ملف فلسطيني في <<الحركة الشعرية>> المكسيكية

حيفا - مكتب "الاتحاد" -  جاء العدد الأخير من مجلة"الحركة الشعرية" التي تصدر في المكسيك حافلا بنتاج من عدة بلدان عربية ومهاجر في انحاء من الارض واحتوى على ملف عن الشعر النسائي الليبي واخرعن الشعر الفلسطيني.

ملف الشعر الفلسطيني ضم في تنوعه نتاجا سبق نكبة عام 1948 واخر حديثا من عمق انتفاضة الحجر الفلسطيني واتسم كله بحمل هم القضية الفلسطينية الكبير. الملف الاخر قدم نتاجا لشاعرات ليبيات حيث تعيش المرأة "تحت ظلال المجتمع الذكوري" دون سعي فعلي الى تجاوز نطاقه. وتحدث في العدد سوول ابر غون أبرز كتاب وشعراء اوروجواي عن "عولمة الفقر والخواء الروحي في العالم."

الصفحات المتوسطة القطع للمجلة "الورقية" اي غير الالكترونية المخصصة للشعر والتي شكلت كتابا من مئة وخمس وعشرين صفحة سجلت قصائد لحشد كبير من الاسماء ضم ما لا يقل عن 74 شاعرا وشاعرة من فلسطين وليبيا ولبنان وسوريا والعراق والمغرب وتونس والجزائر ولشعرء عرب في مهاجر منها النرويج ونيوزيلندا والمكسيك والنمسا والولايات المتحدة.
وكان للشاعرات نصيب بارز في هذا النتاج.

استهل العدد بكلمة عن الشعر كتبها شوقي أبي شقرا احد كبار شعراء الحداثة اللبنانيين رفض فيها القول ان الشعر في طريقه الى الاضمحلال "وان جمهوره الى قلة. الى افراد وان النافذة المفتوحة على الحديقة وعلى العالم الذي يزهر سوف تنغلق ولن يطل منها لا وجه الحسناء ولا وجه الخادمة وان هناك عبئا سيقع علىالكتفين."

الشاعر اللبناني "المهجري الجديد" قيصر عفيف رئيس تحرير المجلة التي يتولى محمود شريح امانة تحريرها كتب من المكسيك تحت عنوان "من يكون" قصيدة جاءت فاتحة قصائد العدد. جاء في القصيدة "أنا قبطان هذي الديار/ ترميني المرافئ الى الخيبة/ ويعلو حولي جدار الموج /حسرة اثر حسرة / وليس ما أحتمي به/أضيع/أمسك بالصنارة طويلا /وليس من سمكة /أجوع/ أقاتل اللغة طويلا/وليس من قصيدة/ أنصرف حالما بالمراكب والبواخر.../ لكنني أسقط في مغاور اليأس / راجيا أن يأتيني محسن بهدية تخلصني / فمن تراه يكون.."

الشعراء والشاعرات من اجيال مختلفة والاساليب متنوعة منها ما نجده عند الشاعرة التونسية فوزية العلوي. ففي قصيدتها "ظل الغراب" نهج كلاسيكي الى حد بعيد وان يكن على بعض ضعف كما في قولها "غراب ليس تنصفه الجهات (لا دوحة تهب المخادع للصقيع) لا طلحة تشدو فتنبعث اللغات" بينما نجدها في قصيدة أخرى "حديثة" بعنوان "فراغ " تقول "ليت لي مرآتك (كي أمشط عري هذا المساء) ليت لي لغتك/ فتطول ضفيرتي حتى تلامس كعب روحك."

وعند فرات اسبر الشاعرة السورية المقيمة في نيوزيلندا والتي تنشر باستمرار في المجلات الالكترونية الادبية والشعرية عبر الانترنت نجد فيضا وجدانيا مؤثرا في تصوير حي وموح وايقاع داخلي خفيض وهدار في ان واحد. مما جاء في قصيدتها الطويلة "المرأة التي لم يقرأها أحد" قولها "من وراء عين القلب نظرت المرأة الى كل هذا السواد/ قال.. ماذا أفعل بهذا الابيض الشاسع /بأي عصا أرمي ذلك الشبح الذي تحوم حوله الغربان.../ دخلت المرأة في طقس الغرابة / المراة المجنونة لم تكن محفورة في كتاب / كانت تمر في بحة الحلم.../ تعب القلب الراكض وراء العمر/ وراء الماضي/ القلب الراكض الى المستقبل/ ماذا ستجني / كلمات أهمسها. ألا تصغي ايها المتعب.."

للشاعر الامريكي المخضرم لورانس فيرلنغيتي قصيدة بعنوان "ارفعوا الصوت عاليا" ترجمها قيصر عفيف الى العربية. يقول في القصيدة "جنون واسع يكتسح الارض/ وتحول أمريكا الهجوم على برجيها التوأم/ الى بداية الحرب العالمية الثالثة /والارهابيون في واشنطن يجرون الشباب الى الحرب/ وليس من يقول شيئا.../ الان وقت الكلام /أنتم كلكم ياعشاق الحرية/ انتم كلكم يا طلاب السعادة.../ الان وقت الكلام / قبل ان ياتوا ليناولوا منك."

ومن اسماء المساهمين الكثر في النتاج الشعري اللبناني منصور عجمي من نيويورك وتونسيون بينهم حسين قهواجي ومغاربة منهم لبكم الكنتاوي وعراقيون منهم رحاب حسين الصائغ وعبد القادر حميدة من الجزائر واخرون.

ملف الشعر النسائي الليبي أعده عبد الباسط بو بكر وفيه عشر شاعرات هن كريمة حسين وخديجة بسيكري وخلود الفلاح وسميرة البوزيدي ونعيمة الزني وسعاد يونس وحواء القمودي وام الخير الباروني وهدى علي عمر وعائشة ادريس المغربي. استهل بو بكر المقدمة التي كتبها مستشهدا بقول كريمة حسين "تتداعى كنص قصيدة / أرغب العيش بين قوافيها / أعاهدك بأني لن أكسر القوافي/ ولن أهدم السياق العام لنصك/ بل سأستمتع بكل تجلياته / قد أكون المتن قد أكون الهوامش/ فقط اترك لي متسعا للبوح."

وقال بوبكر ان الشاعرة في هذا المقطع الذي اعتبره نموذجيا يمثل مواقف سائر الشاعرات اجمالا "تلخص...أغلب الكلام الذي نود ان نقوله. انها ترغب فقط في مساحة للبوح. هذه المرأة الشاعرة التي تعيش تحت ظلال المجتمع الذكوري تخضع لمفاهيمه وتتحرك في اطاره. تحاول ان تخرج على السياق العام ليس بمحاولة كسره ..لكن من خلال خلق حالة البوح الخاصة..."
اضاف "والنصوص المختارة للشاعرات لا تخرج في اغلبها عن اطار (الانا) بأي حال من الاحوال كما أنها لا تشكل استثناء في تجربة الشعر الليبي خاصة والعربي عامة."

الملف الفلسطيني اعده الدكتور تيسير الناشف بعنوان "مختارات من الشعر الفلسطيني "وفيه نتاج لما يزيد على 40 اسما بينها أسماء شهيرة عرفت قبل نكبة 1948 منها ابراهيم طوقان وعبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) وفدوى طوقان وسميرة ابو غزالة وسلمى الخضراء الجيوسي وجبرا ابراهيم جبرا امتدادا حتى فترة تالية وصولا الى الاسماء الشهيرة المعروفة وبينها توفيق زياد وكمال ناصر ومحمود درويش واحمد دحبور وسميح القاسم ومعين بسيسو وعزالدين المناصرة ومي الصائغ وغيرهم.
تحدث الناشف عن الهم المشترك -أي المأساة الفلسطينية- بين جميع هؤلاء الشعراء وغيرهم ممن لم يورد أسماءهم فقال "لا يمكن لاي شاعر أن يكون بمعزل عن تجاربه السياسية والقومية والانسانية... فهذه الظروف والتجارب طبعت الشعر الفلسطيني بطابعها."

اختتم العدد بحوار مع الكاتب والشاعر سوول ابر غوين اكبر كتاب اوروجواي المعاصرين أجراه معه حسن الوزاني. ومما قاله " لا أستطيع شخصيا أن أكتب دون استحضار ماسي القرن والخواء الروحي للعالم وعولمة الفقر والمجاعة وانعكاسات الهيمنة بامتداداتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتراجع الديمقراطيات."


الثلاثاء 17/2/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع