يسافر في مطلع هذا الاسبوع الى واشنطن رئيس حزب "العمل"، شمعون بيرس، لاجراء محادثات مع المسؤولين في ادارة جورج دبليو بوش، مع كولن باول وكوندوليسا رايس وغيرهما، وذلك بناء على دعوة من الامريكان. وتوقيت موعد هذه الزيارة لم يكن وليد صدفة أو مفاجئًا. فهي تندرج في اطار التنسيق الامريكي - الاسرائيلي لمواجهة الأوضاع غير المستقرة في المنطقة، وخاصة مواجهة بؤر الصراع الدامي الاسرائيلي - الفلسطيني وعلى ارض العراق المحتل انجلو امريكيًا. ولا يخرج من هذا السياق اللقاء الذي تم بين رئيس الحكومة اريئيل شارون وشمعون بيرس ليلة الخميس الماضي، وقبيل سفر بيرس الى واشنطن بأيام قليلة معدودة.
فلقاء شارون - بيرس يستهدف احد امرين اساسيين يلتقيان عند نقطة خدمة المخطط الاستراتيجي الامريكي - الاسرائيلي المعادي للتسوية العادلة للقضية الفلسطينية. فالأمر الاول، الاحتمال الاول، هو بذل الجهود وبالتنسيق مع الادارة الامريكية لنسج خيوط حكومة وحدة كارثية يشارك فيها حزب العمل وبرئاسة اريئيل شارون في حالة انسحاب قوي اليمين المتطرف "المفدال" و"هئيحود هلئومي" من الائتلاف الحكومي اليميني او دفعهما الى الخروج من أروقة الائتلاف. فاقامة حكومة بمشاركة العمل يكون أسهل على الادارة الامريكية واريئيل شارون التضليل عالميًا والترويج لسياستها التي تنتقص من ثوابت الحقوق الشرعية الفلسطينية، غير القابلة للتصرف، وحتى تسويق خطة "فك الارتباط" الشارونية الكارثية وجدار العزل العنصري مع بعض التعديلات الهشة والهامشية. فدخول حزب العمل في هذه الحالة يكون مدلوله السياسي تجميل صورة وسياسة جنرال المجازر والاستيطان وممارساته الاجرامية في المناطق المحتلة وضد التسوية السياسية العادلة.
والامر الثاني، الاحتمال الثاني ان يستغل شارون السمسرة بورقة احتمال دخول حزب "العمل" الى الائتلاف الحكومي لجرجرة وكسب الوقت في موضوع خطة "فك الارتباط" وللضغط على المفدال وهئيحود هلئومي للبقاء في الائتلاف الحكومي مع وعود باختزال حتى خطة اخلاء المستوطنات في قطاع غزة.
ان أسهم الاحتمال الاول بدخول "العمل" أروقة حظيرة حكومة شارون هي الأرجح، حسب رأينا، وهي تنسجم اكثر مع المصالح الاستراتيجية العدوانية الامريكية في المنطقة ومع سياسة اسرائيل الرسمية بالحل المنقوص للقضية الفلسطينية الذي يحرم الشعب العربي الفلسطيني من حقوقه الشرعية المسنودة بقرارات الشرعية الدولية.
ما نود تأكيده، ومن التجارب المأساوية لقيام حكومات "وحدة قومية" يشارك فيها الليكود و"العمل" انها كانت دائمًا حكومات "شلل قومي" لم تمارس أي سياسة قريبة من الواقع بامكانها التقدم حتى ولو خطوة واحدة نحو التسوية السياسية او مواجهة اوضاع الأزمة والتدهور الاقتصادي - الاجتماعي. فمتطلبات القضايا الملحة المطروحة على ساحة الأزمة السياسية والاقتصادية الاجتماعية لا تستدعي قيام حكومة وحدة كارثية جديدة، بل حكومة واقعية تنتهج سياسة تجنح للسلام العادل وللعدالة الاجتماعية.
("الاتحــــــــــــــاد")
الأحد 22/2/2004