كلمة <<الاتحاد>>
ضمائرهم أقوى من السجن!

يشكل قرار السلطات العسكرية المتعنّت، أمس، بنقل رافضي خدمة جيش الاحتلال المعتقلين في سجن "عتليت" العسكري، الى واحد من السجون المدنية، دليلا على "خطورة" هؤلاء الشبان الجريئين على الرواية الرسمية التي يروّجها قادة الجيش، كظلٍّ لرواية حكومة اليمين.

لقد مر الشبان الخمسة، الى جانب عشرات رفاقهم، دربًا شاقة لم يهتز خلالها موقفهم المبدئي والصلب، بل أصروا على رفض أخذ أي دور في تكريس الاحتلال على الشعب الفلسطيني (وعلى الشعب في اسرائيل بالتالي). وهم يتفوقون في موقفهم، كونهم لا يكتفون برفض الخدمة في المناطق الفلسطينية المحتلة (مع التقدير الكامل لهذا الشكل من الرفض)، وإنما ينطلقون من مبدأ أن أي دور في جيش يمارس الاحتلال، لا بد أن يساهم في تكريسه (الاحتلال).

هذا الموقف استفزّ مؤسسة الجيش، خاصة مع اتساع التأييد والتقدير لهؤلاء الشبان، محليًا وعالميًا. فهم يشكلون، بحقّ، النقيض الذي يكشف القاعدة. وهم،بقوة ضميرهم وجرأتهم واستعدادهم للتضحية، إنما يسلّطون الأضواء على مواقع الضعف في الرواية الرسمية التي تُصاغ بكثير من الكذب والخبث والتلفيق.

لقد اعتاد هذا الجيش ومسيّروه السياسيون على تسويق رواية "مكافحة الارهاب" و "انعدام الشريك" الفلسطيني وما شابه لتبرير حربهم المدمّرة على الشعب الفلسطيني. وهنا، يأتي هؤلاء الشبان ليقولوا شيئا آخر تمامًا: إن هذا الجيش يقود حربا عدوانية غير أخلاقية، في غير صالح الشعبين، ولذلك نرفض المشاركة فيها.
وربما أن هذا ما يفسّر مسلسل التشويه الذي يحاول واضعوه من خلاله تصوير كل من الرافضين نوعام باهاط، حجاي مطر، آدم مؤور، شيمري تسميرت ومتان كمينير  كـ "مثيري شغب"!! وهذا مع العلم أنهم أثبتوا خلال ظهورهم أمام المحكمة أنهم يتحدثون انطلاقًا من الضمير والوعي والأخلاق.

وهذه المعركة ليست معركتهم فقط، ولا معركة القوى التقدمية اليهودية وحدها. إنها معركة كل المصرّين على انهاء الاحتلال وتحقيق حياة تقوم على السلام والعدل بين الشعبين في البلاد الواحدة. وبهذا فهي احدى معارك جماهيرنا العربية أيضًا. وهي تستدعي القيام بكل أشكال الدعم السياسي الكفاحي لهم.

ففي وضع يحارب فيه أصحاب نهج "الغاء الشريك الفلسطيني" كل بارقة "تهدد" استمرار حربهم، من واجبنا نحن المؤمنين قولا وممارسة بوجوب خلق واقع آخر لمصلحة أبناء الشعبين، أن نقوّي الجسور واللغة والكفاحات المشتركة مع أصحاب الضمائر في المجتمع اليهودي.

("الاتحاد")


الخميس 19/2/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع