كلمة <<الاتحاد>>
زعرنة بوليسية في الناصرة!

لا شك أن جهاز الشرطة محقّ في معارضته لخطة الحكومة تقليص ميزانياته. ويتأكد ذلك في ظل المعطيات المقلقة عن اتساع العنف والجريمة في المجتمع الاسرائيلي.
قبل كل شيء، يجب إعادة التأكيد أنها ظاهرة ذات مصادر عدة، أولها عنف الدولة المتمثّل بالاحتلال، بما يعنيه من ذهنية ومن هدر لأموال الجمهور على مشروع دموي، عنيف وغير أخلاقي. وثانيها سياسة إشاعة الفقر بما يتضمنه الأمر من إحباط يطلق العنف من قمقمه. ومن هنا تأكيدنا أنه يجب شن حملة ضد الجريمة بكافة أبعادها، بما في ذلك جرائم الفساد التي يطال لهيب شبهاتها رئيس حكومة اليمين أريئيل شارون.
مع ذلك فلا يمكن التسليم بحقيقة أن تكون الشرطة جزءًا من ظاهرة العنف التي يتذمر ضباطها منها! ونقول هذا ازاء الممارسات البوليسية الوحشية التي شهدها أحد أحياء مدينة الناصرة، أمس (أنظروا خبرًا ص 3 من هذا العدد).
فبحجة اعتقال فلسطيني لا يملك تصريحًا، وهو عامل يشقى ويكدّ لتحصيل لقمة العيش لأسرته، قامت قوة مدججة من الشرطة وما يسمى "الوحدة الخاصة" الشهيرة بسلوكها المنفلت، بالاعتداء على ذلك العامل وعلى مواطنين احتجوا أو حاولوا توثيق ما يجري. فأحد التجار احتجّ على اقتحام محله وتلقى ردًا عنيفًا وقحًا من "مسؤولي حفظ النظام"، وهو سلوك يلائم الزعران وليس الشرطة. وعندما حاول مواطن أن يصوّر ما يجري، وجد نفسه يتعرض لاتهامات واهية تفوح منها رائحة التآمر الكاذب، وكأنه "حاول اختطاف مسدس أحد الشرطيين"، وجرى اعتقاله!! وقد وقع هذا كله من خلال إثارة ذلك الجو المعهود من الترهيب والصلافة التي لا يزال يصطدم بها مواطنون عرب في "لقاءاتهم" مع الشرطة!
لقد كان يجدر بقادة الجهاز البوليسي أن يستخلصوا العبر بعد جرائم أكتوبر 2000. ولا نزال نطالب قائد شرطة الشمال يعقوب بوروفسكي أن يطبق ما يدعيه من "تغيير التعامل مع المواطن العربي" منذ ذلك الحين. ولكن إزاء الزعرنة البوليسية أمس في كبرى مدننا العربية يحتاج بوروفسكي وغيره الى إثبات ما يدعونه وإلا سيكونون شركاء في هذا الانفلات!
وبالطبع يظل صاحب الشأن هو جماهيرنا وحركاتها ومؤسساتها. وهنا يجب رفع صوت الاحتجاج عاليًا حتى تعود بعض الأنوف البوليسية المتورمة بصلفها الوقح الى حجمها الطبيعي. وهذا يستدعي منا وقفة سياسية وشعبية وقضائية.

("الاتحاد")


الثلاثاء 17/2/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع