار العزل العنصري الذي يمزق اوصال الوحدة الاقليمية للدولة الفلسطينية العتيدة ويعزز الوجود الاستيطاني للمحتل على اكثر من نصف مساحة اراضي الضفة الغربية المحتلة. كما ان هذه العملية المدانة جاءت لمساعدة المحتل الاسرائيلي وحكومة الكوارث اليمينية في ترويج وتسويق دعايته التضليلية حول مصداقية بناء جدار الفصل العنصري وان بناءه "ضرورة موضوعية" لحماية الامن الاسرائيلي من "الارهاب" الفلسطيني. فبعد العملية سارع اكثر من مسؤول الى التصريح بأهمية الاسراع والتعجيل في اتمام بناء جدار الفصل حول القدس الشرقية المحتلة.
أكدنا ونؤكد ان مثل هذه الاعمال المغامرة لا يستفيد من ورائها سوى المحتل المغتصب للحق الفلسطيني.
("الاتحــــــــــــاد")
الأثنين 23/2/2004